في معرض المقارنة!!
بشير فرزان
لا شكّ أن من تابع ويتابع واقع الانهيار الحاصل في أوروبا نتيجة أزمة الطاقة خلال فترة قصيرة لا تتعدّى بضعة أشهر – وما نتج عنها من أزمات وطوابير وارتفاع في أسعار مختلف الخدمات، كما يحصل في بلدنا، وما تبعها من إجراءات الترشيد التي اتخذتها الحكومات الأوروبية للتخفيف من وطأة الأزمة المستجدة والحفاظ على استمرار الطاقة – قد يظنّ أن ما يحدث يرجح إيجابية عمل حكومتنا وبشكل يستوجب الدعاء لهل بطول العمر ومنحها الأوسمة، كونها تعاند كلّ التحديات وتعمل على تأمين مصادر الطاقة بشتى السبل، وتوفير كلّ ما يحتاجه الناس في ظروف صعبة من كافة المناحي، وأنها تمتلك خططاً مدروسة من مستوى “النفس الطويل” في معالجة الأزمات، وهذا ما سيتمّ استثماره في المرحلة القادمة عبر مقارنات غير منطقية.
وكما قلنا، فالجهود الحكومية لها كلّ الاحترام، ونحن لا نريد التقليل منها، ولكنها تبقى مخترقة بالامتيازات والتجاوزات، فمثلاً في أوروبا كلّ من تتجاوز فاتورة الكهرباء لديه 30% يتمّ قطع الكهرباء عنه بالكامل دون أي استثناء. في المقابل ابتدعت وزارة الكهرباء منظومة تقنين غير عادلة، وأتبعتها بخطوط ذهبية لتزيد من حدّة التباين داخل المجتمع، وبشكل أتاح للبعض الحصول على امتيازات غير قانونية. ولن ننسى هنا صعوبة المقارنة بمستويات الدخل الشهري، هذا عدا عن طرح الكثير من إشارات الاستفهام حول قضايا تتعلق بعدم تكامل إجراءات النهوض بالتنمية والسير بخطا مجتزأة، حيث يتمّ العمل على إصلاح قطاع الزراعة بمعزل عن الصناعة لتكون النتيجة المراوحة في المكان والعودة إلى خط البداية، وهذا ما فتح الباب أمام الارتزاق والاغتناء، ولو أن الأجهزة الرقابية قامت بدورها الحقيقي والفعّال لما تأخرت إعادة الإقلاع إلى هذا الوقت، ولما ازداد تعقيد الأمور، كما هو الحال في التحفيز الوظيفي الذي لم تصدر بعد تعليماته التنفيذية، هذا عدا عن أنه يحرم عشرات الآلاف من المتقاعدين من أية زيادة، إلى جانب عدم وجود معايير لتقييم الأداء وكيفية احتساب قيمة التحفيز بعد ربط ذلك بالإنتاج، وهنا نتوقف عند مهنة الصحافة وكيفية تحفيز من يعمل بهذه المهنة؟!
بالمختصر.. غالبية ما يتمّ حتى هذه اللحظة هو من العيار العشوائي، والأمثلة كثيرة على ذلك، فقد تمّ التراجع عن العديد من القرارات والتعاميم لعدم وضوح الهدف، وهذا ما يستدعي إعادة النظر بطريقة عمل الهيئات الرقابية وإعادة هيكلتها بشكل أكثر جديّة لكي تقوم بعملها على أكمل وجه، وبشكل صحيح يتناغم وينسجم مع المرحلة المقبلة، أي أي يُحاسب ويقتصّ من الجهة المقصّرة، وعندها سنقول إن الجهود الحكومية “كفّت ووفّت!!”.