تعظيم قيمة ومكانة منتجات المرأة الريفية؟
قسيم دحدل
لا شك أن تنمية الريف السوري الذي بدأ بالتآكل مقابل العمران العقاري والحضري قضية من أهم القضايا، وذلك لكوننا بلداً زراعياً، شئنا أم أبينا، ولعل هذا التسليم بسمة “الزراعي” يرجع بالدليل القاطع لاتضاح أنه مفتاح أمننا الاجتماعي والاقتصادي، وبالتالي أمننا القومي.
بناء عليه، فإن وجود استراتيجية تنموية ريفية لتقليص الفوارق التنموية بين المجتمعات الريفية والمدنية يتطلب الارتقاء بالمستوى الاجتماعي والاقتصادي في أريافنا، ولعل المدخل الحقيقي لذلك هو تنمية المرأة الريفية كونها عماد المنزل والعمل الريفيين بكل معنى الكلمة.
في هذا الشأن تم العمل على برنامج تنمية المرأة الريفية في سورية، وانعكس ذلك بشكل مبسط في الاقتصار على الإنتاج والتصنيع الزراعي الغذائي تحت مسمى “منتجات ريفية”، أي تم صنعها من قبل المرأة الريفية، وهي تتمثّل بالأطعمة التراثية التي اشتهر بها ريفنا تاريخياً.
وفيما يخص البرنامج أو أي برنامج لدعم المنتجات الريفية، نأمل أو يجب العمل على أن تقوم الجهة أو الجهات صاحبة الاختصاص المشرفة بتعديل البرنامج ليصبح أكثر فعالية وديناميكية وأكثر إنتاجية ومردودية لكل أطراف العملية التنموية، انطلاقاً من الاعتراف بأن السلع المنتجة ريفياً وتقليدياً غير خاضعة للرقابة، وتنطبق عليها مواصفات ومعايير الغذاء العصري، أي الاشتراطات الغذائية والصحية والتسويقية التي تتقبّلها الأسواق، ويقتضيها الاستهلاك البشري.
المطلوب باختصار أن يتم الإشراف على إنتاج المرأة الريفية أو المنتجات الريفية المشمولة بالبرامج من قبل اختصاصيين لرفع كفاءة المنتج وجودته، ليقوم من ثم المسؤول عن البرنامج بأخذ المنتج المطابق للمواصفات والمعايير دوغما وتعبئته وتسويقه وتوزيعه وتسعيره والدعاية له، مثله مثل أي منتج آخر في القطاع الخاص، وباسم تجاري موحد في جميع أرياف المحافظات، وبعبوات صحية ولصاقات إعلانية جيدة.
ويمكن الاستعانة في ذلك بالقطاع الخاص، وتحديداً بما يخص المنتجات الغذائية (الكونسروة)، بمعنى أن يقوم القطاع الخاص بسحب المنتج بشكله الأولي من الأرياف المشمولة بالبرنامج، وإخضاعه لمواصفات ومعايير الجودة، استناداً لما يملكه الخاص من خبرات كبيرة في مجال التصنيع الزراعي، وخاصة لجهة التعليب والتغليف والتسويق والترويج للمنتج، إذ إن البرنامج في شكله الحالي لا يلبي الهدف منه، ولا يسمح بزيادة الإنتاج، وتحقيق العوائد المرجوة منه للمنتجين في الأرياف.
إن الاستغلال والاستثمار الأمثلين يمكنان منتجاتنا الريفية من أخذ مساحتها وحضورها وسمعتها التسويقية، ومن الوصول للتصدير والدخول في المعارض الخارجية التي تقام في الدول المجاورة. وكذلك فإن إحداث النقلة النوعية لها من المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر إلى المشاريع المتوسطة الكبيرة قضية لا بد أن تدرج على طاولة الحكومة للنقاش والدراسة عاجلاً لا آجلاً بهدف تعظيم القيمة المضافة للتنمية الريفية ومنتجاتها المشهورة محلياً والمرغوبة ولكن بشروط ترفع من قيمتها وقدرتها التنافسية محلياً وإقليمياً.
ختاماً، إن اتخاذ قرار جعل المنتجات الريفية قطاعاً مميزاً له رصيد اجتماعي وشعبي محبب ومطلوب سينعكس في المحصلة الإجمالية على الاقتصاد من خلال زيادة الناتج المحلي، ونسب التنمية والنمو، وبالتالي رفع القيمة الشرائية للعملة الوطنية عبر إيرادات عقود التصدير التي نأمل أن يصل ريفنا إليها.
Qassim1965@gmail.com