المهن المنزلية ..فرص عمل لآلاف الأسر.. وعائدية اقتصادية ذات جدوى معيشية ؟!
دمشق- البعث الأسبوعية
الكثير من الأمثلة التي تثبت فاعلية العديد من الحرف والمهن التي يمكن القيام بها في المنازل كالخياطة وصناعة الملابس الصوفية والتطريز وغيرها من الأعمال لتامين لقمة العيش كما باتت تتخذ أشكالا أخرى من الأعمال في ظل متغيرات كثيرة ترتبط بتطور أساليب الحياة ،ومنها ما يتعلق بتجهيز الخضار للطبخ كحفر الكوسا والباذنجان وتجفيف الملوخية وفرم البقدونس وتقشير الثوم ثم تغليفها بأكياس شفافة وبيعها في الأسواق
كما هو الحال في سوق التنابل كما يحلو للكثيرين تسميته وسوق الشيخ سعد و الشيخ محي الدين، و باب سريجة بالإضافة إلى العديد من متاجر الخضار في المناطق الراقية التي اعتمدت على بيع هذه المنتجات بشكل كبير خصوصا في الأحياء الراقية .
كسالى أم مضطرين
فكرة العمل أصبحت جزء لا يتجزأ من أسواق الخضار في كافة المحافظات السورية رغم اقتصارها على بعض الأماكن التي تسكنها الطبقات الغنية ولكن انتشارها ساهم بان تأخذ إشكالاً واسعة السيدة “أم يزن “وهي من رواد سوق التنابل (الشعلان) الدائمين أكدت أن النساء من زبائن السوق لم تعد تكتفي بشراء الخضار المفرومة والجاهزة بل بدأن يطلبنها مطبوخة وبالتالي فان تجارة هذا السوق ساهمت في خلق فرص عمل من خلال تعاقد بعض أصحاب المحلات مع نساء يجدن الطبخ بشكل ممتاز ليطبخن كافة أنواع المأكولات وإرسالها لمن طلبها وهن غالباً من طبقة موظفات القطاع الخاص والسيدات الثريات اللواتي وجدن راحتهن بهذه الطريقة وهنا تختلف الكلفة بحسب الطعام المطلوب وترتفع الأسعار بحسب كل صنف وما يحتويه.
ويرى بائع خضار في السوق ” أبو علي الطرابيشي” أنه منذ بداية العمل بسوق التنابل وتحضير الخضار الجاهزة للطبخ بدأت هذه الصناعة بالتطور وتكونت شريحة ليست صغيرة تعمل في هذا المجال حتى غدت صناعة قائمة بحد ذاتها وهنا يجب الإضاءة على عدة نقاط منها : أن تحضير هذه الخضار بكافة أشكالها يعود بالنفع المادي على من يحضرها وعلى الباعة بالسوق وهناك الكثير من السيدات اللواتي أصبحن يعملن ضمن ورشات متخصصة في إعداد الخضر حسب مواسمها والتي يقع الكثير منها في منطقة “كفرسوسة” وأسعارها بعد تحضيرها تحمل هوامش ربح بسيطة وتعتمد على بعض أنواع الخضار المستوردة في غير مواسمها وفي خضم الظروف الاقتصادية الصعبة بات هناك الكثير من العائلات التي توجهت إلى هذا العمل بحثاً عن فرصة عمل من خلال إعداد الخضرو هذا النوع من المنتجات يؤمن فرصة عمل حقيقة ومردود مادي لعائلة لديها الخبرة والوقت لتصنيع هذه الأصناف من الخضراوات الجاهزة .
غياب المؤشرات
يدخل هذا النوع من الإعمال بما يسمى ” مشاريع متناهية الصغر ” إلا انه يتم تنفيذه ببساطة بالغة ودون تعقيدات ادارية ودراسات جدوى من وجهة نظر الباحث الاقتصادي علي منصور الذي يؤكد على أهمية دور هذه المشاريع اقتصادياً واجتماعياً حيث بات العالم يعمل على تقسيم المشاريع على أساس كبيرة ،متوسطة ،صغيرة إلا أنه لا توجد معايير موحدة لهذا التقسيم وكل دولة لها معاييرها الخاصة فيما يمكن ان تطلق مشروع كبير او متوسط او صغير ،وتزداد مشكلة التعريف مع مصطلح رائج الاستخدام للتعبير عن بعض أصناف المشاريع “المشروع المتناهي الصغر “لكن مع ذلك لا يوجد تعريف محدد لهذا النوع من المشاريع على مستوى مختلف الدول حتى ضمن الدولة الواحدة قد تتباين الآراء في تكوين فهم جامع لها ،ومع ذلك نجد الكثير من التوصيفات للمشروع متناهي الصغر ويوضح منصور أن سورية تواجه هذه المشكلة فالغالب أنه لا توجد أي جهة تمتلك حالياً مؤشراً كمياً عن نسبة لمشروعات المتناهية الصغر إلى إجمالي المشروعات القائمة في البلاد لكن من المتوقع أن يتم في صيف هذا العام تعداداً شاملاً لمختلف المشروعات مما سيساعد إلى حد ما بتكوين صورة أفضل عن حجم المشروعات وتوزعها وفق معايير توضع لهذه الغاية .
اهم السمات
تقدر نسبة المشاريع الصغيرة والمتوسطة في سورية بأكثر من 98% قبل الأزمة ويبدو أن هناك تداخل في كثير من الأحيان بين المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر بسبب عدم دقة التعريف للفصل بينها في تلك الفترة ،علماً أن معظم المشروعات في سورية تراجع حجمها في سنوات الحرب ولعل من أهم سمات المشاريع المتناهية الصغر عدم حاجتها إلى رأس مال مادي كبير لا سيما في مجال الآلات حيث تعتمد على وسائل بسيطة نوعاً ما أو كمية قليلة من التجهيزات وترتكز بشكل رئيسي على الأفكار المبدعة وخبرة صاحب المشروع ويضيف منصور انه من السهل تأمين مكان المشروع لأنه في الأغلب يتداخل مع ىسكن صاحبه وقد يكون مكان السكن نفسه ،كما ان صاحب المشروع هو العامل فيه ويعاونه في معظم الأحيان أشخاص من عائلته أو من المقربين منه وتتميز النماذج الرئيسية للمشروع المتناهي الصغر بأنها مشاريع تنتج منتجات محددة وتطرحها في السوق أي أن صاحب المشروع لا يستهدف زبائن معروفين من قبله بالإضافة إلى أن هذه المشاريع قد تنتج منتجات محددة لزبائن تم الاتفاق معهم مسبقاً أي أن هذه المنتجات لا تطرح في السوق كصناعة الصوف والخياطة وغيرها .
اثار سلبية
تنعكس أهمية المشاريع متناهية الصغر في سورية على خلق فرص عمل لدى الباحثين عن عمل بتكلفة قليلة ،أي مشاريع تزداد فيها أهمية عنصر العمل والإنتاج والجودة على أهمية عنصر رأس المال وهذا يتناسب مع حالة المواطنين السوريين التي تقل فيها الإمكانات المادية لدى معظم المواطنين غير العاملين لديها ،ومن ايجابيات هذه المشاريع بحسب احد المختصين بهذا النوع من المشاريع إمكانية نشرها على مختلف المحافظات والمناطق وحتى في أصغر التجمعات السكانية مما يساهم بدوره في تحقيق عدالة أكبر لتوزيع الدخل ،وتقليل معدل الفقر مع تحسين المستوى الصحي لأفراد الأسرة لتمكنهم من الحصول على الرعاية الصحية بسبب تحسين دخلهم ،وحرصهم على المحافظة على صحتهم باعتبارها أهم ما يملكون لاستمرار العمل ،ولكن هناك بعض الاثار السلبية حيث بينت الدراسة الأولية أن العلاقة عكسية بين المشاريع المتناهية الصغر المستوى التعليمي ،ويمكن تفسير ذلك أن بعض أفراد الأسرة يضطرون لترك التعليم لصالح العمل في المشروع المتناهي الصغر .