بوادر انقسام أمريكي أوروبي على خلفية العقوبات المفروضة على روسيا
البعث – وكالات
يوماً بعد يوم تتصاعد لهجة الشارع الأوروبي وحتى الأمريكي المندّدة بدعم صراعات بالمال والعتاد في حرب ارتدّت عليهم بخسائر اقتصادية فادحة، بل بدأت تخلق آثاراً سياسية وانقساماتٍ في الشارعين قد تكون نتائجها كارثية على أمريكا وحلفائها إن استمروا في تجاهل الواقع بشكل لا مبرر له سوى سوء تقديراتهم وانحسار مدى رؤيتهم.
وقالت عضو الكونغرس الأمريكي ماري ميللر: إن الرئيس جو بايدن مسؤول عن الانسحاب السيئ للقوات الأمريكية من أفغانستان، الذي أسفر عن مقتل 13 جندياً أمريكياً.
وأضافت ميللر: إن رئاسة جو بايدن هي أكبر فشل للأمن القومي في تاريخ بلادنا، لقد دعوت إلى جلسات استماع فورية للإشراف على سوء إدارة الانسحاب من أفغانستان، بالإضافة إلى عزل بايدن وغيره من كبار مسؤولي البنتاغون، محمّلة بايدن مسؤولية مقتل الجنود ومعتبرةً أن منع وقوع ذلك كان ممكناً.
من جهة أخرى، أكدت تقارير إعلامية أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية، أخطأت في تقديراتها بشأن خطط روسيا في أوكرانيا، منطلقةً من أن الخبراء الأمريكيين طرحوا افتراضاتٍ وتوقعاتٍ حول سير العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، والواقع العملي يثبت يوماً بعد يوم فشل جميع توقعاتهم، وكل تلك الافتراضات والتحذيرات للخبراء الأمريكيين كانت خاطئة ولم تتحقق، بل على العكس اعترف مسؤولون أمريكيون بأن التهديدات التي كانت عديمة الأساس في الواقع، ليست إلا جزءاً من الحرب الإعلامية ضد روسيا، وما تم ليس أكثر من تضليل للرأي العام الأمريكي لدعم مواجهة مكلفة ومحفوفة بالمخاطر مع موسكو.
كذلك تساءلت مجلة “ذي ناشين” الأمريكية عن الزمن اللازم لكي تتوقف الدول الأوروبية عن دعمها لأوكرانيا، وخاصة بعدما شهدته دول أوروبا من انخفاض في حوامل الطاقة بسبب عرقلة وانقطاع سلاسل توريد الغاز الروسي إليها، بل ستواجه لندن التي هي أكبر داعم عسكري لأوكرانيا امتحاناً صعباً في الشتاء القادم، سيسبب بالتأكيد تغيّراً في موقف لندن يمكن أن يدمّر الوحدة الهشة لأوروبا في قضية دعم كييف.
وتشهد أوروبا ظهور خلافات حول الدعم العسكري لأوكرانيا، فقد كانت بريطانيا في عهد رئيس الوزراء بوريس جونسون تؤيّد بشدة تقديم المساعدة العسكرية لنظام كييف، بينما أظهرت فرنسا وألمانيا وبدرجة أقل إيطاليا مستوياتٍ أقل من الحماس في هذا المجال.
إلى ذلك تشهد بريطانيا حالياً جدلاً ساخناً حول الارتفاع الحاد في أسعار الكهرباء، وقد يؤدّي التمادي في سياسة تقديم المساعدة العسكرية لأوكرانيا وتراجع تقديم الحد الأدنى من الدعم المادي للسكان في الشتاء القادم، إلى توجيه ضربة قاتلة للحكومة البريطانية. وفي حال أدّى الضغط الشعبي إلى قيام بريطانيا بالدعوة إلى تسوية دبلوماسية، فقد ينتهي “الإجماع الأوروبي الهش” ويندثر الدعم العسكري الذي تقدمه أوروبا الآن لأوكرانيا.
ومع اقتراب الخريف من الصعب عدم ملاحظة أننا نقترب من مفترق الطرق الذي سيختبر مدى صلابة الوحدة الأوروبية ومدى عزمها على مواصلة دعم أوكرانيا. وطبعاً مع ازدياد حجم التضخم واحتمال تقنين الكهرباء في فصل الشتاء، ليتجدّد السؤال: إلى متى سيواصل الجمهور الأوروبي تحمّل هذه المصاعب ومقابل ماذا؟.
وطالما أوروبا هي من بدأت وقرّرت اللجوء إلى فرض العقوبات على قطاع الطاقة الروسي، لذلك أي توقف في توريد موارد الطاقة لن يكون سوى ردّ من روسيا على تصرّفات الاتحاد الأوروبي.
من جانبه دان بيشوب، عضو مجلس النواب الأمريكي عن الحزب الجمهوري، قال: “إنه لا يجوز لواشنطن أن تقدّم لأوكرانيا ولا حتى دولاراً واحداً، ويجب التركيز على المشكلات الداخلية الأمريكية”، متسائلاً عن سبب إرسال بلاده ثلاثة مليارات دولار (تم ذلك يوم الأربعاء الماضي)، ومعتبراً أن ذلك يفوق ما سيقدمه الحلفاء الأوروبيون لأوكرانيا، في حين تتعاجز أمريكا عن توفير حتى جزء صغير من هذه الأموال لضمان أمن حدودها.
واعتبر بيشوب أن ضخ الأموال المستمر إلى كييف، هو مثال قوي على أن سياسة بايدن تعدّ مصلحة أمريكا في المرتبة الأخيرة.
جميع تلك التساؤلات والتحليلات والمعطيات المتكرّرة يومياً تقودنا إلى حقيقة باتت قاب قوسين أو أدنى، ألا وهي قرب توقف أمريكا وأوروبا وكل من يدور في فلكهم، عن سياساتهم العدائية والاستغلالية تجاه دول العالم، وخاصةً بعد أن قدّروا قيمة حوامل الطاقة التي تقع تحت سيادة دول مناوئة لهم وتنازعهم على قيادة العالم نحو واقع أكثر عدلاً وينتفي فيه استغلال الشعوب.