صحيفة البعثمحليات

مجاعة مائية!!

غسان فطوم

ساهمت التغيرات المناخية في السنوات الأخيرة بحدوث الجفاف وانكماش واضح في كميات المياه، هذا الخطر المقلق حذرت منه الهيئة العامة للبحوث الزراعية على مدار أكثر من عقدين دون أن يلقى الاهتمام المطلوب!، فبحسب دراسات صادرة عنها سيصل العجز المائي في سورية إلى ستة مليارات في عام 2030 نتيجة قلة الهطولات المطرية وانحسار نسبة المياه الجوفية وزيادة نسب التصحر، وهو بلا شك رقم مخيف ينذر بمجاعة مائية ما يعني أن خزان الخير (الزراعة) بات في خطر، الأمر الذي يفرض علينا اتخاذ إجراءات ناجعة لمواجهة الخطر.

المؤلم بهذا الخصوص أن نسبة كبيرة من الهطولات المطرية تذهب إلى البحر دون فائدة كما هو الحال في مياه نبع السن على سبيل المثال لا الحصر، والقسم الآخر يُهدر باستمرار الاعتماد على وسائل الري التقليدية المعتمدة على الغمر أو الإغراق الذي يستهلك 40% من المياه مقارنة بالري بالتنقيط الذي يقلل الاستهلاك إلى النصف، عدا عن هدر المياه الناجم عن شبكات الري التي تحتاج لصيانة، بالإضافة إلى سوء حالة بعض السدود البالغ عددها 165 سداً منتشرة في عدة محافظات، وكذلك السدات المائية المهملة رغم التصريحات التي نسمعها، وتشير الأرقام إلى أن متوسط احتياجات سورية من المياه لري أراضيها الزراعية يقدر بأكثر من 7 مليار متر مكعب عام 2025 ، وأن العجز المائي السنوي يبلغ حالياً أكثر من 3.1 مليار متر مكعب، كل ذلك يجعلنا نسأل: كيف سنحافظ على أمننا المائي، ونحقق شعار الزراعة أولوية في المرحلة الراهنة والمستقبلية في وقت يستمر فيه هدر المياه وضياعها؟.

للتذكير ولعل الذكرى تنفع في عام 2016 أعلنت وزارة الموارد المائية عن إجراءات متعددة لمواجهة العجز المائي وتحقيق الاستدامة في استثمار المصادر المائية، واللافت في أن الوزارة تعوّل كثيراً على الجانب التوعوي بهذا الخصوص من خلال إطلاق حملات توعية للمحافظة على المياه وعدم هدرها، وبالرغم من أهمية هذه الخطوة لكن لوحدها لا تكفي للمحافظة على المخزون المائي وحسن التصرف بالمياه، فنحن نحتاج لتشريعات وقوانين قوية رادعة تحمي مصادرنا المائية الشحيحة من الهدر والتلوث، كما نحتاج لتخطيط جيد فيما يتعلق بإنشاء المشاريع المتعلقة بالصناعات القائمة على المياه.

بالمختصر، تؤكد المعطيات الحالية فشلنا في إدارة مواردنا المائية واستثمارها بشكل جيد، والدليل التأخر في إنجاز بعض المشاريع الهامة كخزانات سهل الغاب وأمور أخرى غائبة، وهذا ما يضع وزارتي الموارد المائية والزراعة أمام تحديات كبيرة تستلزم الاستنفار بالعمل الجاد لإنقاذ مخزوننا المائي الذي لا يمكن حمايته بالتصريحات والخطط الورقية!.