دراساتصحيفة البعث

خبراء يدقون ناقوس الخطر.. حروب أهلية وانقراض البشرية

هيفاء علي

أدت الاحتجاجات والحروب الأهلية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة والسكن إلى ما يمكن أن يكون حقبة جديدة من الاضطرابات المدنية في جميع أنحاء العالم. في هذا السياق، يتوقع بحث جديد أجرته شركة استطلاع بريطانية، ونشره موقع “ريزو انترناسيونال” حدوث موجة أوسع من السخط والاضطرابات في العالم.

يذكر أن خبراء الاقتصاد قد تطرقوا إلى موضوع الاضطرابات الاجتماعية المتزايدة في أواخر عام 2020، عندما أعربوا عن تخوفهم من ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وفي وقت سابق من هذا العام، حذر رئيس “مؤسسة روكفلر” من أزمة غذائية هائلة وفورية وشيكة، في حين أشارت الأمم المتحدة هذا الصيف إلى أن العالم “يتجه نحو المجاعة” مع تزايد احتمال حدوث اضطرابات مدنية وأعمال عنف سياسي.

وكانت شركة بريطانية للاستشارات واستخبارات المخاطر أصدرت مؤخراً نسخة محدثة من مؤشر الاضطرابات المدنية، ويغطي سبع سنوات من البيانات، حيث يظهر أنه شهدت معظم البلدان منذ بداية المؤشر زيادة مخاطر الاضطرابات المدنية، والتي حدثت في 101 دولة من أصل 198، بينما شهد 42 فقط انخفاضاً. وبالتالي التأثير واضح في جميع أنحاء العالم، مع السخط الشعبي على ارتفاع تكلفة المعيشة، خاصةً في شوارع الأسواق المتقدمة والناشئة، الممتدة من الاتحاد الأوروبي وسريلانكا وبيرو إلى كينيا والإكوادور.

يضيف البحث إن الأوضاع آخذة في التدهور مع تسارع وتيرة الاحتجاجات والإضرابات في الخريف، محذراً من أنه على الرغم من وجود العديد من الاحتجاجات البارزة والواسعة النطاق في النصف الأول من عام 2022، إلا أن الأسوأ لم يأت بعد، وأشار البحث إلى أن الجزائر لديها أعلى احتمالية بحدوث اضطرابات مدنية متوقعة خلال نصف العام المقبل بسبب ارتفاع التضخم، كما تشمل المناطق الأخرى أوروبا، ويرجع ذلك أساساً إلى التضخم المفرط في مجال الطاقة الذي يقضي على الموارد المالية للأسر، مضيفاً أن البوسنة والهرسك وسويسرا وهولندا وألمانيا وأوكرانيا كلها من بين الدول التي لديها أعلى زيادة متوقعة في المخاطر، بحيث يكون التخفيض الكبير في أسعار الغذاء والطاقة العالمية هو السبيل الوحيد لايقاف الاتجاه العالمي السلبي لخطر الاضطرابات المدنية.

كما لفت البحث إلى أن مخاوف الركود تتزايد، ومن المتوقع أن يكون التضخم أسوأ في عام 2023 عنه في عام 2022. ويبقى السؤال: ما إذا كان يمكن للبنوك المركزية وقف التضخم بأكبر زيادات في أسعار الفائدة منذ عقود؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك، يتوقع البحث أنه من المرجح أن تكون الأشهر الستة المقبلة أكثر اضطراباً مما كانت عليه في وقت سابق من هذا العام.

في سياق آخر، حذرت دراسة أخرى من خطر اضمحلال القوى البشرية نتيجة الفوضى الخلاقة والدائمة التي يفتعلها الغرب في كل مكان على هذا الكوكب، بغية الحفاظ على احتكاره للموارد الطبيعية والسيطرة على الشعوب، والتي أدت إلى ولادة نسيج بربري قذر ومرعب. وقد تجلت هذه البربرية، على مدى خمسة قرون، في أبشع أشكالها في النظم البيئية في الجزء الجنوبي من هذا العالم. هذه الهمجية، التي يقودها الغرب، قد أخضعت الإنسانية لقوانينها ورذائلها، ومن خلال حرصه الدائم على تمريرها كقيم عالمية خاضعة للضريبة، ودافعها البنيوي المهيمن هو المعايير المزدوجة الأبدية التي تفرض الرعب على الآخرين، بينما توفر الامن والسلام لهذا الغرب، وتحقق له الوفرة على أراضيه بينما تسبب الفقر للآخرين.

من خلال الحرمان والاستغلال والفساد ونزع الصفة الإنسانية، فرض الغرب روايته على جميع الشعوب من خلال تمرير بربريته وانتهاكاته وخداعه ونهب موارد وثروات الدول وإبادة شعوبها بدعوى نشر الديمقراطية، وحماية حقوق الإنسان، واعتبارها كحقائق حضارية.

لقد جعلت أزمتا فيروس كورونا (2019) والحرب في أوكرانيا (2022) الغرب يكتشف عيوب نموذجه الاقتصادي والجيوسياسي، وبحسب محللين أوروبيين يتردد صدى الانهيار القادم في أصداء عمليات الخداع العظيمة التي تتساقط، والتي لم يعد من الممكن إغلاقها بقشرة سيادة القانون، وأبخرة مكافحة الاحتباس الحراري، وبالتالي في هذه الهاوية الفاسدة التي ينجرف العالم نحوها، يتعرض الجنس البشري لخطر الانقراض. ومع ذلك، فإن الغرب، بحاجته إلى العظمة، جعل الأضعف منهجياً معرضاً للخطر. وبسبب ازدهاره، فقد جعل من الحكم اختلالاً غير إنساني يفترضه ويعززه بفخر في كتيباته الخاصة بالحضارة: البلدان المتقدمة والبلدان النامية، والبلدان الصناعية والبلدان المستعمَرة، والمدن العظيمة.