ملفات خدمية ساخنة تنتظر الناجحين بالمجالس… والمطلوب روح جديدة وإتاحة الفرصة أمام الشباب والكفاءة
البعث الأسبوعية – معن الغادري
ملفات ساخنة مؤجلة ومدورة – خدمية ومعيشية – تنتظر الناجحين في انتخابات المجالس المحلية والوحدات الإدارية في انتخابات الدورة الجديدة للإدارة المحلية والمقررة في الثامن عشر من شهر أيلول القادم ، وبغض النظر عن الظروف الصعبة وضعف الامكانات الفنية والمالية ، فإن الحاجة أكثر من ماسة لخلق بيئة أكثر نضجاً لعمل المجالس المحلية وفق معايير مغايرة لعمل المجالس السابقة ، تسهم في دفع عملية التنمية والنهوض بالواقع الخدمي على وجه التحديد والذي يشكل الحلقة الأولى وربما الأقوى في عملية التنمية المطلوبة .
ولعل أكثر ما تحتاجه المرحلة الراهنة والمستقبلية وفق آراء العديد ممن استطلعنا آرائهم إلى روح جديدة ومتوثبة متمثلة بالشباب ، بما يملكون من شهادات علمية وحماسة واندفاع لتغيير المشهد نحو الأفضل ، وربما الحاجة أكثر إلحاحاً لتشكيل هيئة تخطيط عليا تضم لجان فاعلة ( تنفيذية واشرافية ورقابية ) مساعدة لاجتثاث الفساد والفاسدين وهي واحدة من المهام المنوطة بعمل المجالس المحلية .
خطوات بطيئة …
حال لسان البعض يقول – ليس بالإمكان أفضل مما كان – ،وهذه المقولة تنطبق على الواقع الخدمي في حلب ، والذي يخطو خطوات بطيئة ومتواضعة جداً على مستوى إنجاز ما هو مطلوب خلال المرحلة الراهنة والمستقبلية وبما يتماهى مع الدعم الحكومي اللامحدود للخروج من عنق الزجاجة ونفق الأزمات والمشكلات المتتالية والمتراكمة والتي أحدثت عقماً في آليات العمل الخططي والتنفيذي ، وهو ما أسهم بشكل أو بآخر في تعطيل حركة الحياة وعجلة النهوض والتعافي المنشودة ، وأسهم أيضاً في عرقلة تنفيذ الكثير من المشاريع والتي من شأنها أن تسرع من عودة الألق والنضارة والحضور المميز والمؤثر لحلب و في كافة مناحي الحياة .
سياسات ترقيعية …
أكثر ما يضر العمل ويتسبب في تعطيله وزيادة نفقاته هي سياسات الترقيع المتبعة والاصرار على حرق المراحل لتغطية الفشل وتحقيق إنجازات وهمية تفاقم من حدة المشكلات والأزمات بدلاً من حلها ، بل أكثر من ذلك تخلق حالة من الفوضى تنعكس سلباً على المشهد الخدمي المترامي الأطراف ، وهو ما يبدو جلياً وتظهره الصور الملتقطة من المناطق والأحياء المهملة والتي تفتقد إلى الحد الأدنى من الخدمات ، مما دفع بالمواطنيين المتضررين من هذا الواقع المتردي الى رفع صوتهم مراراً وتكراراً ، ولكن دون أي جدوى أو استجابة من قبل الجهات الخدمية المعنية لمتطلباتهم واحتياجاتهم .
حركة عرجاء …
ندرك جيداً أن المهمة صعبة وقد تكون معقدة في كثير من الجوانب والأمور ، بالنظر إلى ضعف الإمكانات البشرية والفنية والتقنية والتي لا تتناسب قطعاً مع ما هو مطلوب إنجازه ، ولكن هذا ليس مبرراً لاي حالة ترهل أو تقصير في إنجاز الممكن والمتاح والقيام بالمهام المطلوبة وفق ما متوفر من إمكانيات ، وهذه الحركة العرجاء في الاداء الخدمي ، ناتجة عن سوء في التخطيط والإدارة ، يضاف إلى أن معظم ما تقوم به المديريات الخدمية لا يستند إلى أي رؤية أو خطة ، وغالباً ما يكون العمل ارتجالي وآني ولحظي لا يفي بالغرض ولا ينهي المشكلة بل يؤجلها ، وهو ما تثبته وتؤكده الوقائع الميدانية اليومية والصور الملتقطة من الأحياء لناحية رداءة النظافة والطرقات والتجاوزات والمخالفات والتعديات وغيرها من الجوانب الخدمية المتعلقة بترحيل الأنقاض وتأهيل الأرصفة وإزالة الأضرار الناجمة عن الحرب الارهابية التي تعرضت لها حلب خلال سني الأزمة .
تفرد بالقرار …
الكثير من المعنيين الذين التقيناهم وحاورناهم حول أسباب تراجع الأداء الخدمي
أكدوا أن الأسباب متنوعة ، أكثرها تأثيراً غياب التنسيق والتفرد بالرأي والقرار حول الكثير من الجوانب والأمور المفصلية والخلافية المتعلقة بالعمل ، وهو ما ينعكس سلباً على الأداء وجودة التنفيذ والنتائج المرجوه ، وهناك أمثلة كثيرة في هذا المجال منها ما يتعلق بطريقة التعاطي غير المدروس مع مخرجات الإزمة وخاصة بما يتعلق بالمناطق المتضررة والأبنية المتصدعة والأيلة للسقوط ، وهو ما نتج عنه انهيارات لعدد من الأبنية وحدوث فواجع مؤلمة راح ضحيتها عشرات المواطنين الأبرياء .
وهنا يؤكد عدد آخر من المهندسين والمختصين أن العمل الخدمي يجب أن يرتكز على قواعد أساسية تتمثل في توفر الامكانات الفنية والبشرية وتأمين الدعم والمؤازرة ، وبما يسهم في تحقيق أعلى درجات التنسيق والتشاركية والعمل الجماعي بين كافة الجهات المعنية الداعمة للعمل الخدمي ، على أن ينتظم العمل ضمن رؤية واضحة يكون فيها القرار لأهل الإختصاص ، ومستوفياً لكل الشروط والمعايير والمواصفات ويراعي كل الظروف ويأخذ بكل الأسباب ، بعيداً عن التفرد بالرأي والقرار .
جهود منقوصة …
تتباين الآراء حول الأداء الخدمي والجهود المبذولة من قبل مجلس المدينة وفرق عمله ، ويرى البعض أن التركيز على تحسين الجانب الجمالي وإبقاء المضمون فارغاً يشكل أساس المشكلة ويهدر المال والجهد على السواء ، ويتساءل البعض ما الجدوى من صرف ملايين الليرات على تجميل وتحسين الساحات وبعض المحاور فيما تعاني معظم أحياء ومناطق حلب من مشكلات خدمية مزمنة ومستعصية .
مطالبين بتوجيه البوصلة نحو الإحياء الاكثر تضرراً وايلائها الاهتمام المطلوب من خلال إعادة تأهيل البنية التحتية كأساس وركيزة للانطلاق نحو الاعمال الجمالية والكمالية في باقي الاماكن والمواقع ، وهو ما يتطلب قراءة جديدة للمشهد الخدمي ووضع الخطط والبرامج ذات الجدوى وتنفيذ المشاريع الحيوية والاستراتيجية ولحظ الأحياء والمناطق المتضررة ضمن خطط العمل الخدمي وإيجاد الحلول السريعة والعاجلة لمجمل ما تعانيه من ظروف وأوضاع سيئة لناحية النظافة وتراكم الأنقاض ورداءة الشوارع والأرصفة والمستديرات وفوضى المرور والنقل وخطر الأبنية المتضررة ، يضاف إليها المخالفات والتعديات على الأملاك العامة والخاصة .
أحياء ومناطق منسية …
أكثر ما كان واضحاً خلال جولة البعث على عدد من الأحياء المنسية تردي واقع النظافة وتراكم الانقاض في الشوارع وأمام الابنية ، الى جانب إشغالات الأرصفة من قبل أصحاب المحال التجارية وغياب الرقابة الصحية ، يضاف الى ذلك انتشار الحفر والمستنقعات المائية في الشوارع الرئيسية والفرعية ، وكل ذلك يتزامن مع غياب شبه تام للمديريات الخدمية المشرفة على هذه الاحياء ، وفق شهادات الأهالي الذين أكدوا أن مناطقهم وأحيائهم مهملة ومنسية ، وهي تفتقد إلى الحد الادنى من الخدمات كتوفير التغذية الكهربائية وصيانة وترميم الشوارع وتنظيم الأسواق وغيرها من الأمور الخدمية اليومية المتعلقة بتحسين واقع النظافة وتشديد الرقابة على عمل مولدات الأمبير وضبط الأسعار والحد من حالات الجشع والاستغلال وابتزاز المواطنين .
ويطالب الأهالي المديريات الخدمية بالقيام بمهامها والتخفيف من معاناتهم وتأمين مستلزمات واحتياجات الحياة اليومية والاستجابة السريعة لشكاويهم .
أبنية أيلة للسقوط …
التدابير والاجراءات الاحترازية والاستباقية من قبل مجلسي المحافظة والمدينة وإن جاءت متأخرة شكلت خطوة مهمة على طريق وقف النزيف الحاصل في الانهيارات المتكررة للأبنية المتضررة والمتصدعة والتي راح ضحيتها عشرات المواطنين الأبرياء مؤخراً .
ويجدر هنا أن تسرع اللجان المشكلة بتنفيذ ما هو منوط بها من مهام لناحية اجراء تقييم ومسح شامل للمناطق المهددة وإخلاء السكان من الابنية المتصدعة والآيلة للسقوط ، وذلك تجنباً لحدوث كوارث إنسانية اضافية ، وتوسيع دائرة العمل الميداني لتطال كافة المناطق والأحياء داخل المدينة وفي أطرافها ، واتخاذ كل ما يلزم لضمان السلامة العامة .
ونود هنا الاشارة إلى ضرورة توجيه الاهتمام إلى مناطق بعينها داخل المدينة وهي ( الميدان وميسلون والجابرية والفردوس والكلاسة والشعار ) وغيرها من المناطق المكتظة والتي تعاني أبنيتها من تشققات وتصدعات قد تؤدي إلى انهيارات مفاجئة ،
ونعتقد أن هذا الملف يجب أن يتصدر سلم أولويات واهتمامات مجلسي المحافظة والمدينة المتخبين ، وعدم الاكتفاء بتشكيل اللجان ، بل المطلوب وضع خطة طوارىء انقاذية تشمل كافة جغرافية المدينة وتستجيب بالسرعة القصوى لأي طارىء أو مستجد في هذا الملف الإنساني الحساس والدقيق .
ملفات ساخنة …
ندرك جيداً صعوبة وطبيعة العمل الخدمي والمرتبط نجاحه بمدى توفر الامكانات البشرية والتقنية والفنية ، وهنا لا نقلل من قيمة المشاريع والأعمال المنجزة خلال الفترة الماضية ، ولكن ما زال هناك الكثير من الأعمال مطلوب انجازها خلال الفترة الراهنة والمستقبلية ، وهي تحتاج إلى جهود كبيرة وإلى توظيف الامكانات والدعم المتاح في مكانه وزمانه الصحيحين ، وإيلاء الملفات الاكثر إلحاحاً وسخونة الاولوية والاهتمام ، والاسراع بتنفيذ المشاريع الحيوية وإيجاد الحلول الناجعة لمجمل المشكلات والأزمات بما يتعلق بملف المدينة القديمة والاسواق التجارية المتضررة جزئياً وكلياً وحلحلة كل ما يتعلق بالجوانب الادارية والتنظيمية والقاتونية وتسريع العمل في مشروع تفعيل الوسط التجاري وإجتراح الحلول الناجزة لفك كافة العقد والتشابكات مع الجهات المعنية الرسمية والأهلية .
ونعتقد أن الحاجة تبدو أكثر من ماسة أمام هذا الكم الهائل من العمل إلى تشكيل هيئة عليا تضم النخب من المهندسين والمختصين تسند إليها مهام التخطيط الدقيق والمدروس وفق رؤية واضحة تستهدف مختلف جوانب العمل ويتفرع عنها لحان وجهات مالية وتنفيذية وإشرافية وأخرى رقابية لضبط إيقاع العمل في سياقه الصحيح ، بعيداً عن الارتجال والتفرد بالرأي والقرار .
بين قوسين …
يثير ما نشير إليه في ” البعث” حول حالات التقصير والفساد في بعض المرافق والمفاصل الخدمية حفيظة البعض وردات فعل غاضبة من المسؤولين والمتضررين من تسليط الاعلام الضوء على الأخطاء والعيوب ،وبعيداً عن هذه الاسطوانة المشروخة ، ومحاولات البعض المقصودة بتمييع الامور وتهويلها وكيل الاتهامات جزافاً ، وتوظيف ما يكتب في اطار التشكيك والتخوين والتحريض وعدم الانتماء ، كنا نأمل من المجالس المحلية والوحدات الإدارية المسارعة الى معالجة الاخطاء ومحاربة مظاهر الفساد والفاسدين ، لا أن تنشغل في أمور بعيدة عن مهامهم واختصاصهم .
الخلاصة …
مما تقدم وأمام القصور الواضح في عمل ومهام المجالس المحلية المنتهية دورتها نجد أن المشهد الخدمي في حلب بحاجة ملحة إلى كوادر وخبرات وكفاءات جديدة قادرة على إزالة الحواجز والعراقيل التي تؤخر حركة النمو ، وهنا تبرز أهمية المشاركة الواسعة في الانتخابات وأن تكون اختيارات الناخبين على مستوى المسؤولية الوطنية للخروج من عنق الزجاجة والتقدم خطوات جادة وحقيقية نحو تحقيق الأهداف والخطط والبرامج الموضوعة في خدمة الوطن والمواطن ، فهل تنجح المجالس والوحدات الادارية الجديدة المنتخبة في انتاج واقع أفضل واقعاً يتناسب مع ما هو مطلوب تنفيذه من خطط ومشاريع إعادة الاعمار للأنتقال بحلب إلى مرحلة البناء الاستراتيجي ،وهل سيتاح لأهل الخبرة والاختصاص الفرصة المناسبة لإثبات جدارتهم في الميدان ، وهل سنبتعد عن حالة الآنا المتورمة والاستئثار والتفرد بالقرار ، واجتثاث الفساد والمفسدين والذي يشكل أقصر الطرق لتحقيق انجازات حقيقية نطوي من خلالها صفحة الفشل والإخفاقات المتتالية ، هو ما نأمله من الفائزين بالانتخابات القادمة … ؟ ؟ !