استقالات بالعشرات من الحكومة البريطانية.. وجونسون يرفض الاستقالة
لندن – وكالات
رفض رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، الأربعاء، الدعوات المتتالية المطالبة باستقالته مع ارتفاع عدد الاستقالات بين وزراء حكومته، وأكّد، في كلمة أمام مجلس العموم البريطاني، أنه “لن يرحل من منصبه، بالرغم من سلسلة الاستقالات التي طالت حكومته، ومن تراجع الدعم عنه بشكل كبير”.
وحاول جونسون، الذي يبدو أن عزلته تتزايد يوماً بعد يوم، استغلال جلسة مجلس العموم للرد على الأسئلةـ، في محاولة منه لإظهار صلابة موقفه. مكرراً التبريرات التي ساقها إثر أحدث فضيحة أضرت بصورة حكومته وأدت إلى تصدعها.
وفي وقت سابق، حاول جونسون إعادة تثبيت أركان سلطته، من خلال تعيين، ناظم الزهاوي، وزيراً للمال، وهو النجم الصاعد في حزب المحافظين. لكن أداءه في الرد على أسئلة المشرعين قوبل بإيماءات صامتة، وفي بعض الأحيان، بضحك صريح. وفي لحظة ما، تلقى جونسون سؤالاً من أحد أعضاء حزبه عما إذا كانت هناك أي ظروف على الإطلاق تقتضي منه أن يتقدم فيها باستقالته؟
وأجاب جونسون أنه “لن يستقيل إلا إذا عجزت الحكومة عن مواصلة أداء عملها”، حتى أن بعض زملاء جونسون في الحكومة حاولوا جاهدين كتم ضحكاتهم حين سخر زعيم حزب العمال المعارض من حكومته، لكونها “خفيفة الوزن”.
وقال جونسون أمام النواب: “عندما تكون الأوقات عصيبة.. هذه بالضبط هي اللحظة التي تتوقع فيها أن تواصل الحكومة عملها، لا أن تنسحب.. وأن تباشر المهام المنوطة بها وأن تركز على الأشياء التي تهم الناس”، مؤكداً أن الحكومة ستكمل ولايتها.
وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني إن “جونسون يعتقد أنه سيفوز مرة أخرى في حال التصويت على الثقة في مجلس العموم”.
وارتفع عدد الاستقالات، حتى مساء الأربعاء، ما بين وزراء ووزراء مفوضين، إلى 27، بينهم وزير الصحة ساجد جاويد، ووزير المال ريشي سوناك، ووزيرة العمل والمعاشات ميمس ديفيز، ووزير التجارة والطاقة والصناعات الاستراتيجية لي رولي، ووزير الإسكان ستيوارت أندرو، ووزير التعليم ناظم الزهاوي، ووزير الأسرة والطفولة ويل كوينس.
واستقال النائب السابق عن حزب المحافظين البريطاني مارك لوجان من منصبه كأمين برلماني خاص لمكتب أيرلندا الشمالية.
وقال لوجان في رسالة إلى جونسون: “يجب أن نواجه ونحترم الواقع الذي يحدق في وجوهنا”.
كما استقالت وكيلة الوزارة البريطانية لشؤون الحماية راشيل ماكلين من منصبها الأربعاء، لتصبح أحدث مسؤول حكومي يتنحى احتجاجاً على قيادة جونسون.
ورغم أن جونسون قد عيّن بشكل سريع، وزراء جدداً في مواقع المستقيلين، فإن أزمة ثقة تلوح بالأفق قد تُسقط الحكومة بشكل كامل في وقت قريب.
ويتعرض جونسون، الذي تم تعيينه رئيساً للوزراء في 2019، لضغوط متزايدة، حيث لم ينجح في تجاوز تقرير وثق الحفلات المليئة بالمشروبات الكحولية والتي شارك فيها كبار رجال السلطة عندما كانت بريطانيا تخضع لإغلاق صارم من أجل التصدي لجائحة كورونا.
وفي حزيران 2022، نجا جونسون من السقوط، بعد اقتراع على الثقة، متجاوزاً تحدياً لقيادته في أعقاب خلافات بين أعضاء الحزب حول مخالفة جونسون لتدابير جائحة كورونا، وانقسامات حول السياسة الاقتصادية وأسلوبه في قيادة الحكومة.
وقد رسمت الصحف البريطانية صورة كئيبة لرئيس الوزراء، حيث كانت عبارة ”اللعبة انتهت” العنوان الرئيسي لصحيفة التايمز، التي أضافت أنه “من الخطأ” بالنسبة لجونسون مواصلة التعلق بالسلطة لأنه “فقد ثقة حزبه وبلاده”.
وكتبت التايمز: “ليست هناك فرصة محتملة أن يستطيع جونسون، الذي فشل في الحصول على دعم 148 من أعضاء البرلمان في تصويت على الثقة الشهر الماضي، استعادة سلطته لتوفير القيادة الفعالة التي تحتاج إليها البلاد في وقت تواجه فيه أزمة وطنية حادة”.
وأضافت الصحيفة: “كل يوم يستمر فيه يعمق من الإحساس بالفوضى. ولصالح البلاد، يتعين عليه الرحيل”.
وفي داخل الصحيفة، وصفت كاتبة العمود ليان مارتين الفوضى داخل الحكومة، مع إعرابها عن الشعور بأمل محدود إزاء نديم الزهاوي الذي تم تعيينه وزيرا للخزانة بعد استقالة سوناك.
وقالت مارتين إن اسميْ كل من وزير الصحة السابق جيرمي هانت، ووزير الدفاع بين والاس يترددان كخليفين محتملين لجونسون.
وفي صحيفة تليغراف، قال اللورد ديفيد فروست، وزير شؤون بريكست السابق، إنه يتعين على جونسون التخلي عن منصبه أو المخاطرة ” بأن يجر الحزب والحكومة معه إلى الحضيض”.
وأضاف فروست أنه بعد استقالات أمس الثلاثاء: “يحتاج الوزراء الآخرون في الحكومة الآن إلى التفكير فيما إذا كانوا سعداء حقا بالاتجاه الحالي لسير الأمور”.
أما صحيفة ديلي إكسبريس، فقد وصفت جونسون بأنه “مجروح” لكنه “متحرر”، وكتبت في صفحتها الأولى أن رئيس الوزراء يواصل جهوده مع تعهده بخفض الضرائب. وأشاد ستيفن جلوفر، كاتب عمود في صحيفة ديلي ميل، بجونسون باعتباره “سياسيا استثنائيا يفوق كل أعضاء الوزارة الآخرين”.
وقال إن جونسون سوف يُبجل لنجاحه في تحقيق بريكست، ولكن رغم كل إنجازاته يبدو الآن محكوما عليه بالفشل.
وتعتقد بولي توينبي، وهي كاتبة عمود بصحيفة الغارديان، أن طريقة رحيل رئيس الوزراء والتوقيت الدقيق لذلك هو “فقط ما تبقى نظره”.
وكتبت تقول: “قليلون للغاية من يتوقعون خوضه الانتخابات المقبلة. ويمكن للجنة 1922 تغيير القواعد على الفور بين عشية وضحاها، وإجراء تصويت على قيادة أخرى، في ظل كل الدلائل على أنه سيفشل في المرة القادمة”.