تصريحات الرئيس الأسد من عدرا الصناعية .. ما هي الرسائل؟
دمشق – سانا:
تصريحات السيد الرئيس بشار الأسد الأخيرة، خلال زيارته لمشروع الطاقة الكهروضوئية في مدينة عدرا الصناعية بأنّ (إنشاء مشروع الطاقة الكهروضوئية هو نموذج للتفكير الاستثماري)، ربما تشكل موجهاً لأصحاب رؤوس الأموال بالدفع نحو فتح آفاق جديدة، واعتماد أساليب جديدة من (التوظيف الاستثماري) الوطني، والذي يفيد المجتمع ككل، بعيداً عن غايات الربح السريع للمستثمرين، وخصوصاً في زمن الحرب والحصار.
الرئيس الأسد أراد من تلك التصريحات توسيع رادار (التفكير الاستثماري) لدى رجال الأعمال والتجار والصناعيين، بهدف إنشاء مشاريع تخدم المجتمع برمته، بدلاً من التفكير التقليدي بالمشاريع ذات الربح السريع بعيداً عن حاجات المجتمع الأساسية والضرورية، فالتفكير بالاستثمار مثلاً في مشاريع الطاقة والإنتاج التي أكّد عليها الرئيس الأسد من شأنه التخفيف من صعوبات الحياة العامة، ومساعدة مؤسسات الدولة في تحسين الخدمات، وهنا تشديد على أن المسؤولية الوطنية تقع على الجميع وليس على الدولة فقط.
وفي ظل ما تتعرض له سورية من حصارٍ وعقوبات غربية جائرة أحادية الجانب، إضافةً إلى الحرب الإرهابية التي تعرضت لها وحجم التدمير الكبير للبنى التحتية، فإن (المسؤولية الوطنية) تكون مضاعفة على أصحاب رؤوس الأموال، وبالتالي عليهم التفكير في مشاريع البنى التحتية وقطاع الخدمات، وليس التوجه نحو (مشاريع استهلاكية) تزيد من العبء الاقتصادي على واردات الدولة، بدلاً من الإنتاج وحصد الأموال والأرباح على حساب المواطن.
ففي كل دول العالم التي تتعرض لحروب وأزمات يقوم رجال أعمالها الوطنيون بالاستثمار في مشاريع حيوية تفيد الوطن والمجتمع، دون النظر إلى حجم الأرباح المحققة، فالعمل هنا يجب أن يكون وطنياً ومسؤولاً بالوقت نفسه.
إنّ المعادلة التي تحدّث السيد الرئيس عنها حول الطاقة الكهربائية وتقوم على مستويات عدة، منها الاستمرار في تأهيل وإنشاء منشآت الكهرباء التقليدية، مثل محطات التوليد البخارية أو الغازية التي تنتج الكهرباء التقليدية، والتي تعمل عليها الدولة في كل المحافظات بالوقت نفسه، هي الذهاب نحو اعتماد الطاقة البديلة (الكهروضوئية) كخيارٍ استراتيجي للدولة السورية، والتي سيكون تأثيرها تراكمياً مع الزمن.
لقد أراد الرئيس الأسد من هذه المعادلة التأكيد على أنّ مسؤولية إنشاء مشاريع طاقة كهروضوئية تقع على عاتق القطاع الخاص، مع تعاون مؤسسات الدولة في تقديم ما يلزم، على ألّا تكون شريكة معه في رأس المال، إذ يجب على أصحاب رؤوس الأموال التشارك بينهم لإنشاء مشاريع الطاقة الكهروضوئية، وبالتالي التوجّه نحو الاستثمار الجماعي في هذا المجال، ولعل مشروع الطاقة الكهروضوئية في عدرا الصناعية، والذي يهدف إلى توليد 100 ميغا واط من الكهرباء، ويتم إنشاؤه بالتشارك بين مجموعة من رجال الأعمال نموذج يحتذى في هذا المجال.
فهذا المشروع نموذج للاستثمار الوطني الذي يلبي حاجة المجتمع والمواطن، ويدعم سياسة الدولة في العمل على سد العجز في تأمين الكهرباء، الأمر الذي يعكس المسؤولية الوطنية للجميع، بعيداً عن الاستثمار في الجوانب الاستهلاكية أو الكمالية.
ولعل الفكرة الأساسية تقوم على دعوة رجال الأعمال للتخلي عن التفكير بالمشاريع التي تحقق لهم الربح السريع على حساب مصلحة الوطن والمواطن، والتفكير بالاتجاه نحو المشاريع التي تحقق الفائدة المجتمعية، وبالوقت نفسه تحقق لهم الربح أيضاً على المدى الطويل.