ثقافةصحيفة البعث

ملتقيات تشكيلية .. ولكن !؟

أقيمت منذ بداية هذا الصيف عدة ملتقيات فنية تعنى بالرسم والنحت بالترافق مع فعاليات ثقافية واجتماعية حرص منظموها على دوريتها كل عام حتى تحولت إلى ما يشبه المهرجان الهادف إلى تنشيط السياحة في هذا المكان من خلال  تقديمه بصيغة اجتماعية لا تخلو من حفاوة تليق بسمعة أهله وجدارتهم بهذا الانتماء، ولا يخلو الأمر هنا من تعاون عدة جهات اجتماعية أهلية ورسمية ثقافية كجهات راعية لم تقتصر في تقديم ما يلزم وحسب المقدرات المتاحة لإنجاح هذه الفعالية وإثمارها بالتعاون والتطوع والمبادرة.

هذه الظاهرة الايجابية قد تتوفر في منطقة دون سواها ! ربما يعود ذلك لأهمية الموقع السياحي وتقبل المجتمع الأهلي وتعاونه كشريك ثقافي وحضاري، ومن الجدير أن نذكر بعض هذه الفعاليات التي ثابرت على دوريتها مثل ملتقى الدلبة في مشتى الحلو وسيلينا وملتقى جبلة الذي ترافق مع حفل موسيقي على مدرج قلعة جبلة الأثري وبمشاركة عشرين فنان سوري دعتهم وزارة الثقافة بالتعاون مع وزارة السياحة كما شهدت مدينة حمص ملتقى نحتي هام في الحواش وكانت حصيلته مجموعة من الأعمال النحتية المتميزة ، هذه الملتقيات غابت عن محافظات أخرى وقد تأجل البعض منها مثل ملتقى حلب الذي أعلن عن إقامته قبل نهاية هذا الشهر.

هذه الملتقيات تتطلب تكاليف مادية تتوزع على تأمين بعض المواد الأولية ومستلزمات الإقامة ومكافأة مالية رمزية تقدم للفنان المشارك، بالطبع ترصد وزارة الثقافة ميزانية مدروسة لهذا النشاط التي تقوم برعايته  ويتم الاستعانة ببعض الجهات المحلية والأهلية التي تبادر في تحمل شيء من الخدمات اللازمة ، كما تقوم بعض الجهات الخاصة برعاية الملتقى وتقدم كل متطلبات تحقيقه بشكل ناجح بدءاً من اختيار الأسماء المشاركة إلى آخر التفاصيل الضرورية حيث تعود هذه الأعمال إلى ملكية الجهة صاحبة الدعوة .

ربما ينظر البعض إلى هذا الأمر بصيغة الاستثمار في الفن وهذا ليس عيبا أو فيه شيء استغلال الفنان، بل هو استثمار نافع متحضر ومشجع ويدفع بأصحاب المال نحو التوجه إلى السعي نحو الربح الأبقى والأكثر ضمانة إنه الاستثمار في الثقافة والفن، حتى أن بعض الدول سنت قوانين وفرضت ضرائب وعفت بعض المؤسسات المالية من الضرائب مقابل إسهامها في دعم و نشر الثقافة وتعزيز قيم معينة في المجتمع عن طريق اللوحة التشكيلية والمسرح والتربية والرياضة . حتى أن البنوك تقتني أعمالاً فنية وتساهم في رفع أسعار البعض منها في السوق العالمية، كما أضحت هذه الأعمال ثروة مالية كبيرة قابلة للزيادة ولا تتأثر بأسعار الصرف العالمية ولا يترتب عليها في بعض الدول الضرائب بل تكتفي الجهات المالكة بدفع مستحقات التأمين خلال النقل أو الإعارة .

ننهي حديثنا عن الملتقيات بالمطالبة والتنبيه إلى ضرورة دعمها والاستثمار فيها، كما نسأل عن دور الجهات العامة في تعزيز ثقافة اللوحة والمساهمة في دعم الثقافة وأن لا يكون شأنها شأن الوزارة المختصة فقط بل شأن المجتمع كله خاصة وأننا أصبحا وجه لوجه أمام مصير يحتم علينا أن نكون في المواجهة بكل عتادنا الميداني وخاصة عتادنا الثقافي الذي يعد السلاح الأكثر صقلاً في الدفاع عن الهوية والوجود الحضاري .

أكسم طلاع