يا “طبطب”
معن الغادري
مصطلحات جديدة يتداولها العامة، فيها كثير من الفكاهة والسخرية، للدلالة على حالات ومظاهر دخيلة، لا تنتمي لبيئة مجتمعنا، منها ما صار معروفاً بعبارة “يا طبطب”، وهي مأخوذة من أغنية لفنانة معروفة ومشهورة، إذ باتت هذه الكلمة بمعناها الخفي، الأكثر انتشاراً الآن من مصطلح “حرك اللبن”، كبديل لدفع المعلوم، مقابل أي خدمة صغيرة كانت أم كبيرة، وعلى المكشوف.
ولعل ما تكتشفه بالصدفة، وما يذاع سره في أروقة بعض المديريات والمؤسسات الخدمية على وجه التحديد، وما خفي منه، يوضح حقيقة ما وصلت إليه الأمور من فوضى وفلتان قد يكون من الصعب ضبطه، لأسباب عدة، منها تبعية وحصرية بعض المواقع الوظيفية المهمة والحساسة، إضافة إلى غياب الجدية في معالجة المشكلات والأزمات المعيشية الضاغطة -المتراكمة والمستجد منها، وغض النظر عن الارتكابات والتجاوزات القانونية والمالية، والتعمد في تمييع ما تم كشفه بالدليل والبرهان من حالات فساد كبيرة في حلب، ونذكر منها، على سبيل المثال، المضاربات وتهريب القطع الأجنبي والذهب وملف المحروقات، وما تم سرقته وتهريبه وبيعه في السوق السوداء، و”على عينك يا مسؤول”، يضاف إلى ذلك ملف الأسواق الأكثر فلتاناً واستمرار حماية المستهلك النوم في العسل، وتحييد بعض المحال والمستودعات والشركات التجارية عن الرقابة بحماية وغطاء ممن هم في موقع المسؤولية وصلب العمل، وليس آخراً ما يتعلق بالشأن الخدمي، والمشاريع المتعثرة والمتوقفة، وملف الأمبيرات، وغيرها من الملفات الضاغطة على المواطن والتي فاقت أي قدرة على التحمل.
مما تقدم، نرى أن “إبقاء الحبل على الغارب”، وعلى هذا النحو من الفوضى والاستهتار والتحايل على القوانين، وعلى مبدأ “يا طبطب”، سيوسع رقعة هذه المظاهر السرطانية واللا أخلاقية، وسيعطي حافزاً إضافياً لضعاف النفوس من طرفي المعادلة، لمنع أي محاولة مخلصة لاستقامة الأمور. وبالتالي، لا بد من مراجعة متأنية لمفردات العمل الخططي والتنفيذي ووضع قواعد جديدة لمحاربة كل أشكال الفساد، بما في ذلك الفساد الأخلاقي، وسد كل منافذ الإفادة والمنفعة غير المشروعة، وتضييق الخناق على كل من تسول له نفسه الإتجار بمصلحة المواطن والوطن.
فهل ستنجح المجالس المحلية المنتخبة والتي بدأت مهامها رسمياً اليوم، بما تملكه من صلاحيات، في تغيير هذا المشهد؟ أم أنها سـ “تنام في العسل” كما كان عليه الحال في الدورات الانتخابية المنتهية؟!