أبحاث في مجالات توليد الطاقات المتجددة توفر ملياري يورو سنوياً للاقتصاد الوطني
دمشق- فاتن شنان
يتصدّر استثمار مصادر الطاقات البديلة اهتمام الحكومة والباحثين على حدّ سواء نتيجة النقص الحاصل في الطاقات التقليدية وصعوبات الحصول عليها بسبب الحصار الاقتصادي، وتعاظم الحاجة لاستثمار مصادر الطاقة المتجدّدة والمتوفرة في بلدنا، ومنذ وقت طويل يُشار إلى أهمية استثمار الطاقات المتولدة من النفايات المنزلية والصناعية ونفايات الصرف الصحي، وقدرتها على توفير كمية كبيرة من الطاقة، إلا أنها لا تزال مهملة، ولم تتخذ إجراءات مهمّة حيالها بغية الاستفادة منها وتوظيفها في الاحتياج العام للطاقة، ولكن لغاية اليوم لم تتمكّن الجهات الحكومية من استثمارها بالشكل المطلوب، وعلى الرغم من وجود أبحاث دقيقة مقدمة من قبل العديد من الباحثين إلا أنها تبقى قيد الدراسة أو التأجيل رغم الحاجة الملحة لوجود مصادر بديلة عن الطاقات التقليدية.
وفي هذا السياق بيّن مدير البحث العلمي في جامعة تشربن الدكتور هيثم شاهين أن الأبحاث المقدمة تواجه مشكلات عدة، أهمها غياب التمويل لتنفيذ الأبحاث ووضعها موضع التنفيذ على أرض الواقع، بالإضافة إلى العديد من الإشكاليات التي تتعلق بحقوق الباحثين وآلية عملهم والتي تحتاج إلى أنظمة وقوانين واضحة تحفز الباحثين على إنتاج أبحاث تلبي متطلبات الجهات العامة، وتقدم حلولاً اقتصادية من شأنها تخطي الصعوبات والإشكاليات التي تواجه الاقتصاد الوطني.
ولفت شاهين إلى تقديمه بحثاً حول استخلاص الغاز الحيوي من نفايات المطابخ والصرف الصحي والنفايات الزراعية، مؤكداً أن النفايات يمكنها أن تولد أرقاماً مذهلة من الغاز الحيوي، إذ تمّ جمع كافة أنواع المخلفات والتي تُقدّر بحسب آخر الأبحاث بنحو ٣٩٧ مليون طن، وينتج عنها نحو ٤.٦ مليارات متر مكعب من الغاز الحيوي، كما أنها توفر عائداً مادياً وطاقوياً مرتفعاً، فالعائد المادي يُقدّر بنحو ملياري يورو سنوياً في حال إدخال مجمل المخلفات الحيوية في عملية الهضم اللاهوائي، ويمكن استخدام الغاز الحيوي لأغراض مختلفة، منها توليد الطاقة الكهربائية لتغطية كافة الاحتياجات منها.
غير مكلف
شاهين أكد أن هذا الاستثمار غير مكلف وآلية العمل فيه ليست معقدة، وعلى الرغم من وجود جهود في هذا السياق، إلا أنها لا تزال جهوداً خجولة، فالمخمرات الموجودة محدودة جداً، إذ يوجد محطة في مدينة دمشق لمعالجة مياه الصرف الصحي والهاضم اللاهوائي يمكنه توليد طاقة أكبر من الناتج الحالي، وبالتالي لابد من إعادة النظر في عملها. وبيّن شاهين أن هذا النوع من المشاريع غير مكلف وكلفته التأسيسية بسيطة مقارنة بمشاريع إنتاجية أخرى، ولاسيما بوجود عوائد مالية كبيرة منها فور بدء التشغيل، ولكن يبدو أن التوجّه إليها لم يدعم بتعليمات وإجراءات مشجعة تحفز الدخول لهذا المجال. وكشف شاهين عن وجود تجارب بحثية في مجال المخمرات اللاهوائية في الهيئة العليا للبحث العلمي لمصلحة وزارة الصناعة، بالإضافة إلى تجربة في جامعة دمشق في منطقة المزراب، ولكن وبحسب رأيه يبدو أن المخمرات لم تدخل مرحلة التسويق الجدية.
تخصيص مالي
لا شك أن هناك العديد من الأبحاث في هذا المجال، إلا أنها تهمل رغم عرضها على الجهات المعنية، ولذلك بيّن شاهين أنه تمّ اقتراح تخصيص جزء من الميزانية العامة، كما هو مطبق في معظم البلدان لمصلحة البحث العلمي -المقدّر بـ٤%- يمكن أن يغيّر آلية التعاطي مع الأبحاث بشكل عام، لذلك تمّ اقتراح تخصيص ١% فقط من الناتج الوطني، وبالتالي كل وزارة أو جهة معنية تصبح مسؤولة عن تمويل بحث علمي يعالج إشكالياتها، ويقدم حلولاً مجدية تزيل المعوقات أو توقف الهدر لديها، مؤكداً أن الاقتراح تمت دراسته وسيتمّ عرضه على رئاسة مجلس الوزراء قريباً.
غياب تشريعي
كما أشار شاهين إلى إشكاليات أخرى تواجه الباحثين بشكل عام وتخفض إنتاجهم العلمي، ولاسيما بغياب الإطار التشريعي لعملهم وحماية حقوقهم ومستحقاتهم المالية، ولذلك تمّ دراسة استصدار قانون لتحفيز البحث العلمي ينصف الباحثين ويحفزهم على التفرغ للبحث العلمي في الجامعات أو خارجها، وسيكون بمثابة تحول جديّ باتجاه الأبحاث العلمية، ويكفل تشجيع كافة الباحثين لإنتاج أبحاث مهمّة تصبّ في مصلحة الاقتصاد الوطني.