أسعار السكر لا تزال مرتفعة وشوالات سوق الهال لم تجد نفعاً.. والاحتكار قائم على وقع تدخل السورية للتجارة!
البعث الأسبوعية – محمد العمر
لا تزال تشهد مادة السكر في الأسواق ارتفاعات قياسية، ولم تقلح مساعي السورية للتجارة في التدخل الإيجابي من خلال طرحها شوالات السكر في سوق الهال بعد أن تعهد التجار ببيع السكر للمواطن بسعر ٣٧٠٠ ليرة، بكسر حدة الأسعار، إذ يجمع عدد من التجار في سوق الزبلطانيأن سعر الكغ لا يزال بحدود الـ٤٥٠٠ ليرة، وأن ما تم توزيعه من السورية للتجارة بالسوق ينحصر بكميات قليلة لعدد من التجار لا تلبي حاجة السوق، مطالبين بفتح الاستيراد وتنظيمه بكميات تكفي لسد حاجة المواطن!.
محمد بربور “تاجر بسوق الهالبالزبلطاني”أكد أن كميات السكر التي تم توزيعها من السورية للتجارة لا تكاد تذكر،وهناك فئة محدودة من التجار استلمت كميات معينة وهي لا تغطي حاجة السوق لبضعة أيام، مشيراً إلى أن هناك طلبات ملحة من بقية التجار لشراء السكر وبيعه بأسعار يتم تحديدها من قبل السورية للتجارة، في وقت يزداد الطلب على السكر كونها من الأساسيات.
بينما أشار محمد الحمامي “تاجر نصف جملة” إلى أن الأسعار متجهة نحو الارتفاع بناء على سعر الصرف والتوترات الإقليمية والدولية،فكل شيء يرتفع “بوليصات تأمين– الشحن– النقل”، مطالباً أيضاً بفتح الاستيراد على مصراعيه وإتاحة المجال للتوريد وتغطية السوق بكميات تلبي الحاجة، على أن يكون هناك آلية تنظيمية واضحة وعدالة بمنح إجازات الاستيراد لمحاربة الاحتكار بالسوق.
ويتفقمروان عبود”صاحب محل تجاري مفرق” مع غيره من أن السكر غير متوفر، وأن التجار يستغلون فوضى السوق ليرفعوا الأسعار، مضيفاً أنه منذ صدور قرار رفع أسعار السكر منذ شهرين لـ4200 ليرة اختفى السكر، وهناك جدل واسع ضمنأروقة الحكومة حول الاتفاق على أجور تكلفة الشحن والتخليص الجمركي وغيرها من النفقات الأخرى!
بينما قال أحمد قسومة “تاجربالبزورية”: إن المواطن للأسف أصبح يشتري بالفرط وبالكيلو الواحد والنصف كيلو، بعد ان كان يشتري بالشوال، فسعر الكيس كان العام الماضي لا يتجاوز الـ50 الف ليرة سورية، واليوم يصل إلى 235 ألف ليرة، فالسكر مفقود حسب كلامه وليس موجود بأغلب المحال التجارية لغاية في نفس بعض التجار الكبار الذين يخفونه عن الأسواق في مستودعاتهم لرفع سعره لاحقاً!.
من جهته أكد عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق ياسر أكريم أن الأسواق المحلية بالمجمل تشهد ارتفاعات بموادها التي هي متوفرة بالأصل، لكن المواد الرئيسية مثل السكر والزيت حسب قوله يغلب عليها الندرة أي ليست متوفرة بالقدر الكافي، وهناك تحديات لجهة توافرها، ولا تحل المعضلة إلا السماح بتوفيرها بكميات أوسع من خلال فتح الاستيراد!.
وعود..!
ويرى مراقبون وخبراء اقتصاد أن الوعود التي وعدتها التجارة الداخلية بتوفير السكر بقيت على حالها دون تنفيذ، فهي من تشرع رفع سعر السكر وغيرها من المواد الغذائية،فمنذ شهر ونصف اختفى السكر بعد أن رفع الأسعار الاسترشادية للطن الواحد ليرتفع سعر الكغإلى 6000 ليرة على إثر ذلك،ومرة أخرى صرحت الوزارة انها ستبيع السكر على البطاقة الذكية بدون رسائل الكترونية عبر الجوالات، ويومها ارتفعت الأسعار أيضاً، لتناقض الوزارة نفسها بعد فتح دورة جديدة بداية الشهر الحالي ووصول الرسائل للمواطن.!
وفي بداية العام الحالي طلبت وزارة التجارة من المستوردين والتجار الالتزام بإصدار الفواتير التي تضمن عدم بيع كغ السكر الواحد للمستهلك بأكثر من2600 ليرة، واليوم تطالبه بالالتزام بسعر 3900 ليرة سورية، أي أن الارتفاع كان أكثر من 1200 ليرة سورية خلال ستة شهور مع أن سعر تمويل المستوردات نفسه لم يتغير، حتى أن رسائل السكر المباشر بالأشهر الماضية تبخرت،وكان جواب الصالات السورية أن السكر المباشر غير متوفر، لكن تم تأجيلها إلى بداية الدورة التموينية الجديدة بسعر 3800 ليرة سورية،وقامت بتخفيض كميات المباشر إلى 2 كغ للجميع!.
تخبطات..!
تخبطات بدت واضحة حين خفضت وزارة التجارة سعر السكر المبيع في السوق من 4400 ليرة الى 3900 ليرة خلال يومين،خاصة بعد أن أظهر الصناعي عاطف طيفور استعداده لتامين السكر بسعر 1550 ليرة سورية بسعر تمويل البنك المركزي وبكميات مفتوحة، داعياً التجارة الداخلية إلى عدم التسرّع واعتماد الدقة عند إصدار نشرات أسعار المواد الاستهلاكية لما لذلك من انعكاسات كثيرة على السوق، في وقت راحت وزارة التجارة الداخلية تنفي وجود أرباح لها بالموضوعوأي حالة من التلاعب والاحتكار، حيث أن الاستيراد مشرع للجميع وبدون استثناء حسب قولها.
طبعا هذا الكلام لم يتفق مع جمعية حماية المستهلك بدمشق وريفها التي تؤكد وجود خطأ في وفرة السكر وعرضه بالسوق، وكأن الجمعية هنا تشكك بقدرة مستوردي السكر على توفير السكر بالسوق المحلية لغاية احتكاره ورفع سعره لاحقاً.
الخبير الاقتصادي محمد الرشيد أوضح أن مادة السكر تعتبر من المواد الغذائية الاستراتيجية المصنفة في أولى قوائم المستوردات، حيث يتم استيراد السكر بكميات سنوية تصل إلى 500 ألف طن، ضمن احتياجات تقدر بين 700 و800 ألف طن، إلا أن العقوبات الاقتصادية المفروضة أثرت بشكل سلبي على التوريدات لدينا من الدول التي يتم الاستيراد منها كالبرازيل وإيران ومصر والجزائر فانخفضت عن قبل، فالسكر يرتفع بسبب زيادة أسعار النفط عالمياً وارتفاع أجور التوريد من الشحن والنقل والتخليص جمركي، وهذا الأمر أربك السوق، وأدى إلى قلة بالمعروض من السلع الغذائية.
وعن أثر قرار الحكومة برفع سعر استلام محصول الشوندر السكري من الفلاحين إلى 400 ليرة سورية، أوضح الرشيد أنه قرار جيد وبوقته كونه يخفف من فاتورة الاستيراد اذا استثمرت كافة الطاقة الإنتاجية للمعامل بالشكل المناسب، ولكن هناك تحديات تقف أمام الفلاح واستكمال زراعته لهذا المحصول كتأمين البذار والمياه والمحروقات والأسمدة وتكلفة نقله للمعامل التي باتت مرتفعة اليوم، إذ يجب على الحكومةأن تؤمنها له،وإلا بقيت المساحات المزروعة بالشوندرالسكري منخفضة ولا تفي بالحاجة خصوصاً مع تأهيل معمل تل سلحب للسكر بطاقة إنتاجية 4 آلاف طن يومياً، بعد توقف لسنوات.
مدير الاقتصاد الزراعي في وزارة الزراعة الدكتور أحمد دياب أوضح أن محصول الشوندر من المحاصيل الاستراتيجية الهامة التي يعول عليها هذا الموسم لتأمين 20 بالمئة من احتياجنا للسكر، وجاء قرار الحكومة برفع أسعار استلام المحصول من المزارعين الى 400 ليرة سورية للكيلو الواحد بعد إعادة النظر في التكلفة والإنتاج من خلال زراعة المحصول، مشيراًإلى أن القرار يأتي محفزاً ومشجعاً للفلاح على زراعة أرضه وتأمين المحصول كتغطية لحاجة معامل السكر، وتخفيف على خزينة الدولة وفاتورة الاستيراد.