“الاقتصاد” تؤكد أن “برنامج إحلال المستوردات” غير احتكاري.. وخبير اقتصادي يقترح!!
البعث – قسيم دحدل
كشفت رانيا أحمد معاون وزير الاقتصاد عن وصول عدد طلبات المتقدمين للاستفادة من برنامج إحلال بدائل المستوردات، إلى 57 طلباً، موضحة أن ذلك تمّ وفقاً للمستوى الأول الذي يعمل به البرنامج والخاص بإقامة أو تأسيس منشآت جديدة.
وأكدت أحمد في تصريح لـ “البعث” أن تلك الطلبات تركزت على مجموعة من المواد، أهمها إنتاج حليب الأطفال والخميرة والنشاء والأسمدة الزراعية والأدوية البيطرية والمبيدات الزراعية والأدوات الطبية والغرانيت والأحذية والأنعال والألواح الزجاجية، وإعادة تدوير البطاريات التالفة والاسمنت الأبيض. كذلك كشفت عن مجموعة من الطلبات الأخرى يتمّ حالياً دراستها، مؤكدة أن عدد المستفدين من البرنامج تجاوز الـ100 مستفيد حتى تاريخه، وتركزت طلبات القروض على غايات صناعة الخيوط والأقمشة المصنرة وتشغيل المصابغ ومستلزمات الأدوية البشرية والأسمدة والكرتون وتشغيل المداجن المتضررة أو المتوقفة وإنشاء أو ترميم المباقر.
أما عن العمل وفقاً للمستوى الثاني فيمتد ليشمل، إضافةً إلى المنشآت الجديدة، المنشآت القائمة أصلاً ولاسيما المتضررة أو التي تحتاج إلى ترميم أو إعادة تأهيل ودعم، لتمكين هذه المنشآت من دخول العملية الإنتاجية مجدداً أو لزيادة إنتاجها بالشكل الذي يغني عن الاستيراد من المواد المستهدفة بالبرنامج، وذلك من خلال ميزة تقديم قروض بأسعار فائدة مدعومة بالاستناد إلى برنامج دعم أسعار الفائدة، حيث تتحمّل الدولة 7 نقاط من سعر فائدة القروض التي تمنحها المصارف العاملة في إطار البرنامج.
أحمد ورداً على سؤالنا حول إذا ما كان البرنامج “احتكارياً”، أكدت أنه برنامج إنتاجي استثماري تنموي، وأنه أبداً ليس احتكارياً، والدليل أن أي شخص بصفته الشخصية أو الاعتبارية يستطيع التقدم للاستفادة والاستثمار وفقاً للبرنامج، كما أكدت أن هناك أكثر من طلب في إنتاج السلعة نفسها وفي عدد من الصناعات المختلفة، وبيّنت أن هناك مستثمرين في طور التأسيس، وآخرين في طور استكمال التراخيص والحصول على شهادة الاستثمار، وآخرين في مرحلة البناء، وقسماً يتفاوض على استيراد خطوط الإنتاج.
الباحث الاقتصادي شحادي قحطان إبراهيم رأى في تصريح لـ “البعث” أن تعديل برنامج إحلال بدائل المستوردات، بات أمراً مهماً وضرورياً جداً، إذا ما أردنا فعلاً تحقيق أهدافه المعلنة وفقاً لموجبات صدوره. وبرأيه أن البرنامج بصيغته الحالية “احتكاري ويمنع المنافسة”!!، وأن المستفيد الأوحد منه هم أفراد (شركات فردية) بجنيهم للمليارات، بينما لا تنالُ الدولة والمصلحة العامة ما يستحقانه من البرنامج الذي يبدو أنه فُصّلَ تفصيلاً، مبيناً أن هناك الكثير من القوانين في الدولة بحاجة إلى لمسات أخيرة كي تعمل وتكون في خدمة المصلحة العامة.
أرباح خيالية
وقال إبراهيم أن البرنامج ضمن للمستثمر المُشمَّل بالقانون، احتكار السوق بشكل كامل، فقد ضمن له منع استيراد منتج مشابه بحجة حمايته، وتوفيراً للقطع الأجنبي وامتلاك الدولة لهذه الخبرات، إلا أنه في الوقت نفسه ضمن له احتكار السوق المحلية بأكملها (مثلاً من يصنع كأس الشاي)، أي ضمنا له وفق القانون منع استيرادها، فتخيّل أن المستهلكين مجبرون على الشراء منه وجميع مناقصات الدولة تذهب له دونما أي منافس ويتحكّم بالأسعار كيفما يشاء، أي أرباح خيالية سيحققها؟!.
تعديل الضرورة
واقترح الخبير أن يتمّ منح سنتي احتكار للصناعي المُشمَّل بالبرنامج، فإذا لم يدخل منافس له يتمّ طرح ٤٠% من أسهم رأس المال للاكتتاب، شريطة استحواذ الدولة على تلك النسبة، كمساهمة من قبل وزارة الاقتصاد أو المالية أو المصارف الحكومية حصراً، أو صندوق استثماري حكومي يخصّص لذلك الأمر، أي طرح 40% كأسهم، تطرح وتستحوذ عليها الدولة كاملة، وبذلك يتمّ تحويل الشركات الفردية لمساهمة، حيث من الملاحظ والغريب أن جميع المنشآت المُشمَّلة بالبرنامج، تؤسّسها شركات أفراد وليست مساهمة مغفلة عامة!!.
ويتابع الخبير قائلاً: إذا ما أراد الصناعي التوسّع وتعديل قانون تأسيس الشركة فتكون حصته 60% وليشارك من يريد في نسبته المذكورة التي يملكها، وتبقى الإدارة في يده طبعاً، وبعد سنتين إذا لم يكن هناك منافس له ولم يستطع الصناعي تحقيق المنافسة، تستحوذ الدولة وفق ما ذكرنا أعلاه على 40% عبر الاكتتاب عليها، أما إذا ما دخل منافس له وأصبحوا منتجين اثنين فتستحوذ الدولة على ما نسبته ٢٠% من حصة رأسمال كل منشأة، وإذا ما كانوا ثلاثة تستحوذ على ١٥%، وفي حال كانوا ٤ منتجين للمادة نفسها تستحوذ الدولة على10% فقط، (أي تكون الدولة شريكة برأس المال، بتلك النسب)، بينما إذا ما كانوا ٥ منتجين فلا تأخذ الدولة شيئاً، لأنها تكون قد حققت منع الاحتكار والمنافسة معاً، وبالتالي توفر المنتج بالجودة والأسعار المناسبة، وعندها نستطيع القول: إن المصلحة العامة قد تحققت من قانون إحلال بدائل المستوردات.
المهم، برأي الخبير، أن تطبيق ما طُرح يسهم بشكل فاعل ومؤثر في منع الاحتكار ومنع تكدس عشرات المليارات بيد أفراد أو شركات فردية، وحرمان الخزينة العامة للدولة منها، بالتوازي مع تحقيق قيمة مضافة بالتشجيع لافتتاح معامل مشابهة منافسة أخرى في المنتج نفسه، حيث ستخفّف من نسب الاستحواذ على رأس المال وبالتالي الأرباح، وتشغيل المزيد من اليد العاملة، عبر إقامة العديد من المعامل، ما يعني وقف نزيف الشباب والكفاءات بالهجرة، وكذلك رفد الخزينة العامة بالأرباح وهي أرباح حقيقية، وبالتالي والمهمّ جداً جداً ارتفاع أو ازدياد القيمة الشرائية للعملة الوطنية.
Qassim1965@gmail.com