أسعار القرطاسية والألبسة المدرسية والكتب تلهب جيوب الأسرة في موسم المونة!
رجع أيلول “بجيبة” حزينة مثقوبة لا يهنأ فيها “الراتب” إلا ليومين أو ثلاثة، للأسف هذا هو حال أغلب المواطنين المترقبين بكثير من الخوف وقليل من الأمل بأن تجد لهم “الوصفات الحكومية” منفذاً أو حلاً “لتمريق” هذا الشهر على خير، ليأتي التدخل الإيجابي السريع من السورية للتجارة التي فتحت باب التقسيط للقرطاسية والألبسة المدرسية للعاملين بالدولة على مصراعيه بسقف 500 ألف ليرة بمناسبة قرب بدء العام الدراسي، أما شريحة غير العاملين في الدولة فلهم الأجر والثواب في تحمّل الأعباء الكارثية التي يحملها هذا الشهر لهم بدءاً من المونة وليس انتهاءً بشراء مستلزمات المدارس الحكومية والتي هي الأخرى لا ترحم الأهالي في طلباتها المتكررة من قرطاسية خاصّة لكل مادة وغيرها من رسوم الدفع غير واضحة الجدوى للطلاب والأهالي معاً، متجاهلين توجيه وزارة التربية بعدم التشديد على الالتزام باللباس المدرسي الموحد.
ارتفاعات وتجاوزات
من يتجوّل في أسواقنا هذه الأيام ستسحره ألوان اللباس المدرسي “الأزرق والزهر” بأشكال تفننت بها ورش الخياطة لتغزو جيب المواطن “المعتّر” تحت حجة الموضة وتنهب ما بقي منها لاسيّما وأن أبناء الجيل الحالي ركبوا صيحات الموضة، ناهيك عن أسعار القرطاسية من دفاتر وأقلام والتي تجاوز ارتفاعها الـ 100% على عين حماية المستهلك والتي لا يخلو شارع من جولاتها الرقابية وضبوطها التي لا تسمن ولا تغني المواطن من جوع، إذ لا زالت الأسواق وخاصّة في موسم التنزيلات الوهمية تشهد ارتفاعات وتجاوزات تصب منفعتها في جيب التجار أولاً وأخيراً، الأمر الذي استدعى الكثير من الأهالي إلى الاكتفاء بملابس العام الماضي أو شراء اللباس المدرسي المستعمل “البالة” الذي وجدت سوقاً لها على صفحات التواصل الاجتماعي هي الأخرى بعد أن تجاوز سعر المريول المدرسي ذو النوع الجيّد الـ40 ألف يُضاف له سعر القميص والحذاء والقرطاسية المدرسية ليفوق استعداد طالب مدرسي للعام الدراسي ال300 ألف في أسوء الأحوال، الأمر الذي يستدعي خوض الأهالي في معارك القروض والسلف والاستدانة وعدم الوقوف عند قرض ال500 ألف الخاص بالسورية للتجارة والذي لا يكفي تجهيز أكثر من طالب ونصف في العائلة الواحدة.
سوق مستعمل
وعلى مدى الشهرين الماضيين انتهجت الكثير من صفحات التواصل الاجتماعي التسويق للباس المدرسي المستعمل وبيع كتب وقرطاسية أبنائها ممن أنهوا الصف المقرر بأسعار مقبولة خاصّة وأن معاناة عدم توزيع الكتب الدراسية في مطلع العام الدراسي لا زالت تتكرر في كل عام دون وضع حلول بديلة من الجهات المسؤولة، في حين يبقى الأهالي والطلاب في حالة بحث على مدى أشهر طويلة عن هذه الكتب التي هي الأخرى تلوح شائعات رفع ثمنها في الأفق القريب لا سيّما بعد توقف مستودعات بيع الكتب المدرسية مدة زمنية ليست قصيرة عن بيع الكتب الأمر الذي أرجعه البعض إلى وجود نيّة برفع أسعار نسخ الكتب المدرسية للعام الحالي وتجاوز بعضها الـ 50ألف ليرة سورية دون خروج الجهات المعنية بتصريح ينفي أو يؤكد هذه الشائعات التي ستكبّد الأهالي في حال تأكيدها خسائر إضافية في “مجانية التعليم”، في حين يشهد روّاد التعليم الخاص نكبات مضاعفة هذا العام نتيجة ارتفاع أقساط التعليم الخاص من “رياض أطفال ومدارس خاصّة، إلى أكثر من الضعف ليتجاوز رسم تسجيل الطفل في بعض رياض الأطفال ال3 ملايين ليرة تحت مبررات ارتفاع أسعار جميع مستلزمات التعليم من لباس وقرطاسية وأجور الكادر التدريسي والنقل وغيرها من الارتفاعات التي يدفع ثمنها الأهالي أولاً وأخيراً.
انتعاش الأسواق
وعلى الرغم من ارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية إلّا أن الأسواق شهدت هذه الفترة انتعاش مقبول بالنسبة للتجار بعد فترة ركود رافقت فصل الصيف نتيجة ارتفاع أسعار الألبسة والأحذية وعزوف المواطنين عن شرائها، لكن ومع عدم وجود خيارات كثيرة أمام الأهالي لشراء اللباس المدرسي الضروري لأبنائهم كانت مصائبهم في الدفع هذه المرّة ككل مرّة يجني فوائدها التجار الذين قدموا أعذارهم المكررة في عودة التذبذب الحاد لسعر الصرف في السوق السوداء من جديد، ناهيك عن إغلاق الكثير من معامل وشركات تصنيع الألبسة والأحذية بعد الارتفاع الكبير الذي طرأ على أسعار الأقمشة والخيوط بالإضافة إلى ارتفاع أجور اليد العاملة وغيرها من الأسباب التي تضطرهم لرفع الأسعار تجنّباً للوقوع في الخسارة.
أوقات “الزنقات”
الخبير الاقتصادي إسماعيل مهنا وجد أن الحلول الآنية التي تخرج بها الحكومة على عجالة في أوقات “الزنقات” لا تجدي نفعاً، فارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية غير المسبوق ووضع الأهالي أمام الرضوخ لهذه الأسعار رغماً عنهم تجنّباً لحرمان أبنائهم فرصة التعليم يجب أن يسبقه حلول جذرية من قبل الحكومة في الحد من سلسلة الارتفاعات هذه أو تكثيف دوريات جدّية لمراقبة الأسواق في مثل هذه المواسم لا تركها عرضة “للنهب والسرقة” من قبل التجار، لافتاً إلى أن مبادرة السورية للتجارة التي تأتي متأخرة دوماً في تدخلها لم تعد نافعة لاسيّما وأن تدخلها في تقسيط السلع الغذائية خلال شهر رمضان لم ينتهِ المواطن من تسديده حتى الآن، وأن الدخل الشهري له لا يتحمّل تسديد “قسطين” معاً في الشهر ذاته، ليكون الأجدر بالجهات المعنية البحث عن حلول ومقترحات قبل أشهر من قدوم العام الدراسي من خلال تخصيص فريق مهمته السعي لتأمين المستلزمات المدرسية بسعر منخفض أو طرح هذه المستلزمات في صالات السورية للتجارة بأسعار رمزية تتوافق مع مجانية التعليم الذي لم يعد مجاناً وسط دفع الأهالي ثمن هذه المستلزمات عن طريق الاستدانة أو بيع ممتلكاتهم الخاصّة بهدف تعليم أبنائهم، واستهجن مهنا أن تفاجأ وزارة التربية على مدى أعوام طويلة من غياب الكتاب المدرسي في الكثير من المدارس وتأخر استلامها في حين تُسارع في تكثيف الدروس وضغط الطلاب لإنهاء المقرر المدرسي في الفصل الثاني نتيجة خلل توفير الكتاب المدرسي مع بدء العام، مشيراً إلى وجود الكثير من الحلول والمقترحات الموضوعة من قبل الخبراء والأخصائيين على طاولة الوزارة لتوفير المستلزمات المدرسية والكتب والتي يتم تجاهلها لأسباب مجهولة، وانتقد الخبير الاقتصادي لجوء الحكومة في حلولها الإسعافية إلى قروض الـ500 ألف ليرة من قبل السورية للتجارة لتأمين الغذاء في شهر رمضان للمواطن ومستلزمات التعليم في هذا الشهر وسط غياب التفكير الإبداعي والإداري لإدارة هذه المواسم التي تقود المواطن إلى كوارث في كل عام.
ميس بركات