تحقيقاتصحيفة البعث

الثروة الحيوانية في حماة أمام أسوأ سيناريو.. الجفاف يضرب المراعي وأسعار الأعلاف تُحلق!

يتحضّر مربو الثروة الحيوانية في محافظة حماة وباديتها للسيناريو الأسوأ هذا العام، حيث ستكون قطعانهم في الحظائر لمدة قد تتجاوز خمسة أشهر، ما يعني تأمين متطلباتها من الأعلاف غالية الثمن، تزامناً مع انخفاض أسعار رؤوس الأغنام، وبهذا سيجد المربون أنفسهم أمام خيارين “أحلاهما مرّ”، إما الاستغناء عن عدد كبير من القطعان أو تحمّل أعباء رعايتها تحت وقع وعود ما زالت حبراً على ورق!.

مسلسل الخسائر مستمر

بدأ مسلسل خسائر المربين منذ بداية هذا العام بل وقبله بعامين نتيجة الجفاف وانخفاض كميات الأمطار الهاطلة، وما رافق ذلك من انحسار رقعة المراعي، وفق ما أكده الدكتور بيان العبد الله، مدير فرع البادية بحماة، مشيراً إلى أن تعاقب سنوات الجفاف، إضافة للحرائق والتحطيب الجائر في الأعوام الأخيرة، أدى إلى تدهور المراعي بشكل كبير. وبرأي العبدالله أن الوضع يحتاج لموسمين خيّرين على الأقل لتبدأ المراعي بالتعافي بشكل تدريجي.

ليست أفضل حالاً 

أما بالنسبة للدواجن فالوضع يزداد سوءاً هو الآخر يوماً بعد يوم، فالمربي يشكو من ارتفاع أسعار الأعلاف ومستلزمات التربية عموماً، والمستهلك يشكو من ارتفاع سعر الفروج والبيض وخاصة في الأسابيع الأخيرة، حيث وصل سعر كيلو الفروج الحيّ إلى ما يزيد عن 11 ألف ليرة وصحن البيض إلى أكثر من 14 ألفاً. وعزا الدكتور سامي أبو الدان المدير العام للمؤسّسة العامة للدواجن أسباب هذا الارتفاع لعدم تنظيم دورات التربية من قبل المربين، إذ يقوم المربي بفتح دورة تربية بحيث يتناسب تسويقها مع أوقات الأعياد والمناسبات الدينية فقط، وهذا يؤدي لخلق فجوة كبيرة نتيجة غياب أو نقص الفروج. واعتبر أبو الدان أن ارتفاع أسعار الأعلاف الناتج عن تذبذب سعر الصرف الحاصل في الأسابيع الأخيرة، أدى لارتفاع أسعار الفروج بشكل كبير كون الأعلاف مستوردة، إضافة إلى موجة الحر وما سبّبته من نفوق بالقطيع بنسبة تتجاوز 25%.

حلقات مكررة!

هذا الغلاء الفاحش الذي طال كلّ مستلزمات تربية الثروة الحيوانية أدى لعزوف الكثير من المربين الصغار عن التربية، حيث بات الغلاء يشكل عبئاً ثقيلاً لا يمكن تحمّله، ما اضطر البعض لبيع عدد من قطعانه لتفادي الخسائر، ومع مناشدات المربين الدائمة، لكن للأسف باتت مطالبهم كحلقات متكررة من مسلسل ممل!.

الأعلاف هي العنوان

في فترات سابقة، كانت البادية تؤمن ما يزيد عن 70% من احتياجات الثروة الحيوانية من الأعلاف، ومع تناقص مساحات الرعي نتيجة الجفاف وقلة الأمطار اضطر المربون لشراء الأعلاف المستوردة بسبب عدم وجود الأعلاف الخضراء، إلى جانب ارتفاع أسعار الأعلاف المسلّمة من المؤسّسة العامة للأعلاف.

وأوضح تمام نظامي مدير فرع الأعلاف في حماة أن المؤسّسة افتتحت دورة علفية جديدة لمربي الأغنام والماعز والجمال في كافة فروعها بالمحافظات، بدءاً من الأول من أيلول ولغاية 29 كانون الأول القادم بمقنن علفي مقداره 6 كيلو غرام نخالة للرأس الواحد من الأغنام والماعز، و10 كيلو غرام نخالة للرأس الواحد من الجمال، وفيما يتعلق بالدواجن أشار نظامي إلى استمرار دورة المقنن العلفي حتى 29 أيلول حيث يتمّ منح 500 غرام من الذرة الصفراء و300 غرام من كسبة الصويا للطير الواحد وذلك لمن يمتلك 5000 طير وأقل، أما من لديه أكثر من 5000 طير فيتمّ منحه 400 غرام من الذرة الصفراء و300 غرام من كسبة الصويا. وبيّن نظامي أنه في حال عدم توفر مادة كسبة الصويا في أحد فروع المؤسسة يتمّ استبدالها بمادة الذرة الصفراء وذلك حسب رغبة المربي، وبالنسبة للأبقار تستمر دورة المقنن العلفي حتى تاريخ 29 أيلول بحيث يتمّ منح 150 كيلو غرام للرأس الواحد.

شروط ومعايير

ورغم قلة المقنن بنظر المربين، إلا أن المؤسّسة تضع شروطاً وأسساً تعتمد عليها في توزيعه، حيث يتمّ منح المقنن للمداجن المرخصة أصولاً حسب التربية الفعلية الحالية بغضّ النظر عن نوع التربية في الرخصة الممنوحة ولمرة واحدة خلال الدورة العلفية، ولا يتمّ طرح المقنن العلفي للفوج نفسه خلال دورتين متتاليتين، كما يتمّ طرح المقنن بموجب كشف حسيّ من قبل لجان متخصّصة، وهذه الشروط مشابهة إلى حدّ ما مع شروط المقنن بالنسبة للأبقار والأغنام.

ورغم تأكيد المهندس أشرف باكير مدير زراعة حماة أن أهم ما يمكن تقديمه للمربين هو الرعاية البيطرية للقطعان من لقاحات ومعالجات، ومراقبة حركتها، إضافة إلى تقديم إحصائيات بشكل سنوي لحصر أعداد الرؤوس من جهة وتقديم مقننات علفية من جهة أخرى، فقد بيّن أحد الأطباء البيطريين في زراعة حماة، فضّل عدم ذكر اسمه، أن اللقاحات والأدوية البيطرية رغم توفرها في السوق السوداء بأسعار مرتفعة جداً إلا أن المتوفر في المراكز البيطرية غير كافٍ، فقطعان الحيوانات قد تصاب بأمراض عديدة كالتسمم المعوي ومرض الباستيريلا وجميع هذه الأمراض تحتاج لمضادات حيوية ولقاحات كفلوكساكسين والتايلورين والاوكسي.

الحلقة الأضعف

الغريبُ أن الحلول والاقتراحات الكثيرة التي يتمّ طرحها من قبل الخبراء بين الفينة والأخرى لغاية اليوم لم تلقَ أذناً تصغي أو عيناً ترى، ليبقى المربي هو الحلقة الأضعف، فمثلاً قدّم مدير فرع البادية عدة مقترحات أهمها تشجيع المربين عن طريق زيادة كمية الأعلاف ومنحها بشكل دوري والاهتمام بالمحميات الرعوية عن طريق النهج التشاركي مع المربين، والتوسّع بإنتاج الغراس الرعوية وخاصة في مناطق البادية الهامشية لتكون غطاء نباتياً يقلّل من خطر التغيّرات المناخية، إضافة إلى تخفيف الضغط عن البادية والسماح لها بالتعافي مجدداً لتعود مراعيها كما كانت سابقاً.

مدير عام المؤسّسة العامة للدواجن شدّد على ضرورة زيادة كمية الأعلاف لمربي الدواجن، حيث تعدّ مشكلة الأعلاف من أبرز المشكلات التي يعانون منها، مبيناً أن تأمين الأعلاف بسعر مناسب كفيل بحماية قطاع الدواجن من الانهيار، وبالتالي سيؤدي لانخفاض الأسعار في السوق بما يناسب المربي والمستهلك في آن واحد.

ويبقى السؤالُ: إلى متى تبقى الجهات المعنية تقف مكتوفة الأيدي وقطاع الثروة الحيوانية والدواجن ينهار؟!!.

ذكاء أسعد