مجلة البعث الأسبوعية

محلل الأداء أحدث أفكار الكوادر الفنية وأكثرها تطورا ً في عالم كرة القدم

البعث الأسبوعيّة-سامر الخيّر

دخل التطور التقني عالم كرة القدم بشكل سريع خلال العقد الأخير، فبدأنا نشهد نشاة اختصاصات جديدة في عالم الساحرة المستديرة لم يكن لها وجود أو كان يقوم بها أشخاص أخرون بشكل غير مباشر، وأهم هذه الاختصاصات محلل الأداء ويوصف أيضاً بجراح كرة القدم، وربما هو حالياً أهم شخص بعد المدرب في عمل الأجهزة الفنية لدى أغلب المنتخبات والأندية العالمية، ويعتبر محلل الأداء حاضن المعلومات بأدق التفاصيل عن كل لاعب والشكل الجماعي لفريقه، وهو المعني بتقديم صورة فنية واضحة عن المنافسين، من حيث أسلوب اللعب ونهجه التكتيكي وأين تكمن نقاط القوة ونقاط الضعف.

وتحليل الأداء تعريفاً هو تخصص ناشئ يستخدم علم البيانات والأدوات التكنولوجية لتقييم أداء اللاعبين بطريقة موضوعية، وعلى الرغم من أنه يعتمد بشكل أساسي على البيانات الكمية إلا أن تحليل الأداء يعتمد أيضاً على المزيد من الأساليب النوعية، مثل تحليل الفيديو للتكتيكات والتشكيلات، وله ثلاثة تطبيقات رئيسة في أندية كرة القدم: الأول تحديد سياق الأداء، ويوفر التحليل للمدربين وموظفي الأداء الآخرين منظوراً موضوعياً لأداء لاعبيهم، والثاني تشريح الأنظمة التكتيكية واللعب، ويسعى المحلل إلى فهم كيفية عمل المبادئ التكتيكية في مواقف المباراة للمساعدة في بناء خطة لعب فعالة، وأخيراً تطوير نموذج التدريب، حيث يوفر تحليل الدورات التدريبية لموظفي الأداء المعلومات التي يمكن استخدامها للمساعدة في تطوير اللاعب، أما دور محلل الأداء فهو تنفيذ أربع وظائف رئيسة: هي جمع البيانات وتفسيرها، وردود الفعل الفنية والتكتيكية، وتحليل الفيديو.

سابقاً كان الجهاز الفني يشمل مدرب رئيس وآخر مساعد، وبعدها بسنوات أضيف مدرب الحراس، وتباعاً المدرب العام، ومساعد المدرب، ومدرب اللياقة البدنية، وأخيراً محلل الأداء، وكان دوره في البداية يتألف ببساطة من تسجيل جلسة تدريبية أو لعبة وإنشاء مقاطع فيديو مميزة لتقديمها للمديرين واللاعبين لمراجعتها، أما اليوم فيحتاج محلل الأداء إلى مزيد من الخبرة في العديد من أجهزة وبرامج التتبع التي جلبتها التطورات التكنولوجية إلى الصناعة، ما يسمح بجمع البيانات وتخزينها وزيادة متطلبات التدريب لتقديم البيانات، ففي يوم المباراة، يطلب المحللون تسجيل جميع الإجراءات التي تحدث على أرض الملعب لوضع علامة عليها لاحقاً، وإنشاء قوائم تشغيل فيديو لكل لاعب لليوم التالي، حيث سيكون لديهم بعد ذلك جلسات فردية مع اللاعبين بقيادة فريق الإدارة لتقديم ومناقشة المقاطع التي تظهر الأخطاء وأي إيجابيات من المباراة.

ليس هذا فحسب، فقد أدخل التخصص إلى عمل المحللين، فأصبحنا نرى مجموعة فرعية من الوظائف التي كان من الممكن أن يقوم بها المحلل التقليدي في الماضي، يقوم بها عدة أشخاص الآن مثل المحلل الكشفي أو المحلل التكتيكي أو محلل الأبحاث أو الكشافة الفنية أو محلل التدريب أو حتى محلل حارس المرمى.

وربما تكون أهم ميزة في عمل محلل الأداء هي تقريب الهوة بين أداء فريق ومنافسه نظرياً على الأقل، فمع تقدم التكنولوجيا ازداد توافر البيانات بسرعة، لذا يحتاج المدربون والفرق إلى محلل لمساعدتهم على التنقل عبر جميع المعلومات وإدارة قواعد بيانات الفريق وصيانتها، واستخدام برنامج تحليل الأداء لترميز الألعاب وتحرير اللقطات من الكاميرا، واستخراج البيانات من مزودين والمزيد من المهارات التقنية التي كانوا يتخيلونها في الماضي، وقد يعني عدم القيام بذلك أن المنافس التالي لفريق قد يعرف المزيد عن نقاط قوته وضعفه التي قد تفعلها حيال نقاط قوتهم.

وهنا نصل إلى السؤال المهم، كيف تصبح محلل أداء؟ يجب أن تجيد التعامل مع الوسائط التكنولوجية والبرامج المعلوماتية التي تساعدك على إعداد مقاطع الفيديو والتقارير المطلوبة، إضافة ًإلى الإلمام بالتدريب حتى تتمكن من تحليل الحصص التدريبية، ومعرفة كل ما يحيط بالتكتيك في الكرة، وبالإضافة إلى ذلك فإن محلل الأداء يُطلب منه تجهيز فيديو تحفيزي يعرض على اللاعبين قبل المباراة، ولكسب المهارة تدريجياً عليه البدء بالعمل مع الفرق المغمورة أو كمتطوع، أو يمكنك اتباع الدورات الخاصة التي يقوم بها الاتحاد الدولي لكرة القدم، حيث تبدي الفيفا اهتماماً كبيراً بهذا الاختصاص لكن المشكلة هنا في تكاليف هذه الدورات.

عربياً، تزايد اهتمام الأندية والمنتخبات العربية بهذه المهنة، فبات التعاقد مع أحد المدربين يأتي مصحوباً بالتعاقد مع محلل أداء أو أكثر بالجهاز الفني المساعد له، وفي سورية أبصرت هذه المهنة النور منذ خمس سنوات تقريباً، وقتها تردد المكتب التنفيذي كثيراً قبل الموافقة على استدعاء محلل أداء لمنتخب الناشئين، وبعدها أصبحنا نشاهده مع كل منتخباتنا لكن بوجود فارق كبير بين محللينا الذين يفتقرون للدورات الدولية وإنما يكتسبون خبرتهم من مشاركاتهم الخارجية مع منتخباتنا أو أنديتنا التي تتأهل إلى المسابقات القارية والعربية، وهم بالأساس اعتمدوا على تثقيف أنفسهم وتدريبها عن طريق فيديوهات التعريف، ومع وجود الرغبة والمردود الجيد دخل على هذا الاختصاص كل من لم يجد له مهنةً أخرى في عالم كرة القدم.