أخبارصحيفة البعث

في محاولة لمنع تحكم الصين بصناعة أشباه الموصلات.. بايدن يوقّع قانوناً لإنتاجها

البعث – تقارير:

تتأرجح المصالح الأمريكية بين العقوبات التي أصدرتها الصين ضدّ جزيرة تايوان على خلفية زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي للجزيرة، والتي ظهر أنها تتعلق في جزء منها بحصّتها في شركة لإنتاج أشباه الموصلات يملكها زوجها في تايوان، وبين قدرتها الحقيقية على تجاوز أزماتٍ اقتصادية لا يبدو إلى الآن أنها قادرة على تجاوزها، وهنا لا ننكر قدرة الولايات المتحدة على استقطاب الأدمغة والمؤهلات العلمية التي تمنحها فرص النجاة من الأزمات، حيث وقّع الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس الثلاثاء، قانوناً لمنح مساعدات بقيمة 52 مليار دولار لإحياء قطاع إنتاج أشباه الموصلات وغيرها من أدوات التكنولوجيا المتقدمة في الولايات المتحدة، خشية من أن تهيمن الصين عليها.

ويشتمل هذا القانون الذي أطلق عليه “ذي تشيبس أند ساينس آكت” على نحو 52 مليار دولار لتعزيز إنتاج الشرائح الرقيقة، وهي مكوّنات صغيرة لكنها قوية وصعبة التصنيع نسبياً، وتُعدّ أساسية في كل الآلات الحديثة، ويخصّص القانون الذي تبناه الكونغرس نهاية تموز، عشرات المليارات من الدولارات لغايات البحث والتطوير.

وقال البيت الأبيض: إنّ التزام الحكومة تعزيز الصناعات العالية التقنية يجذب مستثمرين من القطاع الخاص على نطاق واسع، بينما تبلغ قيمة الاستثمارات الجديدة في أشباه الموصلات وحدها 50 مليار دولار. والنصيب الأكبر من ذلك هو خطة أعلنتها شركة “مايكرون” الأميركية لاستثمار 40 مليار دولار في التوسع المحلي بحلول عام 2030.

هذا الردّ الأميركي السريع على العقوبات الصينية يسمح لها حالياً بفرصة كبيرة للتلاعب بالمصطلحات وخلق الدعاية المناسبة لحفظ ماء الوجه، لكن هذا لا يعني أن إجراءاتها والقرارات التي اتخذتها ستكون فرصة للنجاة. ومع ذلك بايدن يستمر في خطاباته التفاؤلية حيث قال في خطاب ألقاه في البيت الأبيض: إنّ الدعم المالي بموجب هذا القانون سيساعد “على كسب المنافسة الاقتصادية في القرن الحادي والعشرين”.

وأضاف: إنّ رجال الأعمال هم سبب تفاؤله الشديد بشأن مستقبل بلاده، وهذا “القانون يعزّز جهودنا لصنع أشباه الموصلات هنا في أميركا”.

وكان أحد المواضيع الرئيسية لبايدن، منذ توليه منصبه، هو الحاجة إلى تجديد القيادة الأميركية لأحدث الابتكارات وإعادة بناء القاعدة الصناعية المحلية في مواجهة الاستثمارات الصينية الضخمة المدعومة من الدولة.

وتعدّ أشباه الموصلات مهمة للغاية لأنّها حيوية لكل الصناعات، من الغسالات إلى الأسلحة المتطوّرة، وكلها تقريباً مصنوعة في الخارج.

ورغم أن أشباه الموصلات اخترعت في الولايات المتحدة، فإن البلاد تنتج نحو 10% فقط من الإمدادات العالمية، وفقاً للبيت الأبيض، مع استيراد نحو 75% من الإمدادات الأميركية من شرق آسيا، وقال نيل برادلي، نائب رئيس غرفة التجارة الأميركية: إنّ “تمرير قانون الرقائق هو استثمار تاريخي في مستقبل أميركا، وسيعزز إنتاج الرقائق الدقيقة محلياً، ويقوّي سلاسل التوريد لدينا، ويزيد البحث والتطوير المحلي ويعزّز أمننا القومي”.

إلى الآن تبدو المناورات الاقتصادية بين واشنطن وبكين هادئة، ولكن التبعات الحقيقية للموقف الصيني ستأخذ وقتها للحصول على النتائج المطلوبة، فالموقف الأميركي ليس بالسهولة التي يدّعيها بايدن، ومن الصعوبة طبعاً تحقيق خرق صناعي في مجال تكاد تكون السيطرة محسومة فيه للصين.

ويمثل تمرير هذا القانون بالنسبة إلى بايدن انتصاراً جرى انتزاعه بعد معركة طويلة، وأخباراً سارة مع اقتراب انتخابات نصف الولاية في تشرين الثاني، وكان قد علّق عقب تصويت الكونغرس على القانون أنه “سيقلل من تكاليف المعيشة اليومية ويخلق وظائف صناعية بأجر جيد في البلاد، ويعزز موقع الولايات المتحدة الرائد في الصناعة المستقبلية”.

ربما لا يكون هذا ردّ فعل مباشراً على العقوبات الصينية المفروضة على توريد الرمال الخاصة بهذه الصناعة إلى تايوان، ولكن يبدو أنه محاولة متأخرة لكسر تحكم الصين بمادتها الأولية.