التضخّم وأزمة الطاقة مؤشران قويان على عبثية العقوبات على روسيا
تقرير إخباري:
ليست هي المرة الأولى التي يقوم بها أحد المسؤولين الهنغاريين بانتقاد سياسة العقوبات الأوروبية على موسكو، فقد تحدّث غير مسؤول هنغاري عن ذلك، ولكن المميّز في التصريحات الهنغارية أنها لا تحاول أبداً إظهار الدبلوماسية في مخاطبة الشركاء الأوروبيين، بل تعمد إلى الحديث بشكل واضح ودون مواربة عن الأضرار التي تسبّبت بها العقوبات الغربية ضدّ موسكو على الداخل الأوروبي، لدرجة أن وزير الشؤون الأوروبية في الحكومة التشيكية ميكولاش بيك لم يستبعد خروج هنغاريا من الاتحاد الأوروبي على خلفية العلاقة مع روسيا.
فقد قال تشابا ديميتر السكرتير البرلماني في مكتب رئيس الوزراء الهنغاري: إن العقوبات ضد روسيا أصبحت “وسيلة لإيذاء الذات” بالنسبة لأوروبا وشدّد على أن كل الأوروبيين شعروا بتأثيرها فيهم، لذلك يجب تغيير سياسة العقوبات. وأضاف: “إن عقوبات الاتحاد الأوروبي لا تساعد في تحقيق أهدافها المحدّدة لها أصلاً، وتضرّ بأوروبا. لا يوجد شخص في أوروبا لم يشعر، بشكل أو بآخر، بتأثير التضخم الناجم عن سياسات العقوبات الخاطئة، والممتدّ من فواتير الخدمات إلى النقل والزراعة”. وأشار إلى أن سلطات الاتحاد الأوروبي زعمت أن العقوبات عبارة عن سلاح معجزة، وفي الواقع، تبيّن أنها وسيلة غير مجدية وتنفع فقط لجلب الضرر للذات من الناحية الاقتصادية. ونوه بأن “الارتفاع الأكبر والأطول” في الأسعار لم يبدأ بعد بدء العملية الروسية الخاصة، بل “بعد إقرار العقوبات في قطاع الطاقة”.
وفي وقت سابق، قال رئيس وزراء هنغاريا فكتور أوربان: إن العقوبات المفروضة ضد روسيا، قد تجبر أوروبا على الركوع. وأضاف: “تم فرض 11 ألف عقوبة ضد روسيا حتى الآن، لكنها لم تنجح، وقد يتسبّب التضخم ونقص الطاقة الناتج عن ذلك في ركوع أوروبا”.
من جهته، توقّع الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، خلال زيارته لدولة الإمارات العربية المتحدة، حدوث أزمة غذاء عالمية ناجمة عن العقوبات والقيود والمضاربات. وقال فوتشيتش، الذي يقوم بزيارة إلى الإمارات بدعوة من رئيسها محمد بن زايد آل نهيان: “من الواضح أن أزمة الغذاء ستحصل لاحقاً. بمجرد أن يتم تحديد الأسعار، ستبدأ المضاربة من التجار والمنتجين على الفور، ولن يكون بمقدوركم منع ذلك بأي شكل من الأشكال”.
يشار إلى أن الحكومة الصربية، قامت في وقت سابق بتقييد أسعار بعض أنواع المواد الغذائية ومن بينها الحليب والخبز والسكر.
وكان الرئيس الصربي قال قي وقت سابق: إنه إذا اعتقد الغرب أن باستطاعته هزيمة روسيا عسكرياً، فعلى أوروبا أولاً أن تستعدّ لشتاء “قطبي”.
إلى ذلك، خرج الآلاف إلى شوارع العاصمة النمساوية فيينا أمس السبت للاحتجاج على ارتفاع أسعار الطاقة والعقوبات المفروضة على روسيا. ودعا المتظاهرون إلى استئناف مشروع “السيل الشمالي 2” لنقل الغاز من روسيا إلى أوروبا وإعادة تشغيل خط أنابيب الغاز “السيل الشمالي”، كما طالبوا بإلغاء العقوبات الأحادية الجانب ضد روسيا.
ويشهد عدد من بلدان الاتحاد الأوروبي في الأسابيع الأخيرة مظاهراتٍ يعرب المشاركون فيها عن عدم ارتياحهم للأوضاع الاقتصادية السائدة في التكتل.
وفي وقت سابق رفضت وزيرة الطاقة النمساوية، ليونورا غيفيسلر، دعم مقترح أوروبي بشأن وضع سقف لسعر الغاز الروسي، بينما لم يستبعد وزير الخارجية النمساوي ألكسندر شالنبرغ، إمكانية الرفع التدريجي لعقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا.
جاء ذلك بينما قال المعلّق دانييل إيكرت في مقالة نشرتها صحيفة “دي فيلت” الألمانية: إن أوروبا تشهد انحداراً مشابهاً لسقوط وانهيار الإمبراطورية الرومانية. ووفقاً له، هناك العديد من المصادفات المتتالية التي تجمع بين تاريخ انهيار روما القديمة والأزمة في الاتحاد الأوروبي الأخذة في التعمّق والتطوّر.
وأول هذه العلامات، حسب رأي كاتب المقالة، فترة التضخم التي ضربت العملة التي كانت مستقرة قبل ذلك. وقالت المقالة: “في الإمبراطورية الرومانية، لم تنخفض قيمة العملة المالية لمدة قرنين ونصف القرن تقريباً، ولكن بعد ذلك قلب تخفيض قيمة العملة النظام الاجتماعي رأساً على عقب. بدأ تراجع قيمة النقود في القرن الثاني بعد الميلاد، مباشرة تقريباً بعد انتشار الوباء. قبل ذلك، كانت العملة الرومانية -الدينار، مستقرة للغاية من حيث القيمة على مر القرون”.
ويرى إيكرت أن الوباء بالذات، يشكل العامل الثاني، فقد انتشر الطاعون الأنطوني في الإمبراطورية الرومانية وخلف حدودها، قبل حلول فترة التضخم.
طلال ياسر الزعبي