ستارلينك.. “حروب الجيل السادس”
بات الإنترنت سلاحاً حاسماً في الحروب، ولاسيما الجيل السادس منها، وها هو الملياردير أيلون ماسك عبر شركته “سبيس إكس” وخدمة “ستارلينك” يثبت ذلك، فبعد إعلان تزويد أوكرانيا بخدمة “ستارلينك” للاتصالات عبر الأقمار الصناعية، بات اليوم الأمر ذاته متاحاً في إيران على خلفية التحريض الغربي المتواصل على التظاهر، بعد وفاة الفتاة الإيرانية مهسا أميني إثر نوبة قلبية.
وفي محاولة منها لتأجيج الحالة الأمنية والدفع نحو تأزيم الأمور، سارعت واشنطن للتخلّي الجزئي عن العقوبات المفروضة من جانب واحد على طهران فيما يتعلق بقطاع الاتصالات، وإعفاء بعض خدمات الإنترنت والتكنولوجيا الموجّهة للبلد، وذلك من أجل “توفير الإنترنت عبر الأقمار الصناعية للمستخدمين الإيرانيين” على حدّ تعبيرها، ما يسهّل مهام “ستارلينك” التي هي عبارة عن خدمة إنترنت عالي السرعة عبر الأقمار الصناعية. وكان واضحا أن تخفيف العقوبات في هذا الجانب مع الحفاظ على أقصى قدر من الضغوط، في بقية الجوانب، إنما يدلّ بشكل قطعي على مضيّ الولايات المتحدة الأمريكية قدماً في أهدافها ضد إيران، ويهدف دون شك إلى إثارة مناخ عدم الاستقرار في إيران، وانتهاك سيادتها.
ورغم أن محاولات أميركا المتكرّرة تقويض استقرار إيران وأمنها كانت دون جدوى، إلا أن التحرّك الأخير ودخول ماسك على خط الصراع بين البلدين بعد تدخّله في الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا يعدّ وجهاً جلياً لحروب الجيل السادس التي باتت تضرب بقوة في المنطقة والعالم.
فالجيل السادس من الحروب يدار عن بُعد، من خلال استخدام “الأسلحة الذكية” لتأليب المجتمع عبر التجنيد الكامل لشبكات الإنترنت، وهو يعدّ الأحدث بين الأدوات التي تستخدمها الإدارة الأمريكية حالياً لتهديم أركان الدول وإفشالها، وفرض سيطرتها عبر زعزعة الاستقرار ونشر الفوضى في العالم.
وتتنوّع الوسائل الذكية لتشمل استخدام الطيور والحيوانات والأسماك كأدوات للتجسّس وإلحاق الضرر عن بُعد، وهذا النوع من الأدوات الذي تتبنّاه وكالة داريا التابعة للبنتاغون، لا بدّ له من تكنولوجيا ماسك التي لا تقدّم الخدمات مجاناً، فالإنترنت الفضائي العالي السرعة هو العصب الرئيسي لتلك الحروب الخطرة والمخترق الأكبر لكل التحصينات التي تتخذها الدول للحفاظ على أمن شعوبها وسيادتها، وقد شهدنا خلال الأشهر الماضية أمثلة متعدّدة لهذه الحروب، ولعل الإنترنت المجاني للأوكرانيين من أجل دعم النازيين الجدد في مشروعهم، ولبعض الإيرانيين كوقود لتأجيج الصراعات الداخلية، فهل ستقع الشعوب ضحية هذا الجيل الجديد من الحروب؟.
بلال ديب