54 مليار دولار لأوكرانيا وملايين الأمريكيين يعانون الفقر
البعث الأسبوعية- عناية ناصر
كان لدى إدارة جو بايدن الفرصة لمنع حرب أوكرانيا من الحدوث، وذلك من خلال عدم دعوة أوكرانيا للانضمام إلى الناتو، وجعل أوكرانيا دولة محايدة، لكنها اختارت الحرب. لماذا قامت بذلك؟ ولماذا كل هذا القلق فجأة على شعب أوكرانيا؟ هل لأنه بلد سكانه من البيض؟.
في عام 1994، لم يقم الرئيس بيل كلينتون بأي شيء، بينما كانت الإبادة الجماعية لأقلية التوتسي الروانديين مستمرة في رواندا،، والتي أدت إلى مقتل ما يقرب من 500000 إلى 662000 رواندي. هل كان هذا الإهمال المطلق لأن هؤلاء كانوا من السود؟. أم لأن هناك عدد كبير من الأوكرانيين الذين يعيشون في الولايات المتحدة والذين سيصوتون لإعادة انتخاب بايدن في عام 2024؟ أم لأنه عادة ما يتم إعادة انتخاب رئيس حرب؟ أم أن إدارة بايدن والبنتاغون تنتهج السياسة التي اقترحتها أطروحة مؤسسة “راند” الأخيرة لتفكيك روسيا من خلال إضعافها بهذه الحرب الوحشية؟ أم أنه والديمقراطيون يسددون لمقاولي “الدفاع”، مقابل تبرعاتهم للديمقراطيين أثناء الانتخابات، أرباحاً بمليارات الدولارات من هذه الحرب؟.
تحدثت مقالة مؤسسة “راند” التي نشرت في نيسان 2019 عن ضرورة منع توسيع نطاق روسيا وإضعافها من خلال معالجة نقاط ضعفها وقلقها ونقاط قوتها بشكل مباشر، واستغلال نقاط ضعفها مع تقويض المزايا الحالية لروسيا، وعلى أن أكبر نقاط ضعف روسيا وفق زعمها، في أي منافسة مع الولايات المتحدة هي اقتصادها. يبدو أن هذا هو ما شرعت الولايات المتحدة على القيام به من خلال استفزاز روسيا للقيام بالعملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، حيث كان يتمثل هدف الولايات المتحدة في هذا الخصوص هو محاولة إضعاف روسيا عسكرياً من خلال هذه الحرب بالوكالة، وأيضاً إضعاف روسيا اقتصادياً من خلال العقوبات الوحشية المفروضة التي لم تفرض على بلد من قبل بهذه الدرجة، الأمر الذي وفرت له هذه الحرب العذر للولايات المتحدة للقيام بذلك.
لقد خصصت الإدارة الأمريكية أكثر من 54 مليار دولار من الأسلحة لأوكرانيا خلال هذه الحرب، وهناك المزيد منها في المستقبل مع استمرارها. هذه المليارات تدفع لأوكرانيا، التي تبعد 9181 كيلومتراً عن الولايات المتحدة، وليس لها قيمة استراتيجية للولايات المتحدة، وهي لا تأتي من جيوب الرئيس الأمريكي أو غيره من السياسيين بل من أموال دافعي الضرائب، فهل قامت الإدارة الأمريكية بسؤال دافعي الضرائب عما إذا كان ينبغي عليهم التبرع بهذا المبلغ الضخم ؟.
يُفترض أن نجل بايدن، هانتر بايدن، حصل على 11 مليون دولار من عام 2013 إلى 2018، كونه عضواً في مجلس إدارة شركة الغاز الأوكرانية بوريزما”، على الرغم من عدم معرفته بإنتاج الغاز أو تكريره أو نقله. لماذا كل هذا الحب لأوكرانيا ورئيسها كما لو أنه أصبح فجأة رجل دولة عالمي؟. هل كي يقوم بايدن ونانسي بيلوسي وميشيل ماكونيل وجيل بايدن وغيرهم بزيارته وزوجته؟. ولماذا تدفع كل هذه المليارات من الدولارات لأوكرانيا بينما لا شيء لفقراء أمريكا! و بينما الاقتصاد الأمريكي في حالة يرثى لها ويعاني الملايين من الطبقة الوسطى والفقراء الأمريكيين؟.
تجدر الإشارة إلى أن العدد الإجمالي للمشردين في أمريكا بلغ في عام 2021 580466 شخصاً، وكان أعلى رقم في مدينة نيويورك 77943.
تقول منظمة “فيدينغ أمريكا”، وهي أكبر منظمة لمكافحة الجوع في البلاد، إن 54 مليون أمريكي يعانون من الجوع اليوم. ووفقاً لـ “حملة الفقراء” هناك 140 مليون شخص من الفقراء، و”ذوي الثروات المنخفضة” في أمريكا اليوم، أي 42 بالمائة من سكان الولايات المتحدة.
يقول تحالف ” السود من أجل السلام”: “يجب التفكير فيما وراء أوكرانيا. حربهم ليست حربنا”. وأشار هؤلاء النشطاء إلى أنه يمكن معالجة جائحة كوفيد-19 في الولايات المتحدة بمبلغ 16 مليار دولار، في حين أن 60 مليار دولار سنوياً من قسائم الإسكان الفيدرالية يمكن أن تحل أزمة التشرد في الولايات المتحدة.
وفي ذات السياق قالت شيري هونكالا من مجموعة الحقوق الاقتصادية والإنسانية للأكثر فقراً: “كيف نجرؤ على الوقوف مكتوفي الأيدي بينما يتم إنفاق المليارات على الحرب عندما يذهب الأطفال في جميع أنحاء العالم، وهنا في كينسينغتون -أحد أحياء فيلادلفيا- دون ماء أو رعاية صحية أو طعام أو مكان ينامون فيه”.
في أمريكا اليوم، يعيش طفل من بين كل ستة أطفال تحت خط الفقر، حيث بلغ معدل الفقر 14.4٪ بدءاً من شباط 2022، وبلغت نسبة معدل فقر الأطفال في كانون الثاني 2022- 17٪ . كما يعيش حوالي 3.4 مليون طفل في فقر في أمريكا من شباط 2022. بعبارة أخرى، يعاني طفل واحد من كل ستة أطفال في الولايات المتحدة من الفقر، حيث يعيش حوالي 14.4٪ من سكان أمريكا أو حوالي 45950 مليون أمريكي في حالة فقر اليوم.
لقد ارتفع معدل التضخم إلى أكثر من 7٪ ، وهو الأسرع في السنوات الأربعين الماضية ،فهناك حوالي 69٪ من الأمريكيين لديهم أقل من 1000 دولار في حسابات التوفير الخاصة بهم ، وهذا في أغنى بلد في العالم.
وبسبب حرب أوكرانيا هذه، التي أثارتها الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو، يعاني مئات الملايين من الناس، خاصة في إفريقيا وآسيا، من ندرة الغذاء. كما يعاني العالم كله من ارتفاع أسعار النفط والغاز وقلة الغذاء. هل أخذت أمريكا كل ذلك في الحسبان عندما قررت القيام بهذه الحرب بالوكالة؟. على الرغم من كل هذا الفقر في أمريكا، تخصص إدارة بايدن 54 مليار دولار لدولة ليس لها أهمية استراتيجية للولايات المتحدة، بينما لم تقدم شيء للملايين الفقراء الذين يعانون في هذا البلد، فبدلاً من رعاية فقراءها، فإن الولايات المتحدة عازمة على الهيمنة على العالم، لأن مئات الملايين من الناس يعانون، وسيعانون بسبب هذه الحرب التي كان يمكن تجنبها.
في نهاية المطاف، فإن استفزاز الولايات المتحدة لروسيا، والذي أدى إلى هذه الحرب التي كان من الممكن تجنبها، سوف يسجل في التاريخ باعتباره أحد أكثر الأعمال غير المسؤولة وتهوراً التي ارتكبتها الولايات المتحدة، وهو خطأ فادح في السياسة الخارجية الأمريكية.