حجر الأساس!
بشير فرزان
يضعُ الشارع السوري اليوم حجر الأساس لمرحلة جديدة ومهمّة في مستقبل البلد، من خلال المشاركة الواسعة في انتخابات الإدارة المحلية، حيث ترسمُ نتائج صناديق الاقتراع في هذا الاستحقاق آمال الناس في اختيار من يجسّد تطلعاتهم إلى مرحلة عمل جديدة في قطاع الإدارة المحلية عبر انتخابات ديمقراطية وخيارات وطنية، سواء عبر قوائم الوحدة الوطنية أو تلك المدرجة في خانة المرشّح المستقل.
ولا شكّ أن الآمال المعقودة على المجالس الجديدة تحمّل كلّ من ينضوي في منظومة عملها مسؤوليات كبيرة خلال الفترة القادمة، سواء على صعيد العمل والأداء والتعاطي الإيجابي مع قضايا الناس، أو لناحية الالتزام الأخلاقي تجاه ثقتهم بما يسقط تلك الصور السوداء الملوثة بالكثير من التجاوزات من الذاكرة، ويفتح الباب أمام رؤى متقدّمة من العمل المحلي المشبع بالإنجازات والخطوات الحقيقية الضامنة للمشاريع الخدمية بكلّ مجالاتها التنموية والاقتصادية والاجتماعية والعمرانية التي أتاحها القانون 107.
وهنا لا بدّ من التأكيد أن النجاح يمثل قوة الدولة ويعزّز موقع مؤسّساتها في حياة المواطن، فأهمية عمل المجالس المحلية أنها تجمع بين تقديم الخدمات اليومية التي عانت دائماً من التقصير والإهمال، سواء في النظافة أو في تعبيد الطرقات وتحسين واقعها، أو في الأعمال الإدارية التي هي على تماسٍ مباشر بمصالح المواطن، وبين المشاريع الكبيرة في التخطيط والتنظيم والعمران والتنمية، والتي وللأسف لم تسلم أيضاً من المخالفات والتجاوزات والعجز في تحقيق أهدافها، وبشكل أدان المجالس المحلية ووضعها محلّ اتهام دائم بالخلل!
واليوم، ورغم أجواء الارتياح التي تسود الشارع حول انتخابات الإدارة المحلية، إلا أنها لم تلغِ مشروعية الكثير من التساؤلات حول مصير المخالفات السابقة، وعن إمكانية تفعيل المحاسبة والمساءلة وإيقاظ العديد من الملفات النائمة في الإدراج، بما يهدّئ تساؤلات ومخاوف الشارع حول إمكانية إفلات المخالفين من قبضة العدالة، ليكونوا بذلك مثالاً صارخاً عن فشل منظومة الرقابة على هذه المجالس. وهنا لا بدّ من التأكيد أن يد المحاسبة قد تسهم في اجتثاث تلك الأفكار السوداء الحالمة بالإثراء والنافثة للغايات النفعية الشخصية على حساب المصلحة العامة من مخيلة بعض العابرين اليوم إلى المجالس المحلية ومكاتبها التنفيذية أي (قطع رأس القط من الليلة الأولى).
وبلغةِ الأملِ نقول: لا شكّ أن انتخابات الإدارة المحلية تشكّل بوابة للتفاؤل والعبور إلى مرحلة جديدة انتظرها السوريون المتطلعون إلى المستقبل، لما لها من حضور في ساحة الانتصار الحقيقي، فهي محطة مهمّة في الحياة الدستورية والسياسية لمجتمعنا، خاصة وأنها القاعدة الأساسية في العمل المؤسّساتي وأحد معابر الخلاص وتسريع التعافي والانعتاق من فوضى الحرب والمعاناة إلى مرحلة الإعمار والاستقرار بكلّ تصنيفاته وأشكاله.