الخيار المناسب !
بشير فرزان
مع تصاعد الحراك الانتخابي الخاص بالإدارة المحلية هناك العديد من القضايا التي تطفو على ساحة عمل الوحدات الإدارية التي تشكل نواة العمل التنموي والاقتصادي والخدمي والعمراني والاجتماعي والرقابي وهذا مايزيد من أعباء الكوادر العاملة ضمن هذه المنظومة التي تلاحقها تهم عديدة وفي مقدمتها الخلل في الأداء وحتى قضاياالفساد الموجودة مثلاً في عمل الوحدات الإدارية (البلديات)التي نجح بعض رؤسائها في استثمار موقعهم وزيادة أرصدتهم الشخصية في غياب المحاسبة والمساءلة سواء قبل الحرب أو خلالها والأمثلة هنا كثيرة ولا تحتاج إلى الكثير من الوقت للبحث عنها واكتشافها بل تكفي مراجعة بسيطة لرصيد أي رئيس بلدية قبل المنصب وبعده لوضع الكثير منهم خلف القضبان خاصة أنهم يحشرون أنفسهم في خانة الدخل المحدود والمحكوم برواتب وتعويضات قانون العاملين الأساسي رقم (50).
وبلغة اليقين يمكن القول: أن بقاء هؤلاء خارج سلطة الرقابة وهروبهم الناجح من يد العدالة أدى إلى تدهور الحالة الإيمانية في المجتمع حيث لم تتوقف الأمور عند حدود التنكر بل تفاقمت لتصل إلى حد الإلحاد الكامل تحت تأثير المسلمات أو القناعات (فالج لاتعالج) المتسللة إلى حياة الناس من باب فقدان الثقة بالعمل المؤسساتي وبتصريحات المنابر المسؤولة فيها التي تمعن في استثمار السراب ومحاربة طواحين الهواء من خلال تجاهل الجهات الرقابية فيها للكثير من الحقائق الواضحة وضوح الشمس والتعامل معها بطريقة هزلية استعراضية لاتليق بسمعتها السلطوية الرقابية أو بنهجها الإصلاحي .
وطبعا لا نستغرب مع لفلفة الكثير من قضايا الفساد المطروحة أمام الرأي العام منذ سنوات .. أن يميل الناس إلى تعطيل حواسهم وتسجيل أنفسهم في خانة الإعاقة فهم “لا يرون ولا يسمعون و لايتكلمون” وأن يسود ذلك النهج القائم على فكرة “السلة من دون عنب” أو قناعة “مادخلنا” التي تختزل مدى السلبية المسيطرة على المجتمع نتيجة إطلاق يد الفساد وتبرئة من ترسم حوله أشارات استفهام عديدة أو تثبت عليه الإدانة بارتكاب التجاوزات المدرجة في خانة استغلال المنصب والمال العام وممارسة كل ما يخالف القانون تحت غطاء المسؤولية والمصلحة العامة.
ولاشك أن تكاثر الأمثلة والشواهد على فساد الكثير من الوحدات الإدارية والنجاح الذي حققه البعض في اقتناص الفرصة وقطف الملايين خلال مدة بسيطة لاتتجاوز الخمس سنوات أثار أحلام الباحثين عن الثروات في مناجم الوظيفة العامة وهذه الحقيقة مثبتة سواء في المعارك الانتخابية التي تدور رحاها في انتخابات الإدارة المحلية والتي لم تحقق نجاحاً لأسباب عديدة أهمها القصور الفكري الاجتماعي القائم على المساندة العائلية والعشائرية وغيرها من الأمراض الاجتماعية وشراء الذمم والأصوات أو في سباق نيل الرضى والدعم من أصحاب القرار الأعلى في مضمار التعيين المباشر والذي غالبا ما يكون وفق معادلة “أدفع التسعة لأحصل على العشرة ” وفي خضم هذه المواجهات الطاحنة تنهار المصلحة العامة وعلى أنقاضها تقوم المصالح والغايات الذاتية .
ومع اقتراب موعد انتخابات الإدارة المحلية نؤكد أن الرهان على الوعي الشعبي وعلى خيارات الناس الصحيحة والتي يجب أن تقوم على وضع الشخص المناسب في المكان المناسب لتصويب العمل وبداية مرحلة جديدة من العمل ضمن مسارات إعادة الثقة بهذه المجالس وتحسين الأداء على كافة الصعد ؟.