انخفاض أعداد الخادمات الأجنبيات .. نشّط العمالة المنزلية المحلية؟!
البعث الأسبوعية- ميس بركات
لم تُنقص سنوات الحرب من أعدادهن، بل على العكس بات رؤية عائلة من سكان الأحياء الراقية دون وجود “خادمة أجنبية” مشهد غير مألوف لنا، فعلى الرغم من أن وباء كورونا حدّ بشكل جزئي من استقطاب العمالة الأجنبية إلى بلدنا، إلّا أنّ دخولهن بطرق غير شرعية “تهريب” لأكثر من عام فتح الطريق للكثير من الأشخاص ممن وجدوا بهذه المهنة “باب رزق كبير” لاسيّما وأن العوائل “المخملية” استمرت بدفع الكثير والقليل لاستقدام الخادمات الأجنبيات خاصّة مع انتشار هذا الوباء والعزلة المفروضة في المنازل بالتالي كثرة الأعمال المنزلية، في المقابل لم يكن الحظ محالفاً لعدد من العوائل في استقدام هذه العمالة التي تمادى مستقدميها بالأرقام المالية المطلوبة لدخولهن البلد خاصّة وأنّ تلك الأرقام لم تكن بالعملة المحلية، الأمر الذي جعل الاتجاه نحو العمالة المنزلية السورية أفضل حالاً ومالاً سواء عن طريق المكاتب المرخصّة لاستقدام هذه العمالة الوطنية أو عن طريق صفحات التواصل الاجتماعي.
عبء اقتصادي
كثيرة هي المقالات والبرامج الإعلامية التي تحدثت عن مخالفات بالجملة بحق مكاتب استقدمت عمالة أجنبية دون التقيّد بالشروط والقوانين المالية والإدارية في استقدامهن وتوثيق العقود معهنّ، إلّا أنّ الضبوط بحق تلك المخالفات لا تزال تُعد على أصابع اليد، ناهيك عن المبالغ الخيالية التي علمنا بها خلال اتصالنا مع أحد المكاتب المرخصّة قانونياً وغير الملتزمة بالشروط المالية الموضوعة من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ليطرح علينا المكتب أرقام خيالية لا تمت لرواتب الموظفين في القطاعين العام والخاص بصلة، الأمر الذي يخلق عشرات إشارات الاستفهام حول طبيعة عمل تلك الشريحة المستقدمة للعمالة الأجنبية والجدوى الاقتصادية العائدة لخزينة الدولة باستقدام هذه العمالة بالقطع الأجنبي في الوقت الذي نحن أحوج به لمشاريع صناعية وزراعية ناجحة توفر علينا القطع الأجنبي، إضافة إلى ضرورة استقدام عمالة خبيرة لها القدرة على إضافة قيمة مضافة لاقتصادنا لا العكس.
عمالة سورية
ومن منحى آخر نجد أنّ انخفاض استقدام العمالة المنزلية من غير السوريات نشّط العمالة المنزلية المحلية وسط عدم إلمام هذه العمالة بحقوقها والقانون الناظم لحمايتها، لاسيّما وأننا نقرأ يومياً مئات طلبات النساء على صفحات التواصل الاجتماعي لأرقام عاملات منازل بخدمة يومية أو شهرية أو سنوية، ويكون الرد فيسبوكياً حاضراً بالسرعة القصوى من رواده اللواتي استقطبن هذه العمالة “عن تجربة” بالتالي الترويج لهنّ، الأمر الذي يؤكد حاجتنا لزيادة عدد مكاتب العمالة الوطنية ووضعها بمتناول يد رواد هذه العمالة وتأطيرها بالقوانين لحماية العاملات السوريات في حال تعرض العاملات لحالات طرد التعسفي من قبل العوائل المستقدمة، أو تعرضهن للظلم” من ضرب واتهام بالسرقة والتي وصلت بالكثيرات إلى السجن دون استجوابهن نتيجة عدم التزامهن بمكتب معيّن لحمايتهن”، إذ لا زالت العمالة الوطنية غير مطلوبة كالأجنبية لأسباب كثيرة أبرزها “البحث عن البرستيج” الذي يكتمل مع وجود خادمة أجنبية، الأمر الذي أكدته نازك رحمة “مديرة القوى العاملة في وزارة الشؤون الاجتماعية” بعدم تجاوز عدد المكاتب المرخصة لتشغيل العمال المنزليين السوريين الثلاث مكاتب وقد تم التقدم بطلب إلغاء ترخيص أحدهم، وفيما يتعلق بالقانون الناظم لحماية العاملات المنزليات السوريات تحدثت رحمة عن الفقرة “أ” من المادة “21” من القانون رقم 10 والتي ألزمت أصحاب المكاتب والمستفيدون بالمعاملة الإنسانية والأخلاقية للعامل المنزلي ويعد كل منهم مطلعاً على أحكام الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها سورية وعلى القوانين والأنظمة الوطنية المتعلقة بحقوق الإنسان في كل ما يتصل بالعمل المنزلي، ولفتت مديرة القوى إلى المادة رقم “6” لعام 2021 المتضمن التعليمات التنفيذية لأحكام القانون المتعلق بتنظيم تشغيل طالبي العمل المنزلي داخل سورية بحيث يحظر على صاحب المكتب أو العاملين فيه أو المستفيد المساس بكرامة العامل المنزلي أو إهانته أو تعذيبه أو ضربه أو شتمه أو تكليفه بأعمال ليست من طبيعة العمل المنزلي تحت طائلة فرض العقوبات التي تنص عليها التشريعات النافذة بهذا الخصوص، كما يعاقب كل مستفيد يخالف التزاماته الناشئة عن عقد العمل بينه وبين العامل المنزلي بغرامة مالية وتضاعف الغرامة في حال تكرار المخالفة من قبل صاحب المكتب أو المستفيد.
حماية العمالة
وفيما يتعلق بالمخالفات المرتكبة من قبل المكاتب الخاصة باستقدام العاملات المنزليات من غير السوريات أكدت رحمة أن القانون السوري نظم أحكام وشروط ترخيص مكاتب استقدامهن بحيث وصل عدد المكاتب المرخصة والتي لا زالت تزاول عملها حتى اليوم 22 مكتب موزعة في دمشق15مكتب وثلاث مكاتب في حلب ومكتب في اللاذقية ومكتب في حمص إضافة إلى مكتب في طرطوس، كما تتم الرقابة عليهم عن طريق الجولات التفتيشية التي يقوم بها مفتشي العمل الذين يسميهم الوزير، وفي حال وجود مخالفة يتم اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في المرسوم التشريعي رقم-65- ، أما بالنسبة للإجراءات المتخذة من قبل الوزارة بحق المكاتب التي تقوم على استغلال العاملات المنزليات من غير السوريات فتتم مخاطبة الجهات المختصة بما في ذلك إدارة مكافحة الاتجار بالأشخاص لإجراء اللازم من قبلها أصولاً إضافة إلى الإجراءات التي يتم اتخاذها من قبل مفتشي العمل، مشيرة إلى توقف استقدام هذه العمالة خلال جائحة كورونا بشكل نظامي لكن تم الاستمرار بالتجديد للعاملات اللواتي كانوا ضمن سورية، وأشارت مديرة القوى العاملة إلى العقوبات الناظمة بحق كل من يقوم بفتح مكتب أو ممارسة أعمال استقدام أو تشغيل دون الحصول على ترخيص بغرامة مالية تصل إلى خمسة ملايين ليرة أو الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن سنتين أو بكليهما وللوزير أن يقرر إغلاق المكتب المخالف وينفذ قرار الإغلاق من قبل الوحدة الإدارية المعنية، ولفتت رحمة إلى أن تكلفة ترخيص مكاتب الاستقدام وفق القانون تتلخص بتكليف صاحب المكتب بتسديد بدل نقدي لصالح الخزينة العامة للدولة مقداره 3ملايين عند الترخيص لأول مرة ومليون ليرة سورية بدل تجديد ترخيص سنوي على أن يسدد خلال مدة ثلاثين يوماً من انتهاء مدة الترخيص، كذلك يكلف صاحب المكتب بتسديد كفالة غير مشروطة وغير قابلة للإلغاء قيمتها 15 مليون ليرة سورية تسدد على جزئين جزء نقدي يعادل 75% من قيمة الكفالة وجزء مصرفي يعادل 25% من قيمة الكفالة.