مجلة البعث الأسبوعية

دراما المنصات مواصفات خاصة.. جرأة في الطرح

البعث الأسبوعية-أمينة عباس

مع عصر السرعة والتطور الرقمي الكبير ظهرت المنصات الرقمية منافساً قوياً للمحطات الفضائية في عرض الأعمال الدرامية التي تخضع فيها لشروطٍ توافقت مع عصرنا ومزاج المشاهد اليوم، خاصة من الجيل الشاب على صعيد جودة الصورة من ناحية الإخراج وأداءٍ تمثيلي عالي المستوى وإنتاج سخيّ وعدد حلقات قليل من ناحية النص بعد أن ملَّ المشاهد من الأعمال الدرامية الطويلة (ثلاثون حلقة) إضافة إلى أن المُشاهد يختار الوقت المناسب للمشاهدة التي لا تتخللها إعلانات باتت تشكل إزعاجاً حقيقياً للمُشاهد، خاصة في شهر رمضان، أما بالنسبة للمخرجين ومنهم رشا شريتجي فقد أكدت في تصريحها للبعث أن العملَ للمنصّات تفرضُ على المخرج آلية عملٍ مختلفة عن آلية الأعمال الدرامية التلفزيونية الرمضانية على صعيد الإيقاع والنوعية والإنتاج وعدد أيام التصوير، وحتى الأفكار المسموحة فيها التي قد تكون –برأيها- في بعض الأحيان خطيرة أو غير مناسبة للدراما التلفزيونية التي تدخل إلى كل البيوت، مبينة أن للمنصات شروطاً وتوجهات ونوعية لا يتم التنازل عنها أبداً، وهي مع هذه الشروط لأنها في النهاية تساهم في تقديم عمل بمستوى فني عالٍ، لذلك فهي لا تمانع من العمل مع هذه المنصات، وهي اليوم بصدد تنفيذ مشروع مع منصة شاهد.

أكثر جرأة في الطرح

وأشار الكاتب أسامة كوكش إلى أن منطق المنصات الإلكترونية تختلف عن منطق التلفزيون، فمُشاهد المنصات هو مُشاهد يتوجه لمادة بعينها، أي أنه يتوجه إلى عمل ما بشكل مقصود، في حين أن التلفزيون المتواجد في كل بيت ينشر أعماله للجميع إلى جانب أن منطق المنصات -برأيه- تتوجه لشرائح معينة من المُشاهدين، وعلى الكاتب أن يُلاحق ذائقةَ هؤلاء المُشاهدين، بالإضافة إلى ما تريده المنصات، مؤكداً أن ما يميز الأعمال التي تبث عبر المنصات أنها أكثر جرأة في الطرح على صعيد الأفكار واختيار الموضوعات بشكل عام.

 

مواصفات خاصة

وأوضح الكاتب عثمان جحى أن التحول إلى المنصات قادم بلا ريب، والنص الذي يقدَّم إلى منصة يحتاج إلى مواصفات خاصة، منها الحرية غير المتاحة في المحطة أو العرض التلفزيوني لأن شرط المنصة مختلف عن شرط التلفزيون، مبيناً أن المُشاهد يدفع في المنصة كي يشاهد، ويتوقع أن يشاهد عملاً جريئاً في الطرح والصورة ومختلفاً من ناحية الفكر والرصد، موضحاً أن العالم اليوم يتغير بسرعة ويتدحرج ككرة الثلج، والدراما لن تستطيع أن تواكبه لكنها تستطيع أن ترصد نقاطَ علام في مفاصل مهمة، والمنصات تحاول العمل على هذا، مع إشارته إلى أن الدراما بشكل عام حالة جمعية توجه الجمهور باتجاهات مدروسة، وبالتالي علينا أن نعرف أين وجهتنا ومصالحنا ونتعامل معها بذكاء.

خطوة إلى الأمام

وأكد الكاتب هوزان عكو أنه في الدراما التي تنتج للمنصات تكون كل العناصر متساوية وبالقوة نفسها، ولا يكون هناك إضعاف عنصر على حساب عناصر أخرى، وأن الفائدة التي تقدمها المنصات تكمن في كونها أوجدت نوعاً من التكامل بين عناصر العمل لأنها تركّز على جودة العمل بحد ذاته، بحيث لا يكون هناك خلل في أي عنصر من عناصرها، سواء أكان على صعيد الممثل أو مستوى الإنتاج والإخراج، فهي توظّف كلَّ العناصر من أجل إنجاحِ العمل ورفع قيمته، لكي يكون مناسباً وقادراً على لفت أنظار المشاهد، مبيناً أن المنصات دفعت بالدراما خطوة إلى الأمام من أجل مستوى الأعمال وسويتها، وهذا أمر إيجابي، وهو يتوقع أن نرى مستوى أعلى من الأعمال في القادم من الأيام نتيجة التكامل بين جميع عناصرها.

حالة من التوحّد

ورأى الفنان عابد فهد في أحد حواراته أن التلفزيون هو حالة اجتماعية وعائلية كبيرة، بينما المنصّة تحمل حالة من التوحّد والاستقلالية، وأن هناك شريحة في المجتمع ظُلمت من خلال المنصّات، وهو شأن تجاري، موضحاً أنه كممثل يهتم بعرض أعماله على أهم وجميع المنصّات ليشاهدها كل المشاهدين والمتابعين، معترفاً أن التنافس بين المنصّات يقوم على الجرأة ليس بهدف الإغراء وإنما لترجمة بعضِ المَشاهد الواقعية التي كان يُمنع تقديمها بسبب المحاذيرالتي تجعل هذه المَشاهد غير مكتملة، مؤكداً فهد أن المُشاهد لا يشبع من الأعمال التي ترصد الواقع، ولهذا فإن الأعمال الغارقة في الواقع تنتشر على نحوٍ كبير، مع إشارته إلى أن العمل يحمل قيمته كلما كان يحترم المشاهد، مبيناً أن الحرية هي الأساس في العمل الدرامي وإلا فستبقى الدراما تدور في حلقة مفرغة.

وفي المقابل بيّنت الفنانة ديما بياعة أن المنصّات سهّلت على المشاهد متابعة العمل الدرامي،خصوصاً أن الجيل الجديد بعد العام 2000 أكثر توجهاً للمنصّات، وهذا برأيها انعكس على الإنتاج، خصوصاً مع إنتاجات درامية خارج السباق الرمضاني.

نمط حديث

وبيّن المخرج باسم السلكا أن مسلسل “وثيقة شرف” كان ثاني تجاربه للعرض على المنصات الرقمية بعد “العميد” الذي تم عرضه على منصة شاهد مطلع العام 2020 مؤكداً أن الأعمال التي تُعرض على المنصات الرقمية مغرية لأي مخرج ليقدم المختلف فيها، حيث يقترب المخرجُ فيها من الشرط السينمائي على المستويين الفني والتقني، إضافة إلى ما تتطلبه الحكاية من تكثيف عال مع وجود هامش كبير في حرية طرحها مقارنة بالمسلسلات التلفزيونية، خاصّة تلك التي يتم إنتاجُها للعرض الرمضاني، مؤكداً أن إنجاز هذا المشروع كان فيه تحدّ كبير لتقديم عمل فنيّ بخبراتٍ سورية محلية، وهو عمل من النمط الحديث الشبيه بتجارب أعمال المنصات الإلكترونية التي تتطلب مستوى فنياً وتقنياً عالياً، مع تأكيده أنه كمخرج يسعى دوماً لتقديم ما هو جيد سواء كان عمله سيُعرض على المنصات أو على شاشة التلفزيون.

عصر السرعة

وأكدت الفنانة سوزان نجم الدين بطلة مسلسل “وثيقة شرف” الذي شهد عودتَها للدراما السورية بعد غياب عنها دام أربع سنوات أنها مع العشاريات التي تتبناها المنصات لأن العمل المكثف تصل فكرته بشكل أسرع للمشاهد ولأنها تنتهي بسرعة، وهذا ما يتناسب مع عصر السرعة اليوم رغم التعب والجهد المضاعف المبذول لإنجازه، لذلك كان هذا العمل بالنسبة لها من أكثر التجارب التي استمتعت بها وأجملها، مع تأكيدها على أن اهتمامها بما ستقدمه لا يرتبط بالمكان الذي سيقدم فيه حيث الإخلاص لديها واحد.

العزلة الأسرية

كما رصدت “البعث” الأسبوعية تصريحات وآراء المخرجين والممثلين المصريين حول دراما المنصات، حيث رأى المخرج محمد فاضل أن المنصات تساعد على العزلة الأسرية وتلغي دور التلفزيون وذلك على الرغم من أنها تعرض أعمالاً مشوقة وترفيهية، ولكن ليس لها رسالة اجتماعية.

في حين تؤمن الفنانة لبلبة أن وجود المنصات هو تطور طبيعي يتناسب مع عصرنا الحالي، وأن عرض الأعمال على المنصات بالنسبة لها له عدة فوائد، منها تقديم عمل وفكرة مختصرة في عدد حلقات مركزة بعيداً عن الملل والمط الذى يعانيه المشاهد عادةًمن جراء متابعة بعض الأعمال إلى جانب أنها فتحت سوق عمل جديد للفنانين والفنيين وصنّاع الدراما.

أما المخرجة إنعام محمد علي فقد بيّنت أن وجود المنصات يحرك المياه الراكدة في الإنتاج الفني ويمثل دوراً محورياً في سير العملية الفنية وتقديم أفكار متنوعة للفنانين، وتسمح بظهور مواهب من الأجيال الجديدة لتأخذ فرصها، والتي كانت من الصعب أن تنالها في الظروف العادية.