“سر الوردة” في “ألف نون”.. نفائس التشكيل السوري.. ولكن؟
افتتح في صالة ألف نون للفنون التشكيلية معرض للوحات عدد من الفنانين السوريين منهم من جيل الرواد وهذه الأعمال في أغلبها من مقتنيات إدارة الصالة التي حصلت عليها عبر سنوات طويلة نتيجة معارض أقيمت في الصالة أو اقتناء مباشر من الفنان أو ورثته أو مقتني هذه اللوحة. ويعود تاريخ إنتاج بعض الأعمال لفترة الستينيات من القرن الماضي، ومثال ذلك لوحة الفنان الحمصي الراحل عبد الظاهر مراد ولوحة نعيم اسماعيل الذي حققت أعماله في السنة الماضية أرقاماً غير متوقعة في المزادات العالمية، وقد وصل الرقم إلى 140 ألف دولار أمريكي، وتحتفظ وزارة الثقافة وبعض صالات العرض الخاصة في دمشق وبعض المقتنين السوريين والعرب بعدد من أعمال هذا الفنان الرائد. كما عرضت في هذا المعرض أعمال نادرة وقيمة لكل من الفنانين لؤي كيالي، وفاتح المدرس، ونذير نبعة، وعبد اللطيف الصمودي، وأحمد معلا، وفؤاد دحدوح ومحمد الوهيبي، إلى جانب بورتريه صغير رسمه الفنان مروان قصاب باشي الذي عاش في ألمانيا منذ ستينيات القرن الماضي وتحظى أعماله بشهرة عالمية واسعة نظراً لأهميتها التي تمزج بين تصوير المعاناة الإنسانية في تلك الوجوه المنهوبة والتي تنوعت في تنفيذها بين اتجاهات التصوير الزيتي التعبيري وتقنية الحفر والرسم المباشر بالرصاص أو الفحم. كما ضم المعرض لوحات للفنانين: جورج ماهر، ابراهيم الحسون، نصير شورى، نعمت بدوي، أنور الرحبي، عدنان حميدة، أسعد زكاري، عز الدين شموط، بديع جحجاح.
هذا المعرض هو حصيلة اقتناء سنوات من الأعمال الفنية وتستحق أن تزهو هذه الصالة بهذه الأعمال التي تجمع نخبة من أسماء التشكيل السوري منهم من أثر في سيرة الفن التشكيلي واستطاع نقله من حيز الرسم ومخاطبة المتذوق العادي إلى حيز الكشف والتنوير متعمقاً في ميراث سورية الحضاري فكان الأكثر فعلاً في نقل الفنون التشكيلية السورية من المحلية إلى العالمية.
والمرجو من مديرية الفنون الجميلة في وزارة الثقافة الاستمرار في إقامة المعارض المتخصصة بفن الرواد، وقد سبق في الأعوام الماضية أن عرضت وزارة الثقافة في دار الأوبرا مجموعة غنية من كنوز التشكيل السوري المتوفر في مستودعاتها، والأمر نفسه ينطبق على مستودع اتحاد الفنانين التشكيليين في الفردوس، فمن الضرورة عرض ما في المستودعات أمام جيل الفنانين الشباب وطلبة كلية الفنون الجميلة كي يطلعوا على أعمال نادرة للفنانين السوريين الكبار.. فكم هو مؤسف أحياناً أن يحتفى بالفن السوري في متاحف ومزادات الآخرين، بينما يعامل هذا الفن معاملة الموجود في المستودع كأي أثر مضى عليه زمن ليس إلا.. كل هذا يحدث في غياب المتحف المتخصص بالفن وغياب ثقافة المتحف.. وانحسارها أمام عقلية أمين المستودع!
أكسم طلاع