ولادة طريق تجاري تاريخي
هيفاء علي
تفيد آخر المعلومات أن هناك محاولات لنقل البضائع الروسية من أستراخان إلى ميناء في جنوب إيران، ومن ثم إلى وجهتها في ميناء جواهر لال نهرو في مومباي، حيث تشكّل موانئ جواهر لال نهرو جزءاً من ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب، وهي تمثل خطوات الهند الأولى في انضمامها إلى محور روسيا وإيران والهند الناشئ.
يأتي ذلك وسط تصدّع في العلاقات بين الهند والولايات المتحدة، بسبب تنامي تجارة النفط مع روسيا، ورفض الانضمام إلى المعسكر الغربي المعادي لروسيا. وفي الوقت عينه، تقف الهند في الخط نفسه مع الصين بشأن ما يُنظر إليه على أنه ضغط أمريكي أحادي لإجبار البلاد على الانحياز إلى الجانب الأمريكي.
هذه الخطوة، بدأت بعد أن قام وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بزيارة الهند في 8 حزيران الماضي، وإجراء محادثة هاتفية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في اليوم نفسه. وعليه، يمكن رؤية جزء من ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب الذي يربط أسواق روسيا وإيران وآسيا في السياق الأوسع للتحالفات المتغيّرة والترتيبات البراغماتية، مدفوعة في المقام الأول بالتقلبات الاقتصادية لحقبة وباء كورونا المعادية لروسيا.
الشحنات الخارجة هي عبارة عن حاويتين طولهما 40 قدماً من الشرائح الخشبية، ويبلغ وزنهما الإجمالي 41 طناً، تمّ تحميلهما في سانت بطرسبرغ إلى أستراخان، حيث سيتمّ إعادة تحميلهما في ميناء سوليانكا، ومن ثم تعبر بحر قزوين لتصل إلى ميناء إنزلي الإيراني قبل التوجه جنوباً إلى بندر عباس والمحطة الأخيرة في الرحلة إلى نهافا شيفا في الهند.
من خلال هذه الخطوة، تروّج إيران لمشروعها الإقليمي الموازي في شكل سكة حديد خاف- هرات. وبحسب خبراء الاقتصاد، فإن تقليل الرحل من 40 إلى 25 يوماً أمر مهمّ في سياق ارتفاع التضخم الحالي الذي يشهده العالم. وهدف الهند المعلن من هذه الشراكة هو الوصول إلى آسيا الوسطى عبر تشابهار الذي لم تتمكن من تحقيقه بسبب الضغط الغربي.
قبل 73 عاماً، قسّم البريطانيون شبه القارة، وقسموا وسط وجنوب وغرب آسيا للحدّ من نفوذ الاتحاد السوفيبتي السابق في المنطقة. وباعتبار أن الهند كانت لها حدود برية مع إيران وأفغانستان، فقد تمّ وضع خطة مفصّلة لاختراق آسيا الوسطى، وكانت تلك الخطة ستشكل خطراً على القوى البحرية، ولكن أدى تكامل الأرض من خلال الاستمرارية الطبيعية للكتلة الأرضية الأوروبية الآسيوية الشاسعة إلى تقويض طرق التجارة البحرية، والتي يعتقد المؤرخون أنها كانت أداة رئيسية للحكم الاستعماري الغربي.