قراءة في “مناورات فوستوك 2022”
هيفاء علي
أعلنت وزارة الدفاع الصينية أنها ستشارك في “مناورات فوستوك 2022” العسكرية مع روسيا ودول أخرى ما بين 30 آب حتى 5 أيلول، وبالتالي يعتبر هذا الإعلان المصاحب للإعلان عن مشاركة الرئيسين الروسي والصيني في مجموعة العشرين، مؤشراً قوياً ليس فقط على وجود علاقات أوثق بين الصين وروسيا، وإنما أيضاً على أسباب مثل هذا التقارب، أي أن هذه العلاقات “حاسمة في الدفاع عن الاستقرار العالمي لمواجهة الهيمنة الأمريكية”.
ليس من قبيل المصادفة أن المناورات التي يتمّ تصورها تقليدياً في منطقة أوراسيا كمكافحة الإرهاب، تؤكد الآن أنها تهدف إلى مواجهة إرهاب الدولة الذي تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية وذراعها العسكري حلف شمال الأطلسي، حيث تشير المعطيات إلى أن أحد أهداف التدريب المشترك لهذا العام هو التعامل مع التهديد المحتمل من اتجاه المحيط الهادئ، حيث سيتمّ تعزيز التعاون في المجالات العسكرية وغيرها بين الصين وروسيا بشكل أكبر على الرغم من الضجيج المتزايد بأن الولايات المتحدة والغرب هما الوحيدان المنخرطان في مهمة الدفاع عن الاستقرار الإقليمي والعالمي.
تأتي مشاركة الصين في التدريبات العسكرية وفقاً لخطة التعاون السنوية بين جيشي الصين وروسيا والاتفاقيات الثنائية، كما ستشارك الهند وبيلاروسيا ومنغوليا وطاجيكستان ودول أخرى في التدريبات العسكرية المشتركة. في هذا السياق، كانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت في تموز الفائت أن “مناورات فوستوك 2022” ستركز على مجموعات قتالية لتوفير الأمن العسكري في المنطقة الشرقية، وستجمع التدريبات بين قوات محمولة جواً وطائرات نقل بعيدة المدى، وطائرات عسكرية، بالإضافة إلى فرق عسكرية من دول أخرى.
وبحسب الخبراء، من الطبيعي أن تولي وسائل الإعلام الأمريكية والغربية اهتماماً خاصاً للتدريبات في سياق العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا. وأضاف الخبراء أنه في عام 2021، شاركت بيلاروسيا والهند وباكستان ومنغوليا وكازاخستان وقيرغيزستان وأرمينيا وسريلانكا في “تدريبات زاباد 2021” في منطقة نيجني نوفغورود الروسية، بينما أشار محلّلون عسكريون إلى أن الصين شاركت في جميع التدريبات الإستراتيجية الثلاثة السابقة، وأرسلت الكثير من القوات إلى الخارج في عام 2018، وسوف تجمع مناورات “فوستوك 2022” بين التدريبات السابقة في المجالات التقليدية وغير التقليدية، وستتخذ أيضاً تدريبات مستهدفة على التهديدات المحتملة، وخاصةً من قبل الولايات المتحدة. كما أن تدريبات “فوستوك 2022” هي أولاً وقبل كل شيء تدريبات تجري سنوياً، ولكن تمّ استخدام التدريبات هذا العام من قبل الولايات المتحدة والغرب لزيادة التسويق لفكرة التهديدات القادمة من الصين وروسيا التي تعزف عليها منذ فترة طويلة!.
لذلك وفي معرض التعليق الأمريكي على هذه المناورات، أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس للصحفيين إلى أن واشنطن منزعجة من “العلاقة الأمنية الناشئة” بين موسكو وبكين بعد أن انتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرحلة الاستفزازية لرئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إلى جزيرة تايوان. بالمقابل، ورداً على الضجيج الصادر من الولايات المتحدة والغرب، أشارت السلطات الصينية إلى أن الإجابة عن سبب استمرار الصين وروسيا في تعاونهما واضح، لأن العالم يواجه تهديدات مختلفة ويجب على البلدين، من خلال شراكتهما الاستراتيجية الشاملة، تعزيز تعاونهما من أجل الدفاع والاستقرار الإقليمي والعالمي.
لذلك تسعى الولايات المتحدة والغرب على الدوام لتكثيف الجهود لإضفاء الشيطنة على روسيا منذ الأزمة الأوكرانية، وعلى الصين أيضاً، وآخر ما يريدون رؤيته هو علاقات أفضل وأوثق بين البلدين. وقد شدّد المراقبون على فكرة أن التعاون بين الصين وروسيا قوة إيجابية في الدفاع عن النظام الدولي في مواجهة التحديات التي تمثلها الولايات المتحدة وحلفاؤها، وأن التعاون الثنائي بين الصين وروسيا هو قوة لا غنى عنها وبنّاءة للأمن الإقليمي، وخاصة في أوراسيا.