خمسون ساعة زلزلت الكيان الصهيوني
علي اليوسف
خمسون ساعة من القتال كانت كافية لتثبيت معادلة أن للمقاومة الفلسطينية اليد العليا، وأن الكيان الصهيوني أوهن من أن يكسر عزيمة الجهاد الإسلامي. لقد كان ردّ الجهاد، الذي انحنى له محور المقاومة مجتمعاً، درساً مناسباً للكيان الصهيوني، بل مزلزلاً للكيان الذي تفاجأ بتبدل معادلة الردّ التي كانت سائدة في السابق، بحيث تأكد من اليوم فصاعداً أن المعادلة تغيّرت وأن المقاومة ليست كالأمس، فهي باتت تمتلك معادلة الردع الموجعة، بل القادرة على التحكم بزمام القتال، ومواجهة الكيان الصهيوني في عقر داره.
وأمام معطيات الأحداث الأخيرة، من الضروري رفع مستوى الوعي الشعبي بقوة المقاومة وقدرتها على قلب الموازين، وبالتالي إبراز دور الشباب الفلسطيني بصفتهم عوامل للتغيير، وخاصةً أمام قطار التطبيع، والإجراءات التي تتخذها “إسرائيل” -السلطة القائمة بالاحتلال– لفرض قوانينها وولايتها القضائية وإدارتها غير القانونية على مجمل الأراضي المحتلة.
وما دامت “إسرائيل” ترفض الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وترفض أي حلّ تفاوضي على وضع القدس، يأخذ بعين الاعتبار الشواغل السياسية والدينية لجميع الأطراف، فهذا يعني بالضرورة أنه لا أمل إلا بالعمل المقاوم، ومواجهة الكيان الغاصب بقوة النار، خاصةً وأنه لا يلوح في الأفق أي حلّ سياسي، ولا حتى اقتصادي، وكل ما هو واضح هو استمرار الانتهاكات الإسرائيلية.
وعلى الرغم من طول المدة التي أمضاها العالم والأمم المتحدة في هذه القضية، فمن المؤسف أنه لم يتمّ أي تقدم جوهري يمكن الركون إليه، ويبدو أن الوضع يتدهور مع مرور الوقت، وهو ما يفرض ضرورة تغيير أساسيات الصراع، ونقلها من الطاولة إلى الشارع عبر المواجهة، واستنزاف العدو الصهيوني غير القادر على تحمّل ما لا طاقة لهم به.
بمعنى أن السبيل الوحيد للمضي قدماً يكمن في تغيير قواعد الاشتباك، لأنه الأنجع للتراجع والامتناع عن أي موقف وإجراء يساهم في خطط تضفي الشرعية على السلطة القائمة بالاحتلال، والتي تهدف إلى تغيير الوضع الجغرافي لفلسطين المحتلة، مع غياب وجود تدابير دولية رادعة بشكل فعّال، والتي لم تفعل سوى تشجيع “إسرائيل” على الاستمرار بانتهاكاتها من دون عقاب.
ولأن الشعب الفلسطيني يمتلك القوة والوكالة ومفاتيح المستقبل حتى تحت نير الاحتلال أو القصف، ويعرف أن معظم الإسرائيليين يدعمون الأبرتهايد الإسرائيلي، وأن معظم الإسرائيليين غير معنيين أيضاً بالحديث عن إنصاف الفلسطينيين أو حقهم في تقرير المصير، فإنه من الضروري جداً في هذه الأوقات رفع منسوب الروح المقاومة لدى الشعب الفلسطيني، لأن الأوضاع لن تتغيّر ما دامت المقاومة صامتة، ولأن المقاومة وحدها ستكون بمثابة “نافذة” لإسماع أصوات الفلسطينيين، وفرصة لإيجاد حلّ عادل للقضية الفلسطينية.