أخبارصحيفة البعث

تراس تتحوّل إلى عنوان لسخرية المسؤولين الروس

تقرير إخباري:

لا شك أن هذه الحادثة على مستوى الحكومات البريطانية المتعاقبة غير مسبوقة تاريخياً، وذلك أن الشخصية التي تبجّحت كثيراً قبيل استلامها منصبها رئيسة للوزراء عن حزب المحافظين افترضت أن العداء لروسيا وحده يكفي لقيادة البلاد، بينما أهملت جميع المشكلات الاقتصادية التي تعانيها بريطانيا لأسباب تتعلق بسياسة الحكومات البريطانية المتعاقبة أوّلاً، وثانياً بالعقوبات التي أصرّت بريطانيا على تحريض الأوروبيين على فرضها على روسيا، فضلاً عن دعمها النظام في كييف في حرب بالوكالة عنها ضدّ روسيا، وما جرّه ذلك على الحكومة البريطانية من إنفاق هائل على حساب التنمية في الداخل البريطاني، ويبدو أن لعنة روسيا ستبقى تلاحق الحكومات الأوروبية التي ستسقط تباعاً على خلفية الأزمات الاقتصادية التي تسبّبت بها هذه العقوبات للغرب الجماعي.

فقد أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس اليوم استقالتها من رئاسة حزب المحافظين، وذلك بعد 6 أسابيع من تسلّمها المنصب.

ونقلت وسائل إعلام عن تراس قولها في كلمة ألقتها من داونينغ ستريت وحاولت فيها تبرير فشلها: “إنها تسلّمت منصبها في ظل عدم استقرار وفي ظل قلق العائلات من كيفية دفع الفواتير وفي ظل الحرب في أوكرانيا وعدم استقرار اقتصادي على المستوى العالمي”، وكأن هذه الأمور لم تكن واضحة لها قبل استلام منصبها، أو فوجئت بها بعد ذلك، ولكن في الحقيقة كان العمى الذي سبّبه الحقد البريطاني عموماً على روسيا هو المحرّض الأكبر لها على استلام المنصب، ولم تكن مصالح بريطانيا “العظمى” وراء ذلك، حيث ظنّت أنها ستدخل التاريخ من أوسع أبوابه عبر إظهارها مستوى كبيراً من العداء لروسيا، حتى لم يكد يخلو تصريح لها من استعداء هذا البلد.

وفور إعلان تراس استقالتها دعا زعيم حزب العمال البريطاني المعارض كير ستارمر إلى إجراء انتخابات عامة في بريطانيا.

وكان استطلاع جديد للرأي نُشرت نتائجه أمس الأول كشف أن 80 بالمئة من البريطانيين لديهم وجهة نظر سلبية عن أداء رئيسة الوزراء البريطانية، بينما أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “ريدفيلد اند ويلتون” أن حزب العمال المعارض يتقدم بـ36 نقطة على حزب المحافظين.

وتعليقاً على ذلك، قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: إن بريطانيا لم يسبق لها أن شهدت رئيساً للوزراء مثل تراس، التي استقالت اليوم من منصبها بعد 6 أسابيع فقط من تنصيبها.

ونقل الموقع الإلكتروني لقناة روسيا اليوم عن زخاروفا قولها: “ستبقى في الذاكرة خوذتها، وهي على متن دبابة وحديثها الكارثي عن أن بريطانيا لن تعترف مطلقاً بسيادة روسيا على منطقتي فورونيج وروستوف، وهما مقاطعتان تقعان في جنوب غرب روسيا، وكذلك جنازة الملكة اليزابيث الثانية التي جرت مباشرة بعد استقبالها ليز تراس”.

من جهته، أكد رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الدوما الروسي ليونيد سلوتسكي، أنه لا يتوقع تغييرات جذرية في سياسة لندن تجاه روسيا، بغض النظر عمّن سيأتي بعد ليز تراس.

ونقلت نوفوستي عن سلوتسكي قوله في بيان اليوم: استقالت تراس من رئاسة حكومة المملكة المتحدة بعد ستة أسابيع من توليها المنصب، وهذا رقم قياسي غير مسبوق ونتيجة طبيعية عندما يتم استخدام رهاب روسيا والخطاب النووي كبديل عن الكفاءة اللازمة.

وأشار سلوتسكي إلى أن تراس دخلت التاريخ باعتبارها رئيسة الوزراء الأكثر فشلاً، حيث تعرّض البريطانيون خلال فترة توليها لانهيار في الجنيه وانتقال إلى اقتصاد متذبذب وأزمة حكومية أخرى، مقابل معاداة روسيا والدعم الأعمى للنازيين الأوكرانيين لدرجة أنها كانت جاهزة بسهولة للتضحية برفاهية مواطنيها من أجل هذه الأهداف.

وواضح من الحديث الروسي المتناغم، أن روسيا رأت منذ البداية أن مجيء تراس إلى رئاسة الحكومة كان على ظهر حصان عنوانه “معاداة روسيا”، وأن السياسيين البريطانيين ربما لا يجدون شيئاً يعتقدون أنه مطيّة لهم في الوصول إلى المناصب سوى استخدام هذا العداء عنواناً لحملاتهم الانتخابية.

طلال ياسر الزعبي