صحيفة البعثمحليات

“على قدّ القول”..!

غسان فطوم

في ظلّ الأخبار الحلوة الواردة من البساتين والكروم عن موسم مبشّر بالخير من محصول الزيتون، يستمر المشهد الحزين لموسم الحمضيات الذي يشهد تراجعاً كبيراً في الإنتاج قياساً بالمواسم السابقة يصل إلى حدود الـ 40%، وذلك وفق ما كشف عنه مؤخراً مكتب الحمضيات التابع لوزارة الزراعة.

لا شكّ أن لهذا الانخفاض أسبابه العديدة، منها ما يمكن السيطرة عليه لو توفرت الإدارة الناجحة والهمّة القوية لجهة تأمين مستلزمات الإنتاج من السماد والمازوت والكهرباء وغيرها، ومنها ما هو خارج عن الإرادة وهو المتعلّق بأحوال الطقس وتقلباته التي غالباً ما تضربُ الموسم مع بداية تفتح الأزهار. ولعلّ المشكلة “العويصة” التي تطلّ برأسها كلّ موسم هي التسويق بأبخس الأثمان لمحصول يكلّف الكثير من الأموال والجهد، ما جعل استغاثات المزارعين تتعالى كلّ عام دون جدوى رغم الوعود التي يطلقها “السادة” في مواقع المسؤولية الذين أشبعوا المزارعين “حكي” لا يسمن ولا يغني! فمن كان يصدّق أن يأتي يوم يصبح فيه كيلو الفجل أو البصل أغلى من كيلو البرتقال؟ ومن كان يصدق أن يصبح البرتقال طعاماً للمواشي؟ للأسف حدث ذلك وبات واقعاً مؤلماً أصبحت فيه زراعة الحمضيات عبئاً ثقيلاً على كاهل من يعمل بها بسبب تكاليفها المرعبة وأسعارها المتدنية التي “لم تعد تجلب همّ تعبها”.

المستغربُ في دوامة أو “دويخة” الحمضيات أننا نقوم باستيراد العصائر المكثفة من الحمضيات بالعملة الصعبة، ونقوم بحلّها بالماء وبيعها بعبوات زجاجية مختلفة الأحجام. وهنا يتساءل المزارعون عن سر “العناد الحكومي” بعدم إقامة مصنع لعصائر الحمضيات وطرح منتجاته للاستهلاك المحلي على أقل تقدير لينقذهم من الخسائر، فلغاية اليوم لم يقتنع المزارعون بأن الحمضيات السورية تصلح للمائدة أكثر من التصنيع بحسب تصريح المسؤولين في وزارة الصناعة، رغم جودتها ونوعيتها!

بالمختصر، يأمل مزارعو الحمضيات أن تكون وعود الحكومة هذه المرة على “قدّ القول”، ففي آخر اجتماع لها منذ يومين تمّ الطلب من الوزارات المعنية البدء بـ “إعداد خطة متكاملة لاستجرار وتسويق موسم الحمضيات، بما يضمن استفادة المزارعين وتقديم المادة للمواطن بأسعار مناسبة وتصدير الفائض عن حاجة السوق المحلية”.

كلنا أمل بذلك، فمن حق مزارع الحمضيات أن يشرب كأس عصير طازج من البرتقال وهو مرتاح البال من همّ محصوله الذي بذل لأجله الكثير من التعب وأنفق الكثير من المال.

gassanazf@gmail.com