انتخابات الإدارة المحلية.. مشاركة شعبية واسعة لصالح الخيارات المسؤولة وصناديق الاقتراع بوابات لمرور الكفاءات!
“البعث الأسبوعية” – بشير فرزان
أمال كبيرة يستودعها المواطن في المجالس المحلية القادمة والتي سيقع على عاتقها تنفيذ البرامج التنموية والاقتصادية والعمرانية والخدمية ولا شك أن برامج عمل المرشحين تنتظر المرور من صناديق الاقتراع إلى المجالس المختلفة، وطبعاً هذا المرور مرهون بوعي الناس لاختيار أصحاب الكفاءات والكف النظيف، إضافة إلى منع أصحاب النفوذ من تمرير رغباتهم بطريقة غير شرعية ومسيئة للمواطن والمجتمع، ومن هنا تبدأ خطوة الألف ميل إن كانت هناك نوايا جادة وإرادة حقيقية لإصلاح هذه المنظومة.
إذا أيام قليلة تفصل بين المواطن وبوم الاستحقاق الانتخابي “الأحد القادم 28 أيلول”، فمع صدور قوائم الوحدة الوطنية تجدد الحراك الانتخابي ليشغل الشارع السوري بانتخابات الإدارة المحلية التي تمهّد لمرحلة جديدة من العمل المؤسساتي الخدمي، مع وضوح ماهية المجالس القادمة التي يستودعها الناس كما قلنا تطلعاتهم وأمانيهم بتحسين الواقع الخدمي، وإعادة عمل هذه المجالس والوحدات الإدارية إلى مسارها الصحيح لاسترداد ثقة غالبية الناس، وتجاوز الخلل الكبير الموجود في عمل بعضها الذي تحول بالممارسة إلى عمل استثماري يسهم في تضخيم الأرصدة الشخصية بشكل علني دون أن تكون هناك أية رقابة، بل على العكس هناك الكثير من الأحاديث التي يتناولها الشارع عن شراكات وشبكات عمل عنكبوتية تجمع ما بين مفاصل تسلسلية عديدة بقصد الانتفاع أو التغطية المأجورة على مخالفات وتجاوزات في كل المحافظات كما حصل في حي الفردوس نتيجة فساد بعض الأشخاص في المجالس والذي أدى إلى انهيار بناء كامل على سكانه وهذا يمكن تعميمه على باقي المحافظات، وبالمقابل الانتخابات تتطلب وعياً شعبياً لانتقاء الخيارات القادرة على العمل، والقيام بمسؤولياتها كاملة بعيداً عن الشبهات أو التقاعس والإهمال في العمل وضعف الأداء لتصل إلى حكم الفساد بكل مجالاته؟
ورغم قساوة حكم الشارع على عمل الوحدات الإدارية، وتحديداً البلديات التي باتت في نظر الكثيرين مستثمرة لصالح بعض الأشخاص، وانتقاد الناس للمنظومة الإدارية التي تتراكم الأخطاء في سجلات عمل المئات منها، واضمحلال المعالجات والحلول المتخذة بحقها التي تعترضها الكثير من التقاطعات التنفيذية بما يخمد فاعليتها، ويحيل قدراتها الإصلاحية إلى التقاعد المبكر، إلا أن ذلك لم يخمد الأمل بإمكانية إحداث تغيير حقيقي في منظومة العمل الإداري والفكر المؤسساتي الذي يديرها بما يحسن الأداء، وقد عبّر المواطنون عن ثقتهم بأن الخيارات الانتخابية لمجالس الإدارة المحلية ستكون على قدر كبير من المسؤولية والالتزام، خاصة في المرحلة القادمة التي ستكون فيه صناديق الاقتراع بوابات لمرور الكفاءات التي تتصف بالنزاهة والإخلاص.
وطبعاً، عدد كبير من الذين التقيناهم من مختلف الفئات والشرائح أكدوا أن دور المجالس المحلية واضح كما هو وارد في المرسوم رقم 107 تاريخ 23/ 8/ 2011 الخاص بقانون الإدارة المحلية الذي جاء ليطور عمل مجالس الوحدات الإدارية (المحافظة – المدينة – البلدة – البلدية) ومكاتبها التنفيذية، والذي تمثّل في إضافة دور تنموي إلى جانب الدور التقليدي (الخدمي) الذي كانت تمارسه مجالس الوحدات الإدارية ومكاتبها التنفيذية في ظل قانون الإدارة المحلية السابق، حيث تجلى التركيز على الدور التنموي من خلال ما نصت عليه المواد المتضمنة أهداف القانون (وضع خطط تنموية، وتنمية الموارد لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين، وتطوير فرص اقتصادية وتنموية، وإيجاد حالة من التكامل بين الدور الخدمي والدور التنموي)، كما حددت مواد أخرى في القانون آلية القيام بهذا الدور من قبل المجالس المحلية ومكاتبها التنفيذية، وورد ضمن اختصاصات مجلس المحافظة تكليف جهات مختصة في الأجهزة المحلية والمركزية، وإمكانية الاستعانة ببيوت خبرة محلية أو دولية لوضع رؤية تنموية مستقبلية اقتصادية اجتماعية وخدمية، وترجمتها إلى خطط طويلة الأجل تضمن الانتقال إلى مراحل تنموية متقدمة اقتصادياً واجتماعياً ومؤسسياً وثقافياً، وطبعاً سيخضع أعضاء المجالس بعد انتخابهم لأحكام قانون الإدارة المحلية الذي أولى من خلال مواده عناية خاصة لمراقبة عمل أعضاء المجالس المحلية ومكاتبها التنفيذية، خاصة في بابه التاسع الذي حمل عنوان “الرقابة وإنهاء العضوية”، وقد صدرت عدة مراسيم بحل عدد من المجالس المحلية بسبب فسادها أو تقصيرها أو ضعف أدائها وسوء استخدامها للصلاحيات الممنوحة لها.
المجتمع الأهلي
يضع المجتمع الأهلي مجالس الإدارة المحلية في خانة الحلقة الوسيطة التي تربط بين الحكومة والمواطن ولها أهمية كبيرة في تحقيق التنمية المستدامة على المستوى المحلي ويظهر ذلك من خلال توسيع فرص المشاركة في وضع الخطط والكشف عن متطلبات المجتمع المحلي وتحقيقها.
مهند دانة “موظف” أكد أن المشاركة في الانتخابات ضرورة ملحة وحالة وطنية تعكس مدى وعي المواطن لواجباته والتزاماته والمشاركة في تجسيد الديمقراطية حيث كانت الفترة السابقة كفيلة بمعرفة الجيد والقادر على متابعة شؤون المواطنين لذلك لا بد من العمل على حق هؤلاء ليكونوا أعضاء في المجالس المحلية مع التركيز على شريحة الشباب والدماء الجديدة التي تعقد الآمال عليها.
من جهته الدكتور علي بدران أشار إلى أن الفترة الحالية مهمة من تاريخ سورية ولا بد اعتبار المعيار الوطني الأساس في الاختيار والمشاركة في انتخابات الإدارة المحلية يجب أن تكون واسعة وخاصة لدى جيل الشباب لاختيار الممثل المناسب خاصة الكوادر الكفوءة القادرة على تحمل المسؤوليات.
المهندسة اسمية أبو محمود دعت المواطنين للمشاركة في اختيار الشخص الذي يمثلهم لافتة إلى أن الإدارة المحلية تسهم في تحديد أفضل احتياجات المواطنين وتحديد مشكلاتهم وتحسين مستوى كفاءة الإدارة وتشغيل المرافق العامة وزيادة الجودة في عجلة العمل ويجب على أي شخص يجد في نفسه الكفاءة ترشيح نفسه ليكون عوناً لأبناء منطقته ونقل احتياجاتهم وتنمية الوحدات الإدارية.
وتأكيداً على دور المرأة ومشاركتها في الحياة العامة أكدت مارييت خوري أن لسيدات سورية دور وحضور فعال في تطوير المجتمع والارتقاء به لافتة إلى أهمية مشاركة المرأة بالترشح والانتخاب كونها تمثل أكثر من نصف المجتمع وهي الركيزة الأساس لصلاحه ونهوضه فضلاً عن كونها تمتلك طاقات وامكانيات كبيرة تخولها القيام بمهام قيادية ريادية تمكنها من المساهمة بتطور المجتمع والارتقاء به.
وأشارت إلى الدور الكبير الذي لعبته المنظمات الشعبية وخاصة الاتحاد العام لنقابات العمال لتأخذ المرأة دورها الحقيقي في بناء المجتمع بتفوقها في الكثير من القطاعات حيث شغلت مواقع مهمة في مفاصل الحياة مؤكدة دور الشابات في هذه المرحلة لإحداث التطور الإيجابي الذي ينسجم مع متطلبات المرحلة ويخدم أهداف المجتمع في جميع القطاعات.
بدورهم أكد عدد من أعضاء مجلس الشعب سنحت لنا فرصة لقائهم أن انتخابات الإدارة المحلية المقررة في الثامن عشر من شهر أيلول القادم استحقاق أساسي ومهم يجب أن يكون الجميع شريكاً أساسياً وفاعلاً فيه من أجل اختيار مجالس محلية قادرة وكفوءة تعمل على خدمة مجتمعاتها المحلية بشكل كامل.
الناجحون ضمن قوائم الوحدة الوطنية والذين تواصلنا مع بعضهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي أكدوا أن هذه الثقة تزيد من مسؤولياتهم وتفرض عليهم بذل المزيد من الجهود والعمل بكفاءة ليكون بحق مجالس كفوءة منتخبة قادرة على اتخاذ قرارات تنموية صائبة وتحسين الخدمات بشكل ترضي المواطن وتؤمن له كل مايحتاجه ودعوا المواطن إلى المشاركة في عملية الاقتراع وان يمارس دوره ليس في اختيار ممثليه فقط بل في الرقابة الشعبية على عمل المجالس المحلية الجديدة.
وأشاروا إلى أن قانون الإدارة المحلية 107 عزز الديمقراطية وحكم المجتمع المحلي نفسه بنفسه حيث أعطى المجالس المحلية الصلاحيات الكاملة في جميع القطاعات الخدمية والقدرة على اتخاذ القرار وإدارة شؤون المجالس والاستقلالية المالية في الموازنة والصرف وتأمين الأموال والاستثمار وتمكين الكوادر القيادية وتدريبها وأعطى الشارع السوري والمنظمات الشعبية الحق في الرقابة الشعبية واعتبروا أنه يضاهي قوانين الدول المتقدمة.
وأكدوا أيضاً أن القانون 107 ترجم ما ورد في الدستور حيث كان أبرز أهدافه تكريس لامركزية السلطات والمسؤوليات وتركيزها بأيدي أفراد الشعب وهو تطبيق لمبدأ الديمقراطية وخلق وإيجاد وحدات إدارية كفوءة وقادرة على وضع الخطط وتنفيذها بما يلبي الغاية الأساسية وهي النهوض بالمجتمع تنموياً وخدمياً بكل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية والرياضية وكل مناحي الحياة وتعزيز إيرادات الوحدات الإدارية.
لامركزية السلطات
حسين مخلوف وزير الإدارة المحلية والبيئة أكد خلال مؤتمر صحفي عقد في مبنى وزارة الإعلام: إن المادة الـ 12 من دستور الجمهورية العربية السورية تنص على أن المجالس المنتخبة ديمقراطياً على الصعيد الوطني أو المحلي مؤسسات يمارس المواطنون عبرها دورهم في السيادة وبناء الدولة وقيادة المجتمع فيما تنص المادة الـ131 على أن تنظيم وحدات الإدارة المحلية يرتكز على تطبيق مبدأ لا مركزية السلطات والمسؤوليات ويبين القانون علاقة هذه الوحدات بالسلطة المركزية واختصاصاتها وإيراداتها المالية والرقابة على أعمالها كما يبين طريقة تعيين أو انتخاب رؤسائها وكذلك اختصاصاتهم واختصاصات رؤساء المصالح فيها حيث يكون لوحدات الإدارة المحلية مجالس منتخبة انتخاباً عاماً وسرياً ومباشراً ومتساوياً.
وأوضح مخلوف أن انتخابات مجالس الإدارة المحلية القادمة تشكل بداية مرحلة جديدة لعمل الوحدات الإدارية بعد انتهاء المرحلة السابقة التي بدأت في الثاني من تشرين الأول 2018 وتنتهي في الثاني من تشرين الأول القادم مشيراً إلى أن الإقبال الكثيف على الترشح والشهادات العلمية التي تقدمت والتنوع بأعمار المتقدمين والمشاركة اللافتة للمرأة هذا العام ستسهم في إنتاج مجالس محلية قادرة وكفوءة تتحمل كامل مسؤولياتها لوضع خطط تنموية للسنوات الأربع القادمة بما ينعكس إيجاباً على تنمية مجتمعاتها في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية والصحية وتحسين الخدمات وتبسيط إجراءاتها.
وأشار مخلوف إلى وجود صلاحيات كاملة للمجالس المحلية المنتخبة لتنمية مجتمعاتها والنهوض بها وشدد على أن نجاح هذا الاستحقاق سينعكس على المجتمع فمعركتنا اليوم بعد تحرير الجيش العربي السوري معظم الأراضي السورية من الإرهاب هي معركة إعادة الإعمار والتنمية التي تؤدي المجالس المحلية الدور الأكبر فيها عبر ممارسة عملها بشكل فعال من خلال استثمار الطاقات البشرية والموارد الطبيعية في مشاريع تنموية واستثمارية تعزز قوة الاقتصاد الوطني بمواجهة الإجراءات الاقتصادية القسرية الغربية غير الشرعية المفروضة على سورية بسبب تمسكها بقرارها الوطني المستقل.
تحديد المراكز
مع انتهاء اللجان القضائية الفرعية في المحافظات بالتنسيق مع المحافظين عملها بتحديد عدد المراكز المقرر اعتمادها لانتخابات المجالس المحلية القادمة.. بلغ عددها 7348 مركزاً انتخابياً موزعة على أراضي الجمهورية العربية السورية كافة حيث كان هناك حرص على توزيع المراكز الانتخابية على مناطق جغرافية مختلفة ليتمكن الناخب من الإدلاء بصوته بكل سهولة ويسر ودون عناء وبفضل جهود العديد من الجهات تم استكمال كل ما يلزم هذه المراكز من تجهيزات وأدوات لوجستية ومطبوعات وأصبحت جاهزة لاستقبال الناخبين في الموعد المحدد لإجراء الانتخابات في الـ 18 من أيلول الجاري.
وفيما يخص الدوائر الانتخابية التي يتعذر إجراء الانتخابات فيها لأسباب مختلفة وافقت اللجنة القضائية العليا على نقل الدوائر الانتخابية التي وجدت أن هناك أسباباً موجبة لنقلها ووزعتها في محافظاتها نفسها ولكن بمناطق مختلفة وهي في (حلب ودير الزور وحماة وريف دمشق) أما بالنسبة لدوائر محافظة إدلب فتم نقل بعض دوائرها الانتخابية إلى خارج المحافظة وتوزيعها في (ريف دمشق وحماة وحلب وطرطوس واللاذقية) وعددها 17 مركزاً انتخابياً حيث عالج قانون الانتخابات العامة هذا الأمر بالمادة 59 و أجاز للجنة القضائية العليا نقل دائرة انتخابية إلى مكان آخر عند الضرورة.
ومع تأدية لجان المراكز الانتخابية لتأدية اليمين القانونية المنصوص عليها في قانون الانتخابات العامة والتي يؤديها أعضاء لجان المراكز قبل مباشرتهم عملهم يوم الانتخاب”لا يبدأ العد التنازلي لليوم الانتخابي الذي سيكون بداية لمرحلة جديدة من العمل والبناء فالإقبال الكثيف على الترشح لانتخابات المجالس المحلية والشهادات العلمية التي تقدمت للترشح والتنوع بأعمار المرشحين والمشاركة اللافتة للمرأة ستسهم حتما في إنتاج مجالس كفوءة قادرة على وضع خطط تنموية للسنوات الأربع القادمة للنهوض بمجتمعاتها المحلية وعلى الجميع تشجيع جميع شرائح المجتمع للمشاركة الواسعة في الانتخابات واختيار الأكفأ والأجدر لتشكيل مجالس محلية حقيقية وفاعلة تعكس ثقة الشارع السوري وتحقق أماله من حيث الأداء والخدمات والأعمال التي تقوم بها لخدمة المجتمع.