“صنع بسحر”.. الدورة الأولى لمهرجان ليالي الموشحات والقدود الحلبية
حلب – غالية خوجة
ما كان للموسيقا إلاّ أن تصدح وتعرّش وتعطّر حلب التي تستعيد ذاكرتها الفنية الطربية الممتدة على مرّ الأزمنة، عاكسة حضارتها الثقافية مع معزوفات الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو معاذ قرقناوي، بمشاركة نجوم حلب المنتمين لأجيال مختلفة، لنصعد سفينة تتماوج بين إيقاعات الموشحات ومعاني القدود الروحية والغزلية، فتنقلنا إلى حيويتها الصافية، على مدى يومين، وزعتْ عليهما المقامات الموسيقية السبعة، ففي يومها الأول أخذتنا إلى أغانيها ومواويلها وقدودها وموشحاتها ولهجتها ولغة قصائدها الفصحى الخاصة بالمقامات الثلاثة “الصبا، النهاوند، العجم” مع أصوات الفنانين عمر سرميني، رنا معوض، فارس الأحمر، وفي يومها الثاني تتناغم المقامات الأربعة مع أصوات الفنانين مصطفى هلال، عبود حلاق، حمزة راجح، أحمد جاكيري.
وبهذه الذاكرة الثقافية الفنية احتفت حلب الشهباء من خلال “صنع بسحر”، وهو عنوان الدورة الأولى لمهرجان ليالي الموشحات والقدود الحلبية التي أطلقتها الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، برعاية وزارة الإعلام على مسرح دار التربية بحلب، لتحتفل بهذا الفن الحلبي العالمي الذي سجلته اليونسكو على لائحتها كتراث لا مادي عام 2021.
وبهذه المناسبة، قال الباحث محمد قجة، المستشار والمقرر في لجنة المهرجان، لـ “البعث” بالقول: تعتبر القدود الحلبية لوناً موسيقياً تتداخل فيه الموشحات والقدود والمواويل، وهو حصيلة تراكم عدة قرون، ومستمر حتى اللحظة، وهذه المدينة العريقة، ومنذ مملكة يمحاض، وفرقتها الموسيقية القديمة غنّت في القصر، كما غنّت في “حَدد” معبد قلعة حلب، وترسخت القدود مع الفنانين عبْر الأجيال وليس آخرهم الفنان صباح فخري، لأنها ستظلّ مستمرة في الشهباء العريقة.
وتساءل حبيب سلمان، المدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، ممثل راعي المهرجان في كلمته: لماذا حلب؟ ليجيب: اخترنا حلب لوضع حجر الأساس الموسيقي التراثي الفني الراقي بذاكرته المتجذرة في بحر الانتصارات وتنميتها المستقبلية، وهو انطلاقة وحجر أساس لمشروع وطني شامل لجميع السوريين وتراثهم، ففي كلّ محافظة تراث يستحق أن يُحتفى به في جميع المحافظات.
وأشار سلمان إلى دور السيدة الأولى أسماء الأسد في تسجيل هذا الفن في اليونسكو، مؤكداً أن القدود أمانة والثقة كبيرة بالأجيال القادمة التي ستكون أمينة على التراث السوري المادي واللا مادي، متابعاً: نحن شركاء جميعاً ومؤمنون بتراثنا وانتصاراتنا وحضارتنا ومستقبلنا، ومجتمعنا الوطني واثق بإنجازاته المتضافرة بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد.
وركّز المايسترو أمين خياط – مشرف موسيقي في اللجنة – إجابته على محورين، أولهما أن كلّ صوت جميل من الممكن أن يكون مستقبلَ الفلكلور، وثانيهما أنه معجب بالفرقة الموسيقية وإخراجها الجديد للوازم الموسيقية الجديدة، مما أضاف للألحان الكلاسيكية زخرفة وزركشات موسيقية.
وأجاب الفنان سرميني عن مميزات مقام الصبا، خاصة وأن هناك لمسات توزيعية جديدة لبعض الجمل الموسيقية قائلاً: المهرجان مختلف ومهمّ، لأنه ينطلق من حلب مدينة القدود والموشحات والطرب، والصبا مقام يعانق الحزن، وبالفعل، هناك توزيعات قرّبت المقام للمستمع من خلال لوازم جديدة فأتت بعض جملها بصبغة كلاسيكية جديدة.
ومن الحضور، قالت أمل عازار: أحبّ القدود الحلبية، وأبي جعلنا نتعلق بها، فقد كان منشداً في كنيسة مار ميخائيل، وكنا كلّ يوم أحد نقيم حفلتنا العائلية في البيت، هو يغني ونحن نشاركه، ونعزف على الآلات الموسيقية المنزلية، وكنت أحلم أن أصبح مغنية موشحات ومطربة قدود مثل صباح فخري وميادة حناوي.