ماريو باربوسا: الموسيقيون السوريون جزء من عائلتي
رقصة الجاز المرحة “بولكا” كانت ضمن المقطوعات التي عزفها عازف البيانو البرازيلي ماريو باربوسا المتألق، والذي بدا قريباً من الجمهور السوري بحضوره اللطيف والمرح على المسرح مع الفرقة السمفونية الوطنية السورية بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان على مسرح الدراما في الأوبرا، وقد تميّزت بحضور كبير مع أفراد من الجالية البرازيلية في دمشق.
وتأتي ضمن سياق التعرف إلى الثقافات الموسيقية العالمية، وتبادل الخبرات الموسيقية بين أعضاء الفرقة السمفونية والضيوف، وفي كلّ لقاء يبهر الموسيقيون السوريون الضيوف وجمهور الأوبرا.
اتسمت الأمسية عامة برقة الجاز الهادئ وألحان الفالس المتماوجة، فعزف ماريو باربوسا مع الفرقة عمل المؤلف الروسي المعاصر الكساندر تسفاسمان (1971 – 1906) المؤلف وعازف البيانو والناشط بموسيقا الجاز الروسية لمتتالية جاز لآلة البيانو والأوركسترا المؤلفة من ألوان متعدّدة بين الرقص والفالس بحضور النحاسيات وآلات النفخ الخشبية والتأثيرات الإيقاعية، فبدأت بـ “ندفات الثلج”، تخللها فاصل بين الباصون والبيانو، ثم فالس غنائي بدأ بالبيانو ثم بالتناغم بين البيانو والهورن ثم الآلات الخشبية ودور الوتريات الأساسي والضربات الإيقاعية الخفيفة، ثم رقصة البولكا وحركة سريعة كان البطل فيها البيانو بالعزف المنفرد الذي شكّل حيزاً مهماً من الأمسية، أبدى فيه ماريو براعته بالانتقالات بأبعاد الصوت والتغييرات اللحنية بين مساحات العزف بنغمات هادئة وألحان ممتدة.
وفي القسم الثاني من الأمسية، عزفت الفرقة للمؤلف الروسي تشايكوفسكي (1893 – 1840) متتالية “كسارة البندق”، مصنف رقم 171، تضمنت افتتاحية منمنمة بمشاركة الهارب وآلة الكلافيسان التي عزف عليها فادي جبيلي، وتميّزت باليه كسارة البندق بحضور النحاسيات ولاسيما الهورن والبوق، واتسمت بجمالية البداية مع الكلافيسان والوتريات الخافتة، ليتصاعد اللحن مع تصاعد الحلم والدخول برقصات متتابعة مع كسارة البندق التي تحوّلت إلى أمير من المارش إلى رقصة جنية حلوى السكر وصولاً إلى الدور الخاص لآلة الفلوت مع الوتريات في رقصة آلات الفلوت الصغيرة، لينتهي الحلم العاطفي بفالس الورود وعودة الأمير إلى دمية كسارة البندق بدور التشيللو مع الوتريات، لتأتي القفلة القوية بضربات التيمباني مع الفرقة.
ويعدّ عازف البيانو البرازيلي ماريو باريوسا الحاصل على جائزة العازف المفضل لدى الجمهور من العازفين المعروفين بالبرازيل، وقد عزف في البرازيل وأوروبا والولايات المتحدة، ويقوم حالياً بالتحضير لرسالة الدكتوراه بالعزف على البيانو من جامعة كولورادو بولدور الحكومية التي يدرّس بها أيضاً، بإشراف البروفيسور دافيد كوريفار.
تطور الموسيقا البرازيلية
وأوضح في حديثه الخاص لـ “البعث”- ترجمة رامز الطباع الذي يعمل في سفارة البرازيل في دمشق- أهمية عزفه مع الفرقة السمفونية الوطنية السورية، أما عن فقرة العزف المنفرد الخاصة التي قدمها، فتابع بأن كل مقطوعة من المقطوعات التي عزفها تمثل فترة زمنية مختلفة من موسيقا البرازيل منذ البدايات في عام 1850 حيث كانت الموسيقا مستوحاة من الأوروبيين، إلى أن بدأ بعد ذلك البرازيليون بإضافة صوتهم الخاص إلى موسيقاهم. فكانت المقطوعات متنوعة ما بين الرومانسية الأوروبية إلى الإيقاعات البرازيلية.
وأشار إلى أن العمل مع الفرقة السمفونية كان رائعاً جداً، وبأن التعاون بينه وبين الموسيقيين السوريين بقيادة المايسترو الراقي ميساك باغبودريان كان تعاون أصدقاء، إذ كان التفاعل والتناغم بيننا كلمح البصر أحسستُ ومنذ اللقاء الأول معهم بأنني أعرفهم منذ عشرات السنينن، لذلك أعتبر الموسيقيين السوريين جزءاً من عائلتي.
في حين كان التفاعل مع الجمهور السوري مذهلاً وغير متوقع إلى هذا الحدّ، وقد فوجئتُ باندماجهم بالعزف وبتفاعلهم مع حديثي المباشر معهم، وأحسستُ بالطاقة والحيوية التي يتحلون بها.
حضارة سورية
وعقب بأن دار الأوبرا في دمشق تعكس ثقافة سورية وحضارتها وموسيقاها، وأضاف: شعرتُ بقربها مني، فكل الأشخاص فيها جعلوني أشعر أنني في منزلي بترحيبهم وحفاوتهم وتفاعلهم الإيجابي معي.
وقد زار ماريو باربوسا أماكن متعدّدة في دمشق، كما زار معلولا وأعجب بطرازها الحضاري الرفيع، وكان يتمنى زيارة أماكن أخرى لكن لمحدودية الوقت لم يستطع، ويتمنى أن يزور معالم أخرى في سورية حينما تتاح له زيارتها مرة ثانية، كما عبّر عن حزنه لمغادرة سورية التي أحبها وأحب شعبها الطيب واللطيف جداً.
حضور ثقافي برازيلي
السيدة فالنيس باتيستا العاملة بالقسم القنصلي في سفارة البرازيل في دمشق أعربت عن سعادتها بالإصغاء لعزف ماريو باربوسا في الأمسية التي تدلّ على التبادل الثقافي بين البرازيل وسورية، وتابعت بأنه من المتوقع أن يوجد حضور ثقافي بصور متعددة بين البرازيل وسورية ولاسيما على الصعيد الموسيقي، لأن العلاقات بين سورية والبرازيل جيدة جداً، وهذا أمر جميل جداً.
ملده شويكاني