استمرار مسلسلات العنف.. والإعلام يتحمل أهم أسبابه!
دمشق- ميس بركات
يكاد لا يخلو يوم إلّا ونسمع به أو نقرأ عن جريمة قتل أو حادثة أدّى العنف المستخدم فيها إلى إصابات خطيرة، وإن ابتعدنا عن تصفّح وسائل التواصل الاجتماعي سنجد العنف بشتى أشكاله على شاشات التلفاز، بدءاً من برامج الأطفال التي تحوي خليطاً من العنف اللفظي والجسدي الموجّه لهذه الشريحة الصغيرة لأسباب ممنهجة، وانتهاءً بأخبار العالم السياسي، ليصبح العنف شيئاً فشيئاً ظاهرة لا يمكن تجاهل خطورتها والتي بدأنا نحصد نتائجها يومياً على مرأى الهيئات والمنظمات التي تُعنى بشؤون الأسرة!.
البطالة واليأس
ولم تُخفِ الدكتورة سمر علي “عضو هيئة تدريسية في المعهد العالي للدراسات السكانية” في تصريح لـ”البعث” تفاقم ظاهرة العنف في مجتمعنا خلال السنوات الأخيرة لأسباب عديدة، معتبرة أن العنف اللفظي هو أكثر أنواع العنف انتشاراً ومن ثم العنف الجسدي والنفسي والفكري والذي يتمثل باستخدام الطرق الضاغطة على تبني نمط من التفكير والمعتقدات المخالفة لمعتقدات الفرد، وأشارت علي إلى أهم الأسباب المؤدية للعنف في مجتمعنا، والتي تتلخص بالإعلام، إذ لا يخفى علينا حجم وهول الأخبار العنيفة محلياً وعربياً ودولياً والتي تُبثّ يومياً وتسبّب تلبداً للمشاعر واعتياداً غير طبيعي على أشكال العنف التي لم نعهدها من قبل، إضافة إلى الأسرة، فالعنف الأسري هو من أشهر أنواع العنف البشري رغم أننا لم نحصل على دراسة دقيقة حول نسبة هذا العنف، إلا أن قصص ضحاياه تتصدّر صفحات التواصل الاجتماعي بشكل ملفت، ناهيك عن الفقر الذي يقود بعض الأشخاص لممارسة العنف ضد الأبناء كنوع من التفريغ وعدم القدرة على تحمّل المسؤولية، كذلك انتشار البطالة وقلّة فرص العمل أمام أفواج الخريجين وصعوبة تأمين دخل في أدنى الحدود التي لا تتوافق مع التحصيل العلمي تدفع الشباب لليأس والخيبة والانتحار في الكثير من الحالات التي شهدتها سورية مؤخراً، كما يجد البعض عدم توافر فرص العمل ذريعة لأعمال البلطجة والأعمال غير المشروعة كالخطف لطلب فدية والذي أيضاً شهدناه في عدد من المحافظات.
مؤسسات للمعنفين
وقدّمت دكتورة علم الاجتماع عدداً من الحلول للحدّ من انتشار العنف، كالعمل على زيادة الوعي الديني والأخلاقي والتربوي، والتعريف بحقوق الإنسان وواجبات الفرد ضمن الدساتير الناظمة لقواعد السلوك، ودراسة وضع الأنظمة والتشريعات التي تضبط قواعد السلوك وتنصّ بوضوح على تشديد العقوبات الرادعة للمخالفات والجرائم وعدم السماح بالاستفادة من الثغرات القانونية في الإفلات من العقاب، مع ضرورة محاربة ظاهرة عمالة الأطفال من قبل الدولة والمجتمع. ولفتت علي إلى أهمية تعزيز الدور الإعلامي في محاربة العنف بالتقليل قدر الإمكان من نشر الأخبار التي تحثّ عليه، مع ضرورة العمل على تكوين مؤسّسات تهتمّ بشؤون الأسرة وتوفر أماكن للمعنفين الذين لا يقبل أهاليهم الرجوع إليهم بحيث تحوي هذه المؤسّسات مختصين اجتماعيين ونفسيين قادرين على العلاج النفسي، وقانونيين للعمل على توضيح الحقوق القانونية للمعنفين، إضافة إلى العمل للقضاء على البطالة والفقر لأن تدني المستوى الاقتصادي للأسرة يدفع أفرادها لتفريغ شحنات معاناتهم السلبية نتيجة الضغوط المعيشية، كما أننا بحاجة إلى توفير الخدمات العلاجية والإرشادية للمعتدين وإلحاقهم ببرامج تأهيل نفسية واجتماعية من خلال حصرهم وتصنيفهم حسب خطة علاجية تناسب كلاً منهم، ووضعهم في جمعيات وأماكن مناسبة لتأهيلهم مع وجود لجنة إشراف متطورة.