“ميتا” وأخواتها منصّات استخبارية أمريكية
تقرير إخباري:
“جهة إعلامية خاضعة لروسيا” أو “جهة إعلامية خاضعة لسيطرة الصين”.. هذا ما يظهر للمتصفّح لمنشورات معظم منصّات التواصل الاجتماعية الغربية، وخاصة منصّة (ميتا) المالكة لشبكات التواصل الاجتماعي “فيسبوك وإنستغرام” ومنصة تويتر، عند الولوج إلى الصفحات الإعلامية الروسية أو الصينية مثل روسيا اليوم أو سي جي تي آن الصينية، في المقابل وعلى المنصّتين الاجتماعيتين نفسهما لا تظهر هذه الإشارات المرجعية للدلالة على تابعية المواقع الإخبارية المملوكة من الدول الغربية مثل السي إن إن الأمريكية أو البي بي سي البريطانية أو الفرانس 24 الفرنسية وغيرها من المواقع الغربية.
وبالعودة إلى “الفيس بوك” نجد أنه وفي عام 2020 أعلن أنه سيباشر بوضع إشارة على وسائل الإعلام التي تخضع “بشكل كلي أو جزئي لسيطرة تحريرية من حكوماتها”، حسب موقع “ذي فيرج” التقني الذي قال: “نعتقد أنه على الناس أن يعرفوا ما إذا كانت الأخبار التي يقرؤونها تأتي إليهم نتيجة نشر قد يكون خاضعاً لتأثير حكومة ما”، وحسب الموقع الذي نشر الخبر آنذاك “بات من الممكن أن يرى المستخدم فعلياً إشاراتٍ على صفحات ومنشورات مرتبطة ببعض وسائل الإعلام، المتهمة بنشر بروباغندا معيّنة في الولايات المتحدة، كصفحات “سبوتنيك” و”روسيا اليوم”، و”تشاينا ديلي”، التي تم تصنيفها كوسائل إعلام تسيطر عليها دول معيّنة، واتخذ فيسبوك قراره في ذلك الوقت كخطوة استباقية تجنّباً لـ”أنواع مختلفة من التأثير الأجنبي” قد تسعى إلى التأثير في الانتخابات الرئاسية الأميركية التي جرت عام 2020، وذلك بتوفير “طبقة إضافية من الحماية” حسب زعم الموقع.
وفي وقت سابق من هذا العام، وبعد بدء روسيا عمليتها الخاصة في أوكرانيا، وقيام وسائل التواصل الاجتماعي التابعة للغرب بالتضييق على وسائل الإعلام الروسية الخاصة أو العامة وحتى منع المواطنين الروس من نشر آرائهم الشخصية، تم في المقابل منح المجموعات النازية الأوكرانية ومن وقف في صفّها من الإعلام الغربي الحرية الكاملة التي وصلت إلى حدّ التحريض على قتل الروس أينما وُجدوا، في تعبير سياسي ينتهك القواعد المتعلقة بالخطاب العنيف والتحريض على الكراهية التي تزعم ميتا أنها حريصة على عدم تجاوزها.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: إنه تم فرض حظر على صفحات مغني الراب كاني ويست على إنستغرام ومن ثم على تويتر بسبب تصريحاتٍ له وُصفت بأنها “معادية للسامية”، وأشارت زاخاروفا إلى ازدواجية المعايير في الغرب، وأضافت: “يظهر التساؤل، أين كانت كل صيحات الاستنكار والإدانة هذه، عندما شرّعت شركة ميتا عملياً دعوات القتل والعنف ضد الروس، برفضها إزالة أو تعديل مثل هذه المنشورات واعتبارها فقط بمنزلة خرق لقواعد فيسبوك؟”.
وكانت هيئة المراقبة المالية الفيدرالية الروسية أدرجت شركة على قائمة الإرهاب، وقالت الهيئة في بيان: تم إدراج منصة ميتا على قائمة الإرهابيين والمتطرّفين، وكانت الخدمة الفيدرالية الروسية للرقابة على الاتصالات وتقنية المعلومات والإعلام قرّرت في آذار الماضي حجب شبكة فيسبوك في روسيا بشكل كامل، رداً على حظر ميتا حسابات (سبوتنيك) و(آر تي) الروسية في أوروبا.
هذه المعطيات تعطي لمحة بسيطة عن الدور المرسوم لمنصّات التواصل الاجتماعي من الحكومة الأمريكية بوصفها صاحبة اليد الطولى في إدارة السياسة العامة لهذه الوسائل من خلال وكالة الاستخبارات الأمريكية التي كشف موقع “Mint Press” الأميركي “في تقرير سابق له”، أنّ “فيسبوك جنّد العشرات من الأفراد من السي آي إيه، وكذلك العديد من الموظفين السابقين في وكالات أمنية أخرى مثل مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الدفاع”، وأوضح الموقع أنّه توصّل إلى ذلك “بعد دراسة تقارير ميتا، وكذلك مواقع التوظيف وقواعد البيانات”، لافتاً إلى أنّ “هؤلاء الموظفين يعملون في المقام الأول في قطاعات حساسة للغاية من الناحية السياسية”، كما كشف أنّ “عميلاً سابقاً في وكالة المخابرات المركزية الأميركية CIA، هو من يحدّد سياسات فيسبوك”، وذكر الموقع أنّ العميل السابق آرون بيرمان، “عرّف عن نفسه على أنّه مدير الفريق الذي يكتب القواعد الخاصة بفيسبوك”.
وأضاف: “لسنوات، قام بيرمان بإعداد الموجز اليومي لرئيس الولايات المتحدة وتحريره، والكتابة والإشراف على مراجعة تحليل المعلومات الاستخباراتية لتمكين الرئيس وكبار المسؤولين الأميركيين من اتخاذ قرارات بشأن أكثر قضايا الأمن القومي أهمية”.
ورأى الموقع، أنّ “هذا الأمر يمثّل أفضل خدمة لواشنطن، إذ يمكنها أن تمارس تأثيراً كبيراً في الأخبار العالمية وتدفقات المعلومات، ولكنها تحافظ على بعض مظاهر الإنكار المعقول”، وأكّد أنّ حكومة الولايات المتحدة “لا تحتاج إلى إخبار فيسبوك (ميتا) بشكل مباشر بالسياسات التي يجب سنّها، لأنّ الأشخاص في مواقع صنع القرار هم بأغلبيتهم أولئك الذين ارتقوا في مراتب وكالة الأمن القومي مسبقاً”.
في النهاية يذكرنا الدور الذي تلعبه المنصّات الاجتماعية المدعومة من الغرب اليوم في التحريض على روسيا وعلى أعمال الشغب التي شهدتها بعض المحافظات الإيرانية، بالدور الذي لعبته هذه المنصات في منطقتنا عبر السماح للجماعات الإرهابية المتطرّفة بنشر أيديولوجيتها وأفكارها الشاذة دون حسيب أو رقيب في الوقت الذي تمارس فيه هذه المنصات ديكتاتورية واضحة إزاء ما يمكن أن يفضح جرائم كيان الاحتلال وغيره من المنظومات الغربية المماثلة.
ابراهيم مرهج