اقتصادصحيفة البعث

 أين نحن من انخفاض أسعار الشحن البحري؟! 

دمشق – قسيم دحدل

يقدر بعض كبار المصدرين الدوليين أن أسعار شحن الحاويات انخفضت بنسب تصل إلى 70%، مقارنة بالعام السابق 2021.

وبحسب تقارير دولية متخصصة بالشحن البحري، بلغ متوسط سعر شحن حاوية 40 قدما – في شهر أيلول من العام الماضي – ذروته القياسية مسجلا 10300 دولار وسطيا، لكن الأسعار اليوم اختلقت اختلافا كبيرا، إذ تواصل أسعار شحن الحاويات الانخفاض بشكل ملحوظ، في خطوط التجارة العالمية، وخاصة بين الصين والولايات المتحدة حيث تبلغ – مثلا – تكلفة شحن حاوية 40 قدما نحو 2684 دولار فقط.

كما تبلغ تكلفة الحاوية المشحونة من آسيا إلى أوروبا 9 آلاف دولار تقريبا، أي أقل 42% مما كانت عليه في بداية العام الحالي.

ليس هذا فقط (أي انخفاض أسعار الشحن بنسبة 70%) وإنما أيضا وبالمقابل زيادة في  انضمام سفن جديدة للأساطيل التجارية على مدار العامين المقبلين، إذ ووفقا لتقارير دولية، سينمو الأسطول العالمي من السفن التجارية بنسبة 9% العام المقبل 2023، وكذلك في 2024، بينما سيتراجع نمو الحاويات بشكل طفيف العام المقبل على أن يرتفع 2% في 2024.

وحتى الآن تكشف تقارير شركات الشحن العالمية الاتجاه لتقليص الفجوة بين الأسعار الفورية للشحن والمعدلات طويلة الأجل التي تكون تقليديا منخفضة، فالعلاقة السعرية حاليا بين الجانبين إما متكافئة وإما أن الأسعار الفورية تصل إلى ما دون المعدلات طويلة الأجل، وهذا يعني أن سوق شحن السلع بحريا باستخدام الحاويات تشهد تحولات مهمة، وأن الأزمة تنتهي في أسواق شحن السلع..

أخبار سارة لعديد من الفئات في مقدمتها المستهلكون، حيث تلعب أسعار الشحن دورا مهما في تحديد السعر النهائي للسلعة.

تقصَّينا لهذه المعطيات العالمية وغيرها مرده ضرورة الاستفادة القصوى من التغيرات السعرية الايجابية على أسعار الشحن البحري والحاويات عالميا، بعد الانخفاض الكبير في الأسعار ولذلك المستوى.

وعليه، فالمطروح على تجارنا وحكومتنا يتمثل بمعرفة الكيفية التي يمكن أن نستغل بها انخفاض أسعار الشحن بالحاويات وترجمة ذلك على تخفيض التكاليف، وهنا نسأل في ضوء الشكوى الطويلة (العقوبات والحصار يرفعان أجور النقل) التي طالما كان يرددها تجارنا ويأخذونها حجة لرفع أسعارهم المتتالي نتيجة لارتفاع أسعار الشحن البحري عليهم مقارنة بغيرهم في دول لا تعاني من الحصار والعقوبات!

نعم، لا ننكر أن هناك عقوبات وحصارا يزيد من تكلفة شحن مستورداتنا، لكن يجب ألاَّ يغيب عن بالنا حدوث انخفاض مهم في الأسعار، ويجب أن ينعكس هذا الانخفاض حكما على أسعار سلعنا المستوردة…

تقولون: كيف؟ نقول لكم: إن المبالغ الإضافية التي كانت تُدفع وتضاف على أسعار الشحن البحري (نتيجة لوضعنا الخاص: حصار وعقوبات)، والتي  كان معمولاً بها عالميا قبل الانخفاض في أسعار هذا النوع من الشحن، يجب أن يتم إسقاطها بمقدار يماثل نسبة الانخفاض، أو على الأقل انخفاضها بمقدار واضح من منطلق النسبة والتناسب المضطرد.  هل فهمتم أيها التجار المحترمون؟!

استنادا لما سلف، نأمل من وزارتي “الاقتصاد” و”التجارة الداخلية وحماية المستهلك”، المتابعة لتغيرات أسعار الشحن العالمية وضرورة اتخاذ كل ما يلزم لانعكاساتها السعرية الإيجابية على تكاليف السلع، أما بالنسبة للإضافات المالية غير المشروعة على تكليف النقل الداخلي، فنأمل منها عمل ما يلزم على صعيد نقل السلع والبضائع داخل القطر، حيث هناك نسبة تكليف – لا يستهان بها – تضاف إلى سعر السلع وهي غير حقيقية ولا مشروعة حين حساب تكلفة النقل الداخلي بين المرافئ والأسواق المحلية، من المعلوم أين تذهب…

واقع سعري جديد للشحن البحري يحتاج لإجراءات إذا ما استطعنا تطبيقها، فلا شك سيكون هناك خفض ملموس في العديد من أسعار المنتجات والسلع التي لا تزال تشهد تصاعدا مستمرا يهدد المزيد من الشرائح الاجتماعية بالوقوع في مستنقع الفاقة والحاجة والفقر المدقع، في الوقت الذي بإمكاننا الحد من ذلك.

Qassim1965@gmail.com