الموقف الأمريكي.. رسائل برسائل؟
علي اليوسف
بكلمات تشي باللعب على الوقت، أرسلت الولايات المتحدة رسالة إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية بأن لديها حسن النيّة من أجل التوصل إلى اتفاق بخصوص المفاوضات النووية. هذه الرسالة كشف عنها وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، وكشف معها ما هو أهم من مضمون الرسالة -حسنة النيّة- بحدّ ذاتها بأن إيران تريد أن تبرهن واشنطن على الواقعية وتوفر الإرادة وحسن النيّة لديها بهدف التوصل إلى الاتفاق. أي أن طهران تعرف جيداً أن كلمات الرسالة الأمريكية لا تغريها كثيراً ما دامت حبراً على ورق، ولم تترجم على أرض قاعات فيينا التي استضافت جولات الحوار والتفاوض، وأن إيران لا تبحث عن رسائل وتطمينات، بل تبحث بالفعل عن شجاعة واشنطن في المواقف، وليس في الكتابة لاتخاذ القرار الذي سيتيح الحصول على اتفاق دائم.
لعبةُ الرسائل الأمريكية من تحت الطاولة تكشفها إدارة بايدن نفسها، فبينما ترسل الرسائل، تخرج ويندي شيرمان نائب وزير الخارجية الأمريكي لتقول: “نحن في طريق مسدود”. وقبلها وصف وزير الخارجية أنتوني بلينكن الردّ الإيراني بأنه “خطوة إلى الوراء ويجعل احتمالات التوصل إلى اتفاق على المدى القريب غير مرجحة”، دون أن يقدّم إطاراً زمنياً للوقت الذي يعتقد فيه أنه سيكون من الممكن إحياء الاتفاق النووي الإيراني، ما يؤكد أن الولايات المتحدة إما غير راغبة أو غير قادرة على اتخاذ الموقف الشجاع الذي تطلبه طهران منها.
وبعيداً عن رسائل النوايا، لا تزال المواقف متباينة، إذ لكلّ دولة من الدول الغربية المعنية بمفاوضات الاتفاق النووي طريقتها الخاصة في اللعب على الوقت، ووحدها إيران ما زالت منذ اليوم الأول للاتفاق ثابتة على موقف إلغاء العقوبات عنها. ومن أساليب اللعب على الوقت، تمّ تسريب المقترح الأوروبي المتضمن 4 مراحل، وفترتين زمنيتين تستغرق كلّ منهما 60 يوماً، في حين لم يعرف موقف واشنطن النهائي سوى رسائل النوايا التي ترسلها هنا وهناك دون أي موقف يمكن الركون إليه، وهو ما يدلّ على أن هناك تنسيقاً بين المفاوض الأوروبي والظهير الأمريكي للعب على الوقت حتى إشعار آخر!.
حتى الآن لم يتسم الموقف الأميركي بالواقعية والمرونة، وكلّ ما هنالك رسائل برسائل دون الإفصاح عن موقف واشنطن النهائي تجاه نقاط التباين المتبقية والتي تدور حول 3 قضايا، أعربت فيها أميركا عن مرونتها اللفظية في حالتين دون إدراجها في نص الاتفاق، أما القضية الثالثة التي لم تبدِ واشنطن موقفها النهائي تجاهها فهي تلك التي تتعلق بضمان استمرار تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة وواقعية الولايات المتحدة لتلبية مطالب إيران في الحصول على ضمانات بتحقيق فوائد اقتصادية كاملة من الاتفاق النووي، وخاصة في مجال رفع العقوبات، وعدم تكرار الانسحاب الأميركي.