مجلة البعث الأسبوعية

مياه الحسكة بين  مشاريع طالتها يد الإرهاب وتحكم الاحتلال… وإجراءات خجولة للحكومة والمنظمات   

البعث الأسبوعية – إسماعيل مطر

تزداد معاناة المواطنين في مدينة الحسكة والتجمعات السكانية المحيطة بها جراء الانقطاع المتكرر لمياه الشرب القادمة من آبار علوك بريف رأس العين المحتلة من قبل الاحتلال التركي ومرتزقته،إذ شهد العام الحالي 5  انقطاعات وبين  انقطاع وآخر تزيد  المدة الزمنية عن شهر، بينما وصل عدد الانقطاعات العام الماضي إلى أكثر من ثلاثين انقطاعاً.

وبدورها لم يك لدى مؤسسة المياه سوى تنظيم توزيع مياه الشرب في حال ورودها من علوك  ،حيث قسمت المدينة  إلى عدة قطاعات أو مناطق ليسهل عليها عملية التوزيع وفق ” العادة المعمول بها “.

تحكم بالآبار

ويقول مدير المؤسسة المهندس محمود العكلة بإن عدد آبار علوك الواقعة  34 بئراً غزارة كل بئر   200  متر مكعب بالساعة وهي المصدر الوحيد لإرواء   مليون مواطن .                                 علماً أن هذه الآبار لا تعمل بشكل  طبيعي  كون المحتل التركي   هو الذي يتحكم بتشغيل هذه الآبار  . فنحن نسعى والكلام لمدير المؤسسة  بأننا نعمل  إلى  إيصال مياه الشرب إلى كافة المواطنين ضمن مركز المدينة والأحياء المحيطة بها، مبيناً بأنه في حال الانقطاعات يتم العمل مع المنظمات الدولية وبعض الجمعيات الخيرية العاملة في المجال الإنساني على تأمين مياه الشرب لمركز المدينة عبر الصهاريج الجوالة أو من خلال محطات التحلية التي وضعت مؤخراً ببعض الحدائق والأماكن العامة .

مشروع إروائي 

وأكد العكلة بأن مشروع دجلة يعتبر مشروع إروائي كبير لعموم منطقة الجزيرة السورية فحصتنا منه تقدر بمليار وربع المليار  متر مكعب بشكل سنوي ، علما أن هناك ضعف واضح من قبل وزارة الموارد المائية من خلال البحث عن بدائل أخرى غير آبار علوك والتي هي بالأساس كانت عبارة عن مشروع داعم  وإسعافي للمدينة لكنها مع ازدياد الحاجة والطلب على المياه أصبحت مصدراً أساسياً لقرابة مليون مواطن ضمن مدينة والأحياء المجاورة لها.

ولم يخف العكلة  تساؤل المواطنين عن عدم زيارة المعنيين من وزارة الموارد المائية إلى الحسكة من أجل اللقاء مع المعنيين والبحث عن بدائل سواء كانت اسعافية  أو إستراتيجية ؟.

جهود خجولة                   

مواطنون أكدوا أن الجهود التي تبذل  سواء من مؤسسة المياه أو المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني  لم ترتقي إلى تأمين احتياجات المواطنين الباحثين عن مياه الشرب فقد اقتصر تدخلها الغير مرضي من خلال تأمين حاجة مركز المدينة  بنسبة لا تتجاوز ال 25   من غالبية المواطنين العطشى ،إذ تقوم بعض المنظمات في ملء خزانات المياه المنتشرة في عدد من الأحياء وبكميات قليلة جداً لا تكفي النهار الواحد، والتي غالباً ما تتسبب في حدوث المشاجرات والمهاترات بين المواطنين حسب كلامهم .

ولفت مواطنون إلى أن  هناك  مئات المواطنين لا يستفيدون من مياه الخزانات كونهم يسكنون سكن  طابقي فيتعذر عليهم حمل المياه  إلى منازلهم وخاصة للمتقدمين بالعمر.

معاناة يومية

ويفيد مواطنون أن تأمين المياه أصبح معاناة يومية تضاف ِإلى تأمين المستلزمات الأساسية كالخبزوغيرها وخاصة بالنسبة للموظفين الذين يضطرون للتأخر عن وظائهم نتيجة انشغالهم في تأمين المياه ،في ظل الغلاء الجنوني لسعر البرميل الواحد ،إذ يصل إلى  15  ألف ليرة سورية .

مياه غير موثوقة

ولم يخف الأهالي وجود مياه مجهولة المصدر توزع بالصهاريج ومع ذلك تستخدم للشرب نظراً للحاجة الماسة ،مشيرين إلى ِأن مواطنين يقطعون مسافات طويلة من حي النشوة الغربية  إلى مركز المدينة من أجل ملء ” بيدون ماء ”  وحمله سيراً على الأقدام  يومياً.

مشاريع طالها الإرهاب  

ولم يسلم  مشروع دجلة الإروائي الاستراتيجي من يد الإرهاب والتدمير ،إذ تعرض للتخريب والسرقة ،علماً أن الحكومة وضعت  ميزانية بلغت آنذاك 150  مليار ليرة سورية من أجل تنفيذه فهذا المشروع كان من المتوقع أن يروي   200  ألف هكتار مما يحقق ثروة زراعية هائلة ويساعد على تحقيق الاستقرار الزراعي وتمكين الفلاحين والمنتجين في أراضيهم ومزارعهم .

في وقت لم يكن مشروع جر مياه  نهر الفرات عبر محطة ضخ البصحة مروراً بمنطقة الصور بدير الزور إلى مناطق  العلوة والشدادي والعريشة  جنوب المحافظة أفضل حالاً ،إذ طالت يد الإرهاب معداته وتجهيزاته  إضافة إلى انخفاض منسوب مياه النهر ” نهر الفرات ”  والذي تعمد  المحتل التركي على تخفيضه  خلال السنوات الماضية.

جهود مجتمعية

ومع هذه المعاناة الكبيرة شهدت المحافظة مبادرات مجتمعية من بعض المقتدرين وكان لها أثر طيب عن الأهالي حيث تم توزيع مياه الشرب من خلال قافلة من  الصهاريج الجوالة على بعض الأحياء.

تحت قبة البرلمان                                           

بدوره بين عضو مجلس الشعب  علي الجضعان بأنه تم مناقشة الموضوع أكثر من مرة من قبل جميع الزملاء الأعضاء في جلسات خاصة بالوزراء كما طرح الموضوع للمناقشة بحضور رئيس مجلس الوزراء والحكومة مجتمعة.كما تم توجيه ٤٨ رسالة إدانة لقطع المياه من محطة علوك بريف الحسكة الشمالي الغربي من قبل العدو التركي و المليشيات التي تعمل معه على الأرض إلى جميع البرلمانات العربية والعالمية الصديقة والجمعيات الإنسانية والمنظمات الحقوقية التي تعمل بالمجال الإنساني والاغاثي في أروقة الأمم المتحدة من أجل تحييد المحطة عن الصراعات في تلك المنطقة وبذل الجهود من قبل الأمم المتحدة  ومساعدة مليون مواطن في مدينة الحسكة وريفها في تأمين احتياجاتهم من مياه الشرب من محطة علوك المصدر الوحيد.

كلام في كلام .

وختاماً لا تخل مناسبة من المناسبات سواء في الاجتماعات الدورية أو في  اجتماعات مجلس المحافظة أو في اللقاءات أو حتى في الجلسات العادية أو من خلال وسائل التواصل إلا ويتم الحديث عن موضوع أزمة مياه الشرب والذي أصبح المواطن أدرى بأدق التفاصيل ،إذ يأمل المواطن أن تترجم تلك الاجتماعات والتصريحات على أرض الواقع من خلال وضع برامج وخطط والبحث عن بدائل حقيقية لإيصال مياه الشرب إلى  هؤلاء العطشى فما فائدة الحديث إذا كان الكلام في كلام!..