مجلة البعث الأسبوعية

تثير الانتباه!

بشير فرزان

تكرر المشهد أمامنا في أحدى الصيدليات وبشكل لايثير الانتباه فقط بل ويدعو لإعلان حالة الاستنفار المجتمعي والتربوي حيث كان يدخل الشباب أو بالأصح الأطفال حسب القوانين السورية التي تعتبر كل من هو في عمر ال (15 عام ) طفلاً …ليسألوا عن المنشطات الجنسية وغيرها من المنشطات المندرجة ضمن تصنيفات (الموادالمخدرة) التي يتم تعاطيها بكثرة على اختلاف أنواعها ولاشك أن الحصول على هذه المنشطات ليس بالأمر الصعب فهي متوفرة سواء في الصيدليات التي تقوم بدور الموزع وكلمة السر هنا معروفة للجميع (درج الخميس ) أو من خلال بعض التجار المروجين لهذه السموم المتسللة إلى الأوساط الشبابية “الطفولية” بطرق غير قانونية والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ..ماحاجة هؤلاء الشباب لهذه المنشطات التي إذا سلمنا بسلامة مصادرها والمواد الداخلة في تركيبها إلا أنه لايمكن التسليم أو تجاهل مخاطرها الاجتماعية والتربوية وانتشارها بهذه الكثافة يؤكد أن مجتمعنا اليوم دخل في مرحلة متقدمة من التقهقر الأخلاقي بكل ماتحمله هذه العبارة من معاني الانزلاق في مستنقع الفساد والإفساد الذي شكلت الأحداث بيئة خصبة لممارسة كل أنواع فجوره وللأسف اكتسب من  باب سلطة الظروف الاستثنائية  مايمكن أن نسميه صفة الشرعية التي أدرجت ماتضمره ظواهره المختلفة من مخاطر على الحاضر والمستقبل وحتى على الماضي في خانة الأمر الواقع .

وطبعا مايميزمانرصده على مدار الساعة هو تخطيه للخطوط الحمراء بطريقة فجة (وقحة) لا تأبه بالعادات والتقاليد أو حتى الآداب العامة  التي تمنح مجتمعنا  نوعاً من الحصانة الأخلاقية كما أن تعدد وتنوع الشرائح العمرية التي توجه بوصلة حياتها في مسارات بيع الجسد والمتعة بات مقلقاً على الساحة الاجتماعية والحياة الأسرية ومثيراً للكثير من التساؤلات التي تنخرط في دائرة البحث المكثف عن خصوصية المجتمع الذي تختلط أوراقه وتضيع سماته في تبعثر القيم وانحطاط المفاهيم وانحلال عقدة “العيب”  التي تسجل غياباً واضحاً لإجراءات الرقابة والحماية التربوية والاجتماعية التي تتخذ من النأي بالنفس عن الواقع موقفاً ثابتاً حيال هذه القضايا التي تحشر دائما في صيغة التماس الأعذار للآخرين وتبرير تصرفاتهم تحت عناوين مختلفة  .

وما يؤلم أكثر مع انعدام الحلول والمعالجات على المستويين  المجتمعي والرسمي ..أن  حلقات سيناريو التشويه والانحدار الأخلاقي والاجتماعي  ستكون طويلة ولن يكون من السهل تصحيح المسار والسيطرة على جموح المحرمات في هذه المشاهد التي تجتاح كل الأماكن وبكل تأكيد لن تكون الحلول مجدية إلا من خلال العمل الجماعي والتعاون الفعال  بين المجتمع الأهلي والجهات المعنية لاستيعاب هذا الواقع وضبط الفوضى والتخفيف من تداعياته الكبيرة التي تجعل منا جميعا مجرد كومبارس نافخ بالقرب المقطوعة ؟.