تحقيقاتصحيفة البعث

في ظل غياب الرقابة.. مواد منتهية الصلاحية ومخالفة للمواصفات تغزو المحال والبسطات في طرطوس!

تنتشرُ في العديد من المحال التجارية وعلى البسطات في مختلف شوارع طرطوس الكثير من المواد الغذائية والمنظفات مجهولة المصدر، والخطير في الأمر أن بعضها قد يكون منتهي الصلاحية ومخالفاً للمواصفات وشروط السلامة الغذائية والصحية، ويأتي في مقدمة تلك المواد أنواع عديدة من الجبنة واللبنة المكشوفة والمعلبة، وعلب اللبن وأكياس زعتر المائدة وبعض أنواع الشوكلاتة والمقرمشات، وكذلك بيع الأسماك على عربات مكشوفة وبلا وسائل تبريد وغيرها من المواد الغذائية، يضاف لها مواد المنظفات السائلة والجافة وأنواع عديدة من شامبو الشعر، والغريب أن تلك المواد تُباع على قارعة الطريق ويتمّ تداولها واستهلاكها واستخدامها بكل أريحية بعيداً عن عين الرقابة التي تتباهى بعدد الضبوط الخلبية وهي تصول وتجول، ولكن لا أثر ولا مفعول لها!!.

مقالب “غير شكل”؟

وفي جولة ميدانية على الأسواق كان واضحاً إقبال الناس على شراء تلك المواد رغم أن أسعارها ليست منخفضة، قياساً بأسعار مواد الماركات المعروفة في بعض محلات المدينة والتي تقوم ببيع المواد الغذائية من حبوب وزعتر بأصنافه وعلب السمنة وغيرها. وأثناء الحديث مع بعض المواطنين اعترف أحدهم بأنه أكل “مقلب غير شكل” على حدّ قوله، فعند شرائه كيلو زعتر من محل شكله الخارجي أنيق ونظيف، فوجئ بأن الزعتر مغشوش لا علاقة له بالزعتر الحلبي ذائع الصيت، والمطلوب بكثرة على موائد الفطور، موضحاً أن مكونات الكيس كانت عبارة عن مواد مطحونة غير معروفة نكهتها يضاف إليها القليل من زعتر بلا طعم واضح، وليس له من اسمه نصيب رغم أن سعره 5000 ليرة. فيما اعترف مواطن آخر بأنه اشترى ليتر زيت زيتون على أساس أنه مكفول، ولكن عند استخدامه كان عكس ذلك، حيث اكتشف أنه مخلوط بزيت نباتي.

الأمر نفسه تكرّر مع مواطن آخر عندما اشترى علبة سمنة منتهية الصلاحية، وعندما ذهب لصاحب البسطة ليستبدلها لم يجده، حتى أن البعض اشتكى من الغش في وزن السمنة، فمن يشتري علبة على أساس أنها بوزن /2/ كيلو غرام يفاجأ بأنها أقل بكثير، علماً أن التاجر أو البائع يتقاضى سعرها على أساس وزن /2/ كيلو غرام!.

القائمة تطول

للأسف قائمة المواد التي من الممكن إدخالها ضمن مخالفات الغش والتدليس تطول وتطول، وخاصة مواد المنظفات بأشكالها وألوانها الزاهية، التي هي أقرب إلى الأصبغة من الفاعلية الحقيقية لتنظيف الملابس أو الأواني، ومع ذلك فإن الدوريات التموينية لا تتحرك إطلاقاً لضبط مثل هذه المخالفات الجسيمة المعروضة التي يتعرّض لها المستهلك، مبررة بأن أذرعها قصيرة وغير قادرة على مراقبة كامل الأسواق نظراً لقلة عددها وربما خبرة القائمين، مكتفية بالتعويل على ثقافة شكوى المواطن، حيث يتمّ تنظيم الضبوط اللازمة على أثرها في حال ثبتت المخالفة بحسب رأي بعضهم!.

كلام ووعود..!

ورداً على سؤال “البعث” حول أسباب ضعف الرقابة، سواء فيما يتعلق بمراقبة الأسواق أو تحليل عينات قبل السماح ببيعها، بيّن بشار شدود مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في طرطوس أن الرقابة المسبقة موجودة، حيث تقوم دوريات حماية المستهلك بهذه المهمة في المعامل والمصانع وحتى الورشات التي تقوم بأعمال التعبئة والتغليف، وذلك في نطاق عملها ضمن المحافظة. أما بالنسبة للمواد التي يتمّ تصنيعها خارج المحافظة، فقد أوضح شدود أن دوريات حماية المستهلك تقوم بأخذ عينات لكل مادة عند دخولها المحافظة، وفي حال وجود مخالفة سواء لجهة المواصفات أو منتهية الصلاحية وغير ذلك، يتمّ فحصها وتحليلها ومخاطبة مديرية التجارة الداخلية في المحافظة المعنية التي تقوم بدورها بمخالفة المعمل وإعلامنا بالنتيجة.

التلاعب بالوزن

وبخصوص الشكوى من التلاعب بالوزن، بخلاف ما هو مدوّن على غلاف العلبة، أشار شدود إلى أن القانون أعطى هامشاً لذلك (زائد ناقص 20%) من الوزن الحقيقي، وبالتالي فإن وجود نقص أقل من الوزن الحقيقي قد يكون لمصلحة التاجر أو صاحب المعمل، إلا إذا كان النقص أكبر من ذلك بكثير، حيث تقوم دوريات حماية المستهلك بمخالفة التاجر أو صاحب المعمل ولكن بناءً على ثقافة الشكوى، إذ نعتمد كثيراً على شكوى المواطن في هذا المجال، كون إمكاناتنا محدودة، لجهة النقص بعدد المراقبين الذي لا يتعدى 65 مراقباً، وهذا الرقم ليس كافياً لمراقبة الكميات الكبيرة من المواد التي تدخل الأسواق كلّ يوم، وتحول هذه الإمكانيات دون القدرة على تحقيق رقابة فاعلة 100%، لافتاً إلى أنه يتمّ يومياً تنظيم عشرات الضبوط التموينية بخصوص المخالفات المتعلقة بالوزن أو الصلاحية أو المخالفة للمواصفات ويتمّ بموجبها فرض عقوبة إغلاق المحل بسبب ذلك.

للأسف هذا هو واقع الحال في أسواق طرطوس، رقابة ضعيفة وثقافة شكوى معدومة، ما يجعل تجار الغش وضعاف النفوس الذين يتاجرون بقوت المواطن ينشطون دون حسيب ورقيب يفرض عليهم عقوبات رادعة، ويبقى السؤال: لماذا لا يتمّ زيادة عدد المراقبين في الأسواق والتأكيد على دورهم الفاعل في ظل ما يُحكى همساً وعلناً عن ضعف هذا الدور؟!.

طرطوس- لؤي تفاحة