بايدن وترامب.. مباراة العودة بدأت
قسم الدراسات والترجمة
بدأت مباراة العودة بين بايدن وترامب، حيث من الواضح أن الاثنين يدفعان بعضهما البعض في مواجهة نادرة بين الرئيس الحالي والسلف الذي أطاح به. على سبيل المثال، كان الرئيس بايدن في حفل استقبال للديمقراطيين في ماريلاند قبل بضعة أسابيع عندما تحول خطابه نحو موضوع متكرر (ما يفعله ترامب وما يفعله ترامب)، حتى صرخ أحد من الجمهور: “احبسه!”. بالمقابل، وقبل أيام قليلة، كان ترامب في تجمع حاشد في ولاية بنسلفانيا عندما تحول هو أيضاً إلى موضوع متكرر: “نحن نقود بايدن.. بأرقام قياسية في استطلاعات الرأي”.
يبدو أن الولايات المتحدة تتجه نحو إعادة مباراة لا يريدها سوى عدد قليل من الناخبين. ولكن مع استمرار “التشفي” المتبادل بين بايدن وسلفه، قد تكون بدأت بالفعل مباراة عام 2024، لكنها ليست مباراة ثقيلة الوزن كما يريدها الناخب الأمريكي.
قبل أيام أجرت صحيفة “واشنطن بوست”، وموقع “إيه بي سي نيوز” استطلاعاً للرأي جاء فيه أن حوالي 56 بالمائة من الديمقراطيين والمستقلين ذوي الميول الديمقراطية يريدون من الحزب أن يرشح شخصاً آخر غير بايدن، في عام 2024، و35 بالمائة يريدونه أن يترشح لولاية ثانية. من بين أولئك الذين تقل أعمارهم عن 40 عاماً، يريد 75 في المائة أن يختار الحزب شخصاً آخر غير بايدن، على الرغم من إجراءاته الأخيرة بشأن تغير المناخ وإعفاء قروض الطلاب، وهما قضيتان يعتقد أنهما تروقان للناخبين الأصغر سناً.
وينقسم الجمهوريون والمستقلون ذوو الميول الجمهورية حول ترامب، حيث قال 47 في المائة أن الحزب يجب أن يرشحه، و46 في المائة يفضلون شخصاً آخر. صحيح أنه عرض أقوى من عرض بايدن، لكنه يعكس أيضاً انخفاضاً ملحوظاً في الدعم منذ أن كان ترامب في منصبه.
حتى الآن، من الواضح أن بايدن وترامب عدوان لبعضهما البعض، وقد يواجه كلاهما صعوبة في الابتعاد عن مباراة العودة، حيث يرى ترامب أن بايدن أخذ منه منصب الرئاسة بشكل غير عادل، وخلق تفسيرات مفصلة لسبب خسارته لا أساس لها في الواقع. بينما ينظر بايدن إلى ترامب باعتباره تهديداً وجودياً للمبادئ التأسيسية للبلاد، ويرى نفسه في وضع فريد يمنع ترامب من استعادة السلطة.
في حفل لجمع التبرعات بولاية ماريلاند في أواخر أب الماضي، وصف بايدن “فلسفة ترامب المتطرفة” بأنها “شبه فاشية”، وأن ترامب والجمهوريون المتطرفون مليئين بالعنف والكراهية والانقسام، لدرجة أن رسالته السياسية المركزية هي الآن إبعاد ترامب وأتباعه من السلطة. وبالمثل، يذكر ترامب أن بايدن يقوم بعمل أسوأ بكثير كرئيس مما فعله، ويتفاخر بأنه سيفوز بسهولة في مباراة العودة، وانتقد بايدن بشأن أسعار الغاز لسماحه لها بالارتفاع في المقام الأول، واستخدام احتياطيات النفط لخفضها.
يذكر أن الولايات المتحدة تتمتع بتاريخ غني من المباريات الرئاسية، يعود تاريخها إلى جون آدامز، الذي هزم توماس جيفرسون في عام 1796 ليخسر أمامه بعد أربع سنوات، لكن هناك القليل من أوجه التشابه المباشرة مع ما يمكن أن يحدث بين بايدن وترامب في عام 2024.
من غير المعتاد على الإطلاق أن يُنحى رئيس من منصبه، ثم يخوض الانتخابات ضد خليفته، لكن يعتبر ترامب حالة شاذة، وقد يكون السباق الأقرب لإعادة عرض بايدن وترامب هو سباق 1892 بين غروفر كليفلاند، وبنيامين هاريسون، حيث خدم كليفلاند فترة واحدة كرئيس قبل أن يطيح به هاريسون، ثم حاول استعادة وظيفته القديمة، ونجح في النهاية.
يقول تروي سينيك، كاتب الخطابات السابق للرئيس جورج دبليو بوش، ومؤلف كتاب “رجل من حديد: الحياة المضطربة والرئاسة غير المحتملة لغروفر كليفلاند”: “كانت انتخابات عام 1892 واحدة من أكثر الانتخابات هدوءاً في التاريخ الأمريكي، لأن كليفلاند قضى معظمها يعاني من النقرس وكان هاريسون منشغلاً بصحة زوجته، التي كانت تحارب حالة مرضية قاتلة في نهاية المطاف. على الرغم من الرسوم الكاريكاتورية السياسية المفعمة بالحيوية، كان المرشحان يفتقران إلى الاشمئزاز المتبادل كما هو جار اليوم بين بايدن وترامب”.