دراساتصحيفة البعث

ما بين مجموعة السبع والبريكس

عناية ناصر

كشفت قمة مجموعة السبع التي جرت في ألمانيا مؤخراً على أنها نادٍ حصريّ للدول الغنية، وذلك بسبب سياساتها البعيدة عن الواقع. من جهة، أعلن قادة مجموعة السبع عن رصد مبلغ 600 مليار دولار بحلول عام 2027 لمشاريع البنية التحتية في جميع أنحاء العالم، والتي تُسمّى “الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار”، في محاولة لعرقلة استمرارية مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، وتضييع للبوصلة في نواحٍ كثيرة، ليس أقلها أن مبادرة الحزام والطريق قد أكملت بالفعل ما قيمته أكثر من 600 مليار دولار من المشاريع بحلول عام 2019. والأكثر من ذلك، أن التنمية ليست لعبة جيوسياسية محصلتها صفر، حيث يظهر مسار تاريخ العالم، على الأقل حتى الآن، أن مستويات المعيشة العالمية قد ارتفعت في جميع المجالات بشكل عام، ويعود ذلك إلى التقدم التكنولوجي بمرور الوقت. بالطبع ليس هذا هو الحال تماماً في الولايات المتحدة، إذ أن مستوى المعيشة للأجيال الجديدة من الأمريكيين آخذ في الانخفاض، وبحسب مراقبين أمريكيين، فقد تراجعت واشنطن عقوداً إلى الوراء بإلغائها حق المرأة في الإجهاض، مما مهّد الطريق لمزيد من التدهور في الحقوق المدنية وحقوق الإنسان.

وفي ظل هذه الظروف، ليس من المستغرب أن صيغة مجموعة السبع بقيادة الولايات المتحدة لا تتماشى مع الحقائق والظروف الحالية، لكن رغم ذلك واصلت الولايات المتحدة وباقي الدول في مجموعة السبع مواقفها العدائية من خلال حزمة جديدة من العقوبات ضد روسيا، والإعلان عن المزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا بدلاً من توفير المخرج اللازم للتوصل إلى حلّ دبلوماسي سلمي للصراع الجاري، حيث من المرجح أن يحول هذا النهج الصراع الجاري في أوكرانيا إلى قضية طويلة الأمد، والتي ستهز الاقتصاد العالمي ولاسيما أوروبا.

تجدرُ الإشارة إلى أن عدداً قليلاً من الحكومات، والتي تمثل جزءاً صغيراً من سكان العالم، تدعم ذلك النهج مما يظهر مرة أخرى كيف أن مجموعة السبع بعيدة المنال، وغير وثيقة الصلة بالمجتمع الدولي الحقيقي.

وإذا ما تمت مقارنة نتائج مجموعة قمة السبع مع قمة مجموعة “البريكس” الأخيرة يتبيّن أن  نتائج “البريكس” كانت موحدة على خلاف مجموعة السبع، وذلك من خلال امتناع دول “البريكس” عن التدخل في الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا، ورفض أعضائها الانضمام إلى العقوبات أحادية الجانب بقيادة الغرب.

كانت مجموعة السبع منذ البداية أداة بيد الولايات المتحدة، وهذه القمة الأخيرة لا تختلف عن سابقاتها، حيث تمّ إعطاء المجتمعين قائمة بما اتفقت عليه واشنطن، وقاموا بالمصادقة عليه دون أي نقاش، مما يظهر أن نتائج القمة محدّدة مسبقاً!.

وفي الوقت نفسه، فإن مجموعات مثل “البريكس”، ومجموعة “بريكس بلس” رائدة في تطوير الجزء الجنوبي من العالم، ولهذا السبب أنشأت مجموعة “البريكس” بنك التنمية الجديد في عام 2014، كبديل قابل للتطبيق عن صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي الذي يقوده الغرب.

في الواقع، لقد تمّ تقديم الوعود الطنانة باستمرار للمساعدة في الاستثمار في جنوب الكرة الأرضية من دون أي تطبيق عملي، ومع ذلك أصبح هذا الجزء المهمّ من العالم، بقيادة مجموعات مثل “البريكس”، تحالفاً مستقلاً تماماً، ولا يحتاج إلى مساعدات من نادي مجموعة السبع الحصري.