مجلة البعث الأسبوعية

السؤال الكبير..كيف لنا أن نُعظِّم استثمار ” مغتربينا”..؟

البعث الأسبوعية- قسيم دحدل

من المعترف به بشكل عام، أن تحويلات المغتربين تؤدي دورا هاما في استقرار الاقتصاد الوطني، وأنها تمثل أحد الروافد الرئيسية للدخل القومي، كما تساهم بشكل وازن في تكوين المدخرات القومية والتكوين الرأسمالي، بالإضافة إلى مساهمتها في تغطية الجزء الأساسي من متطلبات البلاد من العملة الصعبة وتعزيز موقف ميزان المدفوعات…

ومع ذلك، فإن القيمة التي يمكن أن تعطى بصورة موضوعية لدور المغتربين في التنمية، لا يجب أن تقتصر على التحويلات من النقد الأجنبي، ولو أن تلك التحويلات ساعدت على قدرة الحكومات في القيام بالتنمية وزيادة دور الدولة في هذا المجال وخاصة خلال السنوات الأخيرة

الملاحظ أن تحويلات المغتربين تستخدم من خلال سلوك استهلاكي مثل شراء الأراضي وبناء المنازل وشراء السلع المعمرة ووسائل النقل واحتفالات الزواج وتسديد الديون وتسديد تكاليف الدراسة والتدريب وتأهيل من يعولهم المغترب وشراء الأصول المنتجة وتمويل عمليات الاستيراد والادخار، والسلوك الآخر هو سلوك استثماري يتمثل في نقل جزء من رؤوس أموال المغتربين إلى الداخل لإقامة المشاريع الاستثمارية في مختلف المجالات وهناك  العديد من الأمثلة على هذه المشاريع التي قام بها المغتربون في عدد من المحافظة وخاصة الاستثمارات السياحية.

ولأجل تعظيم إسهامات المغتربين  ودورهم الاقتصادي والمالي في الوطن الأم، يجب استثمار كافة إمكانياتهم ومقدراتهم المادية والعلمية والعملية في قطاعات الاقتصاد الوطني، وإذا كان المغتربون من أصحاب رؤوس الأموال لا يشكلون نسب كبيرة في المغتربات من إجمالي عدد المغتربين، إلاَّ أن جذبهم أمر هام جدا، لاسيما إن استطعنا وعلى التوازي جذب المدخرات الشخصية لبقية المغتربين وخاصة الفئة المتوسطة منهم، وهذا موضوع غاية في الأهمية…

إن التركيز على المدخرات الشخصية للمغتربين، يعني أن هناك رقم لا يستهان به يجب استغلاله من خلال توجيه المغتربين إلى الاستثمار الجماعي عن طريق إقامة شركات مساهمة ذات ربحية مؤكدة تحفظ للمغتربين حقوقهم وتشجعهم على المساهمة في مثل هكذا مشاريع بهدف امتصاص هذه المدخرات أو جزء منها إلى الداخل، ومن جانب آخر نرى أنه من الضرورة بمكان تفعيل بتطبيق نظام التأمينات الاجتماعية على المغتربين بالخارج، لأن هذا بدوره أيضاً سيؤدي إلى جذب جزء لا بأس به من هذه المدخرات وسيعود بالنفع على المغترب نفسه في حالة عاد إلى الوطن عودة نهائية.

بالمختصر، إذا ما أمكن إقناع واحد من كل 10 مغتربين باستثمار 1000 دولار في الوطن، فستستطيع سورية جمع مئات الملايين من الدولارات سنويا، وربما عدد من المليارات سنويا، وعليه لا بد من العمل على إعداد قنوات اجتذاب تلك الأموال واستثمارها وهذا لا شك يحتاج لجهود ودراسات ننتظر ولادتها، إن ما أردنا فعلا قلب المحن لفرص وفرص كبيرة، مراهنين على قوة وصدق الانتماء التي يتصف به السوري لوطنه الأم.

Qassim1965@gmail.com