الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

تحية لأبناء هذه الأرض

سلوى عباس

في 7/ 7/ 2007، الساعة السابعة وسبع دقائق، انطلقت إذاعة “شام أف أم” التي ناغمت ما بين المتعة والفائدة، وتحوّلت عبر رؤية مديرها الأستاذ سامر يوسف إلى مشروع إعلامي متعدّد المنابر، وقد ساهم في تعزيز هذه الرؤية الكادر الإعلامي العامل في هذه الإذاعة، ودرجت الإدارة منذ انطلاق الإذاعة على الاحتفال بميلادها بإضاءة شمعة جديدة في هذا المشروع الإعلامي الوطني، وما وصلت إليه “شام أف أم” الآن هو نتيجة أحلام عاشها الأستاذ سامر الذي يرى أنها ترتبط بالوطن بشكل عام، وقد شاركه نسج خيوط هذه الأحلام الإعلامية هيام حموي بمهنيتها العالية وثقافتها المتميّزة، إذ بدأت مشوارها الإعلامي من إذاعة دمشق المشهود لها بالعراقة، ومن ثم كان صوتها الدافئ في إذاعتي مونت كارلو والشرق يبحر بالمستمعين على موجات الحلم، وقد منحوها محبتهم عبر متابعتهم لبرامجها، لتتابع شغفها الإذاعي في إذاعة “شام أف أم”، وقد اختلفت تجربتها فيها عن تجربتها في مونت كارلو والشرق، ففي هذه المحطة هي شريكة فيها، أتت إليها بشخصيتها وأفكارها وأسلوبها في العمل، فهي تتعامل مع مهنتها بمحبة جنت ثمارها نجاحاً مهنياً يرضي الجمهور الذي تتوجّه إليه بكل ما يحمله هذا النجاح من مصداقية وصدق، ومع كلّ هذه المسيرة الإعلامية التي تجاوزت النصف قرن لازالت هيام تحلم بالكثير من العطاء، ولازالت بداخلها هذه الطفلة التي تحبّ الورد والياسمين، وقد سعت أن تكون هناك إذاعة تسمعها العائلة كلها، فمن وجهة نظرها الإذاعة التي تضمّ فيروز وزياد والطرب والحديث والأخبار والضحك وبعض الأجنبي هي إذاعة تحاول استقطاب أكبر عدد من المستمعين.

اليوم تضيء “شام أف أم” شمعتها الخامسة عشرة “لأبناء هذه الأرض” عبر احتفالية امتدت على مدى خمسة عشر يوماً، ابتدأت ببرنامج “حكايات من هذه الأرض” عبر حوارات امتدت لحلقات سبع أجرتها معها الرائعة هيام بلمسات إخراجية للعزيز حسام العاتكي، وقد عبّرت المقدمة التي ابتدأت بها هيام أولى الحلقات أجمل تعبير عن الحضارات التي شيّدها أبناء هذه الأرض، إذ قالت: “بعدد ما أنبتت هذه الأرض من حبات قمح منذ بدء التاريخ، حبات أينعت ونضجت وحُصدت وتجدّدت، بقدر ما توالدت فيها الحكايات والأساطير العجائبية والمدهشة، يصبّ مجملها في سياق مجرى الخلود والأزلية، تلك الأزلية التي تستمد كنهها من أزلية باريها، وقد يلزمنا أزل لنتعرف على مجمل هذه الحكايات، سنستمع لبعضها من سيدة الحكايات لعلها تنعش فينا ذاكرة تعطّلت بعض جوانبها بفعل الأزمنة الصعبة التي مرّت علينا في العصور الحديثة وفي السنوات الأخيرة، والقصد أن نحافظ على إيماننا بأن هذه الأرض تغلبت في كل محنة سابقة على ظلمة الأيام، وظل اسمها رمزاً للشرق والنور والشمس”.

وبما أن “شام أف أم” ولدت في 7/ 7/ 2007، ولأن للأرقام سحرها وأسرارها، كانت بداية الحديث عن الرقم 7 وأسراره وعلاقة الرقم 7 بالرقم 15 الذي هو ميلاد الإذاعة، فذكرت الباحثة بسبع ممالك سورية مدهشة وساحرة، وسبع حضارات عظيمة شكلت الحضارة السورية، بدءاً من الحضارة السومرية ثم الأكادية والبابلية، مروراً بالآشورية والكنعانية، وصولاً إلى الفينيقية والآرامية. كذلك سبعة اختراعات وابتكارات مبكرة، وأسماء سبع شخصيات تاريخية مشهورة في العالم كله، وسبعة أرباب أو آلهة من الطبيعة السورية، وسبع أساطير تعليمية خلقت في هذه البلاد، وسبعة أعياد ومناسبات كان السوريون يحتفلون بها منذ آلاف السنين، ورقم 15 الذي هو الرقم السري للآلهة عشتار إلهة الحب والحياة.

أيضاً انعكس تقديس الرقم 7 على الحياة اليومية للناس، فكان عندهم الملوك السبعة والحكماء السبعة والقضاة السبعة والمدن السبع والجبال والبحار والرياح السبعة والأحجار السبعة والألوان السبعة (قوس قزح) والسلم الموسيقي السباعي والشاكرات السبع والفنون السبعة.

اليوم تتوّج “شام أف أم” احتفاليتها بحفل فني في دار الأسد للثقافة والفنون، فكل عام وإذاعة “شام أف أم” وكادرها إدارة وعاملين بألف خير، ولتكن رسالتها وردنا القادم في أرض العطاء عبر أجيال تعيش شغفها بالفن الإذاعي.