تعهد بضمان أمنها كـ “دولة يهودية”.. بايدن فور وصوله إلى إسرائيل: “لست بحاجة لأن تكون يهوديا كي تكون صهيونيا”
فلسطين المحتلة – تقارير
“لست بحاجة لأن تكون يهوديا كي تكون صهيونيا”، هذا ما قاله الرئيس الأمريكي جو بايدن في أول تصريح له فور وصوله إسرائيل، واستقباله في مطار اللد الدولي، اليوم الأربعاء، وقبل أن يزور متحف تخليد ذكرى ضحايا المحرقة وهو يعتمر قبعة يهودية دينية سوداء.
وأكد بايدن أن منظومة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية اليوم أقوى من أي وقت مضى. وقبل مغادرته المطار استعرض منظومات عسكرية جوية إسرائيلية يتم تطويرها في هذه الفترة لـ ”اعتراض صواريخ بقبة حديدية متطورة تعمل بالليزر”.
وكان في استقبال بايدن، عصر الأربعاء، عدد كبير من الساسة الإسرائيليين على رأسهم رئيس حكومة الاحتلال يائير لبيد.
وبعد الاستقبال الرسمي وفق البروتوكول الدبلوماسي، قدم رئيس إسرائيل يتسحاق هرتسوغ كلمة سياسية مطعمة بمصطلحات دينية قال فيها إن إسرائيل تعتبر جو بايدن بمثابة الأخ يوسف ابن يعقوب. وتابع معربا عن أمنية الإسرائيليين بضم السعودية لدائرة التطبيع التام والمعلن: “زرت البلاد عام 1973 عشية الحرب واليوم تزور مجددا ورياح السلام تهب من شمال أفريقيا عبر البحر المتوسط وصولا إلى الخليج. هذه مسيرة سلام من إسرائيل إلى السعودية وللديار الحجازية المقدسة، وكلنا أمل وصلاة بأن تنجح زيارتك هذه بدفع حلم إقليمي يتمثل بالازدهار والتطبيع والسلام والأمن، وأهلا وسهلا بك في بيتك وأنت صديق حقيقي كبير لإسرائيل”.
من جهته، قال لبيد: “إننا فرحون برؤيتك هنا.. لإعادة بناء تحالف عالمي قوي مع واشنطن ضد إيران وللحاجة إلى إعادة إنشاء تحالف عالمي قوي يوقف البرنامج النووي الإيراني وبناء منظومة أمنية واقتصادية جديدة مع شعوب الشرق الأوسط في أعقاب اتفاقيات أبراهام وإنجازات قمة النقب” حسب تعبيره.
وفي كلمته، وكما كان متوقعا، شدد بايدن على ما وصفه بـ “الشراكة الاستراتيجية في المصالح والقيم بين الولايات المتحدة وبين إسرائيل”، وعلى التزام بلاده بضمان أمن ومستقبل إسرائيل دون إشارة لإيران، وهذا ما يتضمنه “بيان القدس” وهو تصريح سياسي مشترك سيعلن عنه بايدن ولبيد، غدا الخميس، وهو إعلان متجدد للتحالف الوثيق بين الجانبين وللرغبة بتعزيز مساعي التطبيع مع دول خليجية وعلى رأسها السعودية.
وفي الشأن الفلسطيني، اكتفى بايدن، كما كان متوقعا أيضا، بضريبة شفوية على شكل تكرار قول سابق له بأن حل الدولتين هو الحل الأفضل. وأضاف: “انتظر لقاءاتنا في الأيام القريبة، وإسرائيل والولايات المتحدة ستستمران في النمو والازدهار معا، لمصلحة العالم كله”.
بايدن الذي تعرض عدة مرات لإهانات إسرائيلية في الماضي آخرها الكشف عن مشروع استيطاني في شعفاك تزامنا مع زيارته لإسرائيل نيابة عن الرئيس الأسبق باراك أوباما، عاد وتحدث عن حق اليهود في فلسطين، وقال إن هناك حاجة إلى سلام أكثر، واستقرار أكثر. وتابع: “العلاقات بين إسرائيل كدولة يهودية والولايات المتحدة ستستمر في الأيام القريبة في تغطية أي موضوع مرتبط بمستقبلنا المشترك. ونحن موحدون بقيمنا المشتركة وبرؤيتنا”.
بايدن تعهد بإعطاء دفع لعملية “اندماج” إسرائيل في المنطقة في تلميح للتطبيع مع الرياض. كما إنه “تشرفت بقضاء وقت مع غولدا مائير، وجلست بجانب يتسحاق رابين. أنظر إلى ذلك الآن وأدرك أنه كان لي شرف أن أكون جزءًا من التاريخ الرائع لدولة إسرائيل”.
ووصل بايدن إلى متحف ضحايا المحرقة في القدس المحتلة برفقة زوجته حيث أشعل شموعا ووضع أكاليل الورد راحة للضحايا اليهود. وتحدث مع سيديتن من الناجين.
وفي المحطة الأخيرة من اليوم الأول لزيارة بايدن، وصل إلى فندق “الملك داوود” في القدس المحتلة. ومن المفترض أن يلتقي، الخميس، رئيس حكومة الاحتلال يائير لبيد، إذ من المنتظر أن يعلنا معا عن “بيان القدس”، وهو مستند جديد يمتد على أربع صفحات يرسم ملامح العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل ويتضمن تعهدا أمريكيا بضمان أمن إسرائيل ومنع إيران من بلوغ السلاح النووي. ومن المتوقع أن يجري بايدن عدة لقاءات مع جهات إسرائيلية أخرى. وفي صباح الجمعة من المفترض أن يزور مستشفى في الشطر الشرقي من القدس المحتلة قبل انتقاله إلى بيت لحم حيث سيلتقي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
ولا تحمل هذه الزيارة أي بشرى سياسية للشعب الفلسطيني. وتأتي دون تلبية مطالب السلطة الفلسطينية كفتح القنصلية الأمريكية في الشطر الشرقي من القدس، وإلغاء اعتبار منظمة التحرير منظمة إرهابية، وإعلان عن وقف الاستيطان، واستئناف مفاوضات السلام، واستئناف الدعم المالي وغيره.
وكان البيت الأبيض قد علل تغييب القضية الفلسطينية هذه المرة بالزعم أن حكومة إسرائيل مؤقتة وغير مستقرة.
وتأتي هذه الزيارة بعدما واصلت الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة الانسحاب من الشرق الأوسط، مما أدخل إسرائيل والسعودية وبقية دول الخليج العربي في حالة ضغط وتوجيه انتقادات لواشنطن خاصة بعد الانسحاب المهين من أفغانستان وبالتزامن مع تقليص الحضور العسكري في سورية والعراق. لكن الحرب في أوكرانيا غيرت الموازين والحسابات، إذ تشهد الولايات المتحدة تفاقما في أزمة اقتصادية داخلية. وهي تطمع بأن تستجيب السعودية لمطلبها بزايدة كميات النفط من أجل خفض أسعار الطاقة في العالم. وهذا هو الهدف الأهم للزيارة بعد تطمين حلفائها في المنطقة بأنها يمكن الاعتماد عليها وبالتالي قطع الطريق على الصين من بسط نفوذها، علاوة على تعميق التطبيع بين دولة الاحتلال ودول عربية.
وعلى خلفية ذلك يحذّر الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي الجنرال في الاحتياط غيورا ايلاند من تفويت فرصة في هذه الزيارة بقوله للإذاعة العبرية العامة: أخشى عدم فهم إسرائيلي لرؤية الولايات المتحدة للحرب في أوكرانيا ورغبتها بعدم إنهائها بسبب رغبتها بإسقاط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
يشار إلى أن جهات إسرائيلية تتوقع أن تثمر هذه الزيارات عن خطوات إضافية على طريق التطبيع مع السعودية منها فتح المزيد من أجوائها أمام الطيران الإسرائيلي وربما فتح خط جوي مباشر بين تل أبيب وبين جدة لتمكين فلسطينيي الداخل من أداء الحج والعمرة بدلا من فعل ذلك عبر الأردن.