الجروح الذاتية.. كارثة الولايات المتحدة الجيوسياسية
عائدة أسعد
وفقاً لمقال رأي نشره موقع “ذا هيل” في 16 أيلول الجاري، هناك دليل مقلق على وجود اختلال خطير ومتزايد في التوازن بين التزامات الولايات المتحدة العالمية، والموارد الاقتصادية المطلوبة للوفاء بها.
وأشار المقال إلى أن الولايات المتحدة تشهد تراجعاً في مجالات القوة العسكرية، والقوة الاقتصادية، والتماسك الداخلي، ويرجع ذلك في الأساس إلى سلسلة من الجروح الذاتية، وأبرزها حربان طويلتان انتهتا بشكل كارثي، وتركتا إرثاً من القيادة الفاشلة، والاستقطاب السياسي، والمصداقية الأمريكية المتضائلة إلى حدّ كبير في جميع أنحاء العالم.
وأضاف المقال: بدلاً من التعلّم من الأخطاء في حربي العراق وأفغانستان، شنّت الولايات المتحدة حرباً بالوكالة مع حلفائها في الناتو ضد روسيا، والتي ستتحوّل تدريجياً إلى صراع طويل الأمد، مع عدم وجود أهداف محدّدة بوضوح، أو استراتيجية خروج قابلة للتطبيق مع كلّ المخاطر المصاحبة لسوء التقدير والتصعيد المحتمل.
وحتى لو تمتّعت الولايات المتحدة بظروف التماسك الاجتماعي والهيمنة الاقتصادية، فإنها تخاطر بفقدان موقعها كقوة عالمية بارزة في مواجهة هذه التحديات الرهيبة، حيث لم تتعرّض أمريكا للضرب الاقتصادي فحسب، بل استقطبت سياسياً أيضاً، وهو ما ينعكس في الغالب على مواطنيها الذين تمّ تلطيخهم على نطاق واسع بفرشاة العنصرية، وتفوق البيض، والإرهاب الداخلي.
ووفقاً لاستطلاعات الرأي فإن ما يمكن أن يكون أسوأ هو أنه مع اقتراب الانتخابات النصفية الأمريكية، يرى معظم الأمريكيين أن بلادهم تسير على المسار الخطأ في مجال القضايا التي تهمّ معظم الناخبين، بما في ذلك الاقتصاد والتضخم والجريمة وأزمة الحدود، والتي ليست على رأس جدول أعمال القاعدة التقدمية للحزب الديمقراطي التي تستجيب بشكل أكبر للقضايا ذات الطابع الأيديولوجي، مثل الجنس والعرق وتغيّر المناخ.
من الجدير بالذكر أنه لا تزال هناك فجوة واسعة ليس فقط بين الحزبين السياسيين، ولكن بين المجتمع ككل، وهو ما لا يظهر أي بوادر للانفراجات في أي وقت قريب.