مزارعون يطالبون بالتريث و”اتحاد الفلاحين “يعتبر التصدير قارب النجاة و”اللجنة” تدعو لإعادة النظر “بالاسترشادي “
البعث الأسبوعية – مروان حويجة
إذا كانت الإجراءات الحكومية المكثّفة قد استبقت تسويق محصول الحمضيات بمدة شهر على موعد نضوجه وتسويقه ،ومثله بالنسبة لموسم عصر الزيتون ، فإنّ حسابات البيدر يمكن أن تأتي منصفة للمزارعين المنتجين للحمضيات والزيتون في محافظة اللاذقية، بما يطابق حساباتهم الحقلية عندما تسابق وتيرة الإجراءات عملية التسويق بكل حلقاتها وتفاصيلها عبر تتبّع آلية تنفيذ هذه الإجراءات على الأرض بشكل يوازي بالاهتمام مرحلة التحضير المسبق لها بهدف تمكين المزارعين من الحصول على مردود يغطّي أعباء وتكاليف الإنتاج وأجور العملية الزراعية وتكاليف العملية التسويقية.
وإذا كانت الزيارات الحكومية والوزارية المتتالية تأتي في إطار المسعى الحكومي الاستباقي الرامي لدعم تسويق المحصولين وتقديم المؤازرة للمزارع ، فلا تزال هناك هواجس مشروعة من المزارعين والعاملين في خدمة قطاعي الزيتون والحمضيات إنتاجاً وتسويقاً ،إذ يؤكد المزارعون أن مؤشر الإنتاجي لا يشفع للمحصول الأول غير المسبوق على مستوى محافظة اللاذقية بكمية تتخطى ٢١٠ آلاف طن زيتون، والثاني نوعيته وجودته ونظافة ثماره بما يدعم مواصفاته التسويقية والتصديرية ،بحسب ما أكدته وزارة الزراعة.
ويؤكد عدد من المزارعين أنّه إذا لم يتم التخلص نهائياً من حلقات الوساطة والسمسرة والاحتكار فإنّ زيت الزيتون سيصبح مادة احتكارية بأيدي السماسرة والتجّار، وكذلك الأمر بالنسبة للحمضيات التي يذهب مردودها وربحها إلى التاجر لعدم اعتماد ضوابط تسويقية محددة ودقيقة ومعلنة مع وضع الإطار التنفيذي لها .
كسر الحلقات
ولعلّ أهم أولويات كسر حلقات الوساطة والاحتكار تقتضي تتبّع حركة تداول زيت الزيتون في الأسواق ،وهذا أكثر من ضروري لأنّ الزيادة الإنتاجية الملفتة في إنتاج محصول الزيتون والكمية المتوقع استخلاصها زيتاً هذا موسم ،كان من المفترض أن ينعكس انخفاضاً على سعر الزيت جراء الوفرة الكبيرة المرتقبة في المادة ، إلّا أنّ المفارقة الصادمة جاءت بانحسار العرض وارتفاع السعر بما يناقض مبدأ العرض والطلب.
ويعزو عدد من الباعة والمستهلكين حصول ذلك إلى السرعة غير المبررة في إصدار قرار تصدير فائض زيت الزيتون وبرقم تصديري واضح ما يدفع التجّار- كعادتهم – إلى الانقضاض المسبق على هذا القرار بما يضمن احتكارهم وربحهم وتحكّمهم بسوق زيت الزيتون، وأما المستهلك الذي استبشر خيراً بوفرة الإنتاج فلا يزال الحلقة الأضعف وأبعد ما يكون عن شراء هذه المادة الضرورية.
استغلال القرارات
ورأى عدد من المزارعين المنتجين لزيت الزيتون أنّ كلّ ما أعلنته واتخذته الجهات الحكومية من إجراءات وقرارات مسبقة لحماية المنتج الزراعي والمزارعين هام وايجابي إلّا أنّ التكاليف والأجور ترتفع مع كل قرار يخدم المزارعين لأن التاجر يتعاطى مع كل قرار و إجراء بما يضمن له استمرار أرباحه المضاعفة بكل السبل والوسائل، ويؤكد عدد من المستهلكين أنّه كان من الأجدى لو تمّ التريّث في قرار التصدير لحين تلبية احتياجات السوق المحلية من الزيت وتمكين المواطن من الحصول على حاجته بعيداً عن الاحتكار ورفع الأسعار المترافق مع التصريح عن التصدير بشكل سابق لأوانه ، ويرون أنّه – للأسف – كل ما أثير فيما مضى و عبر سنوات عن إجراءات وبرامج لتحقيق التوازن في زيت الزيتون و تحديداً بالتشارك بين عدة مؤسسات تسويقية وإنتاجية وبحثية وتصديرية عامة وأهلية لم تسهم في كبح جماح الأسعار ولا في توفير المادة المطلوبة في السوق المحلية بالاسعار المناسبة المقبولة ولاسيما المادة المحققة للجودة والنوعية وهذا ما كان معوّلاً عليه – على سبيل المثال – في مشروع بنك زيت الزيتون السوري لدعم صغار المنتجين وحمايتهم عبر تمويل إنشاء خزانات ستانلس كبيرة بالمواصفات العالمية للتخزين تستوعب الدرجات المختلفة للزيت السوري وإنشاء إدارة لها كشركة مستقلة حيث يقوم صغار المنتجين بإيداع الزيت في الخزانات كتخزين مأجور بالمواصفات الصحية المناسبة يعاد عند الطلب أو يمكن أن يتم شراء الزيت منه وتخزينه لحساب الشركة والهدف من البنك ضبط أسعار زيت الزيتون السوري من خلال الموازنة بين العرض والطلب والحفاظ عليه لتسويقه في أوقات ذروة الأسعار العالمية وإمكانية تلبية الطلبات الخارجية والطلبات الداخلية للمعامل ولكن الواقع لايزال على حاله .
الحل الأمثل
رئيس اتحاد فلاحي محافظة اللاذقية أديب محفوض يؤكد أنّ قارب النجاة والحلّ الأمثل والأنجع لمحصول الحمضيات هو التصدير ،وأنّه بدون التصدير لن تقوم قائمة لهذا المحصول الذي لا تنفرج اختناقاته التسويقية في السوق المحليّة ،واعتبر محفوض أنّ هناك فائضاً كبيراً عن حاجة السوق المحلية ،وهذه حقيقة ، هذا الموسم كغيره من سابقيه وكما هو معروف للجميع – بحسب محفوض – أنّ استهلاك الحمضيات محلياً لايخلّص المحصول من الفائض لأنّ هناك أولويات استهلاكية تسبق مادة الحمضيات وهذا ما يجعل التصدير حاجة ملحّة لمعالجة المشكلة التسويقية .
وعن الإجراءات التي تمّ إقرارها للموسم الحالي بيّن محفوض أنّ تحقيقها مطلب للفلاحين وإنتاجهم ويأمل أن يكون التنفيذ شاملاً ومتكاملاً بما يحقّق تطلعات الفلاحين الذين يعتمدون على الحمضيات والزيتون بشكل كبير ويتكلّفون كثيراً في إنتاجهم .
لا يعكس المردود
و عن مؤشرات الإنتاج و التداول المتباينة حول محصول الزيتون وكمية الزيت المتوقّع استخلاصها .يرى مزارعون أنّ ارتفاع سعر زيت الزيتون لا ينعكس مردوده الاقتصادي بالضرورة تماماً على المزارعين جراء تداخل عوامل عدة من تكاليف الإنتاج ومستلزماته و تكاليف و أجور عصر الزيتون و الحلقات الوسيطة ما يجعل من الضروري اعتبار حاجة السوق المحلية أولوية للجدوى الاقتصادية المباشرة التي ينبغي أن تصب عند المزارع المنتج ويمكن تحقيق التوازن المستمر لتوفيره بأسعار مناسبة في أسواقنا.
احتياجات زراعية
وتبقى الاحتياجات الإنتاجية الزراعية لمحصولي الحمضيات والزيتون أولوية للمزارع ، بل هي همّه واهتمامه بعد أن أثقلت كاهله الأسعار اللاهبة للأسمدة والأدوية الزراعية و أرهقته معايير تقدير سعر المنتج وجودته وتعثّر تصريف الفوائض تصديرياً وداخلياً وتصنيعياً في ظل محدودية دور المؤسسات التسويقية ،وعبء نقل المحصول بين المحافظات وارتفاع الأجور وصرف النظر عن معمل العصائر ، وضرورة أن يكون لاتحاد الفلاحين دور أوسع في العملية التسويقية ،وتسهيل الترخيص لمراكز التوضيب والتغليف ، والبحث عن سبب رفض كميات من الحمضيات المصدّرة ومعالجة المسببات ،وتوفير برّادات التخزين وتأمين المازوت الضروري لنقل الإنتاج وتحقيق العدالة في استجرار الكميات من المزارعين والاهتمام بالمنتجات التصديرية ، وتفعيل دور تنمية الصادرات ،والدولار التصديري .
مقترحات
وفي هذا السياق تحديداً نشير إلى ما أفصح عنه رئيس لجنة التصدير الزراعي في اللاذقية بسام علي في عرضه لمقترحات تحسين الواقع التصديري حول ضرورة النظر في السعر الاسترشادي وفي رسم المانيفست البالغ ٣٠٠ دولار وإلغاء هذا الرسم وإعادة النظر فيه ،والعمل على إصدار السجّل الزراعي أسوة بالسجّل بالصناعي والتجاري واعتماده في تجارة المنتجات الزراعية وتسويق وتصدير الإنتاج الزراعي ولاسيما الحمضيات ، تخصيص سيارات لمراكز الفرز والتوضيب وتأمين المازوت لهذه السيارات ،فيما تؤكد لجنة تسويق الحمضيات على وصول الدعم الزراعي إلى مستحقيه الفعليين المستحقين لهذا الدعم حيث من غير المنطقي أن يتم التعامل بنفس المقياس بين مزارع عنده حيازة كبيرة ومعدّات زراعية كمضخات وغيرها ،وتحتاج إلى مازوت لتشغيلها واعتماد الأتمتة لتحديد الاحتياجات بدقة وحسب الحاجة الضرورية الفعلية ،ومراقبة عمل الصيدليات الزراعية ،وإعادة النظر بالرسوم المفروضة على البرّادات ، وبدون هذه المعالجات سيبقى الفلاح هو الحلقة الأضعف في مجمل العملية الإنتاجية و التسويقية ،والتسديد المسبق للحوالات وإلغاء تعهد قطع التصدير مسبق الدفع .