الولايات المتحدة غير مبالية بمعاناة حلفائها الأوروبيين
عائدة أسعد
في حديثه في منتدى اقتصادي في أقصى شرق روسيا يوم الأربعاء الماضي، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: “لن نورّد الغاز والنفط والفحم وزيت التدفئة، ولن نوفر أي شيء إذا فرضت أوروبا الحدّ الأقصى المقترح لتحديد سقف لأسعار الغاز الروسي”.
إن أوروبا تستورد نحو 45 في المائة من غازها، و30 في المائة من نفطها من روسيا، ومع خط أنابيب نورد ستريم 1، وهو خط الأنابيب الرئيسي لتزويد الغاز الروسي إلى أوروبا والمغلق حالياً للصيانة، تشعر الدول الأوروبية بالفعل بأزمة نقص الطاقة، وخاصة مع الغضب الشعبي من ارتفاع الأسعار، الأمر الذي أدّى إلى إثارة ضغوط الحكومات.
لقد أدّى ارتفاع أسعار الطاقة بالفعل إلى دفع معدل التضخم السنوي في منطقة اليورو إلى 9.1٪ في آب الفائت مقابل 8.9٪ في حزيران الماضي. لذلك يتوجّب على الدول الأوروبية ألا تلوم إلا نفسها على ذلك، فهي من خلال دعم الولايات المتحدة في حربها بالوكالة مع روسيا تلحق الأذى الكبير بأنفسها، ولا ينبغي لها أن تتوقع أن تقدم الولايات المتحدة يد المساعدة، فالولايات المتحدة غير مبالية بمعاناة حلفائها الأوروبيين، بل إنها على استعداد لكسب الأرباح المتتالية من ذلك. ووفقاً لموقع “بيزنس إنسايدر”، فإن كلّ سفينة تحمل غازاً سائلاً إلى أوروبا من الولايات المتحدة تحقق ربحاً يزيد عن 100 مليون دولار كحدّ وسطي.
وعلى الرغم من كلّ خطاباتها التي تهدف إلى تبرير العقوبات على روسيا، كانت الولايات المتحدة سعيدة جداً بمواصلة التجارة مع روسيا نفسها، وتواصل استيراد النفط الخام الروسي.
وإذا لم تغيّر أوروبا مسارها، فلن تتحسّن علاقتها مع روسيا، موردها الرئيسي للطاقة، وإذا كان الأمر كذلك، فإن ارتفاع أسعار الطاقة سيؤدي إلى تفاقم الركود الاقتصادي في أوروبا، وسيؤدي إلى سلسلة من ردود الفعل من الاضطرابات الاجتماعية، وسيتطلب الأمر جهداً هائلاً من الإرادة من جانب الدول الأوروبية لإنهاء اعتمادها على الولايات المتحدة من أجل الأمن، ولكن إذا لم تكن على علم بذلك من قبل، فإن العواقب الوخيمة للصراع في أوكرانيا ستكون كافية لإقناعهم بأن أصحاب رؤوس الأموال في الولايات المتحدة لا يقدمون صيحات عنهم، وسيضحون بأي شخص وكل شخص باسم الاستثنائية الأمريكية.
إن وزيرة الطاقة الأمريكية جينيفر غرانهولم عزّزت الحقيقة المريرة المتمثلة في أن الحلفاء الأوروبيين للولايات المتحدة لا يمكنهم الاعتماد على الولايات المتحدة عندما تنخفض الرقائق عن طريق الكتابة إلى العديد من شركات تكرير النفط الأمريكية الكبرى التي تطلب منهم عدم زيادة صادرات الوقود، ولكن التركيز على زيادة المخزونات الأمريكية. بمعنى أنه بات من الواضح أن معاناة حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين تتفاقم جراء قبولهم الجبان لرحمة واشنطن!.