ثقافةصحيفة البعث

كمال سحيم يذهب إلى أبديته الخضراء حالماً

عند سؤال الشاعر كمال سحيم “لماذا الشعر؟”، قال: الأصح لماذا الهواء والشجر والفراشات والماء والنجوم والتراب، فالشعر هو كل الكون من الأزلية إلى الأبدية وإلى لحظة يقظته أو انبعاثه، والشعر هو تلك الأنفاس المتدفقة والأصوات الخفية والينابيع الخفية في الجبال على حد تعبير الشاعر ماهر رجا، والشعر هو التدفق الكامن في الأعماق وهو المسكوت عنه، والشاعر هو الذي يعود شعره إلى الحياة بعد موته.

كانت تجربة الشاعر كمال سحيم من التجارب المعاصرة المهمة بعد جيل الرواد لما تحمله من مضمون حداثي مفعم بالموسيقا والمعنى ولما تشكله من تجربة مختلفة ومتميزة، وكان يعي تجربته الشعرية كما يعي لحظات تدفق الحياة وكل لحظة ألم أو سعادة أو مسؤولية ويعي وجوده وهو يتنفس وينبض شعراً.

واليوم، رحل كمال سحيم صاحب الكلمات التي ستبقى قناديل نور، وقبل رحيله زرع الياسمين الدمشقي العاطر لتفوح كلماته ألف عام قادم، وقد نعى الشعراء على صفحاتهم على صفحات التواصل الاجتماعي صديقهم، فكتب الشاعر قحطان بيرقدار:

“الشاعر العربيّ الفلسطينيّ، كمال سحيم، وداااعاً.. صداقةٌ عمرُها ٢٢ عاماً… لمّا عُدتُهُ في مرضه بعد العملية منذُ سنوات خلت، خرجتُ من عنده حزيناً، وكتبتُ على صفحتي ما يُشبهُ الرثاء… لكنّهُ عادَ بعدها، وكانَ بيننا، هُنا وهُناك، بكامل حيويّته…

في آخر لقاء بيننا تحدّثنا حولَ ذلك، وأطلعَني على قصيدة جديدة له، ولم يكن على ما يُرام…

مُحزِنٌ جدّاً رحيلك يا صديقي!”.

وكتب الناقد عمر جمعة:

“وهذي حيرة الدنيا تغالبني

وتسألني:

أحقاً كلّهم ماتوا؟

أم أن الليل لا يرحم

وشمس الروح فضفاضة

أنا يا تاجر الأحلام

قد يمّمت باخرتي

وصوب غوايتي سرت

خذوا ما شاءت الكلمات

من معنى

خذوا أوراق ذاكرتي

وأقسم إنّها الأرض

بملح الروح تكتبني..

الشاعر الفلسطيني كمال سحيم

مؤلمٌ هذا الرحيل.. وموجعٌ أن تنهار الذكريات دفعة واحدة في هذا الخريف القاسي يا كمال

لروحك الرحمة والمغفرة والسلام”.

وكتبت الأديبة سمر تغلبي:

“ترى..

من سيملأ فراغ الأمكنة التي يتركها المتفردون وراءهم؟

كمال سحيم

أيها الشاعر الذي لا يشبه إلا نفسه

طابت روحك في اتساع عليائها

والرحمة لنا، نحن المنتظرين في ضيق الفضاء”.

وكتب أحمد علي هلال:

“تخونني الكلمات ويغض حلقي…  ماذا أقول والفقد أصبح عادة. يتساءل كمال في منشوره الأخير: أين نامت الجياد؟  لكن الكمال الشاعر الشهم والفارس ذهب إلى أبديته الخضراء حالماً، هو الآن من يمسح دموع قلوبنا كل النور والسلام لروحك العالية، إلى حيث خلود يليق بك ياصديقي النبيل”.

ونعى علي الراعي الشاعر كمال سحيم:

“وفي إيلول

يزوي الشاعرُ وتتساقط أوراقه..

(ابن سحيم الدمشقي) القلب

الفلسطيني الروح..

كمال سحيم مودعاً بالشعر وحبق النوافذ..”.

وكتب سامر منصور:

“الصديق الشاعر كمال سحيم في ذمة الله. أرجو الدعاء له من القلب أصدقائي فقد كان يحب الجميع من القلب. كمال سحيم الإنسان بوسع مدى هذه الكلمة، الشاعر بأعمق مقدار من عذوبة هذه الكلمة، رحلت مبكراً لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم، إنا لله وإنا إليه راجعون”.

وكتب عبد الله نفاخ:

“قال لي يوما مداعبة وجادا في آن: أنوي أن أؤسس مجمعا نقديا للشعر، وأنت عضو أساسي فيه

والمسألة (الماسنجر) يشهد بمحادثاتنا الطويلة التي طرقنا بها أبواب الفكر والأدب والنقد واللغة أكثرها

ثم فرقتي عنه المرض، وبلغني أنه يصارع المرض

وكنت أرى آثاره عليه، وأعلم فتكته وصولته، فإنني النفس أن يغالبه

فعاليه ما وسعته المغالبة، ثم كان ما كان

وداعا يا ابن سحيم، يا كمال سحيم”.

ونعى الشاب أحمد رزق حسن:

“عرفته أديباً طيباً بسيطاً مرهفاً صاحب موقف، في كل ملتقى كان يستقبلني بابتسامة ويودعني بأخرى، اليوم صعدت روحه بعد أن كتبت مداداً خالداً، ما أشهاه وما أزكاه من مداد!

قاس فراق الأصدقاء.

كمال سحيم سيوجعني كثيراً ألا أراك مجدداً، لروحك الرحمة والسلام”.